ليس مهمًا، خاصة في عصور الكوارث والأوبئة والأزمات، أن نكتفي بالتنظير، وإنما أن نطبق هذه النظريات ونُنزلها إلى أرض الواقع، أن نستفيد منها ونجعلها موضع التنفيذ، ومن ثم فإن ممارسة المسؤولية الاجتماعية للشركات هي واجب الوقت حاليًا.
بمعنى أنه إذا كان مهمًا أن تتبنى الشركات، فيما مضى، المسؤولية الاجتماعية، كنظرية، فإنه من الواجب عليها الآن أن تطبقها؛ فالشركات الكبرى والصغرى على حد سواء هي طوق النجاة الذي يمكن أن يُمد إلى الإنسان في ظل ظروف صارخة كهذه.
اقرأ أيضًا: أهداف الشركات.. هل الربح هو الأساس؟
وحدها، إذًا، الشركات التي تؤمن بحتمية لعب دور إيجابي على الصعيد الاجتماعي هي القادرة على إحداث الفرق، والإسهام في التخفيف من لهيب الأزمة، والسؤال الآن هو: ما هي أفضل سبل ممارسة المسؤولية الاجتماعية للشركات؟ أي كيف نتحول من الكلام إلى الفعل، من النظرية إلى الممارسة؟ هذا بالضبط ما سنحاول إماطة اللثام عنه في هذا المقال.
يشير Guillermo Miranda؛ المسؤول الأول عن المسؤولية الاجتماعية للشركات في شركة IBM، واستنادًا إلى تقرير بعنوان “Reinventing CSR in the Digital Economy”، إلى أن هناك ثلاثة عوامل أساسية من الممكن أن تساعد في ممارسة المسؤولية الاجتماعية وتطبيقها بشكل فاعل، وهذه العوامل هي:
اقرأ أيضًا: آليات تفعيل المسؤولية الاجتماعية
1- دمج المسؤولية الاجتماعية في نسيج المنظمة
بمعنى أنه ليس كافيًا إن نحن أردنا ممارسة المسؤولية الاجتماعية ممارسة فاعلة ومجدية، أن نقصرها على مجرد توجيه بعض الأرباح الشركة لأداء بعض الأنشطة الخيرية هنا وهناك، بل، وعلى العكس من ذلك، أن تكون المسؤولية الاجتماعية مبدأ حاكمًا من مبادئ المنظمة، وأن يتم دمجها في الاستراتيجية العامة.
فإذا أراد أحد البنوك أن يدمج المسؤولية الاجتماعية في استراتيجيته العامة يجب عليه أن يتخذ خطوة أخرى إلى الأمام، بمعنى أن يوفر القروض والتمويل اللازم لإنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن يعمل على الحد من الفقر والقضاء على البطالة وفقًا لأسس ومعايير محكمة ومنظمة.
اقرأ أيضًا: الاقتصاد والمجتمع.. ملامح التأثير الإيجابي
2- التركيز على المستخدم
إذا كان العميل هو جوهر اهتمام أي منظمة تسعى إلى الربح، وإحداث النقلات النوعية، فمن الواجب أن يكون هذا التركيز على المستخدم هو المحدد الحاكم لكل المبادرات الاجتماعية، فهذا هو الهدف النهائي الذي تتجه إليه كل ممارسة اجتماعية.
وعلى ذلك، فمن الواجب على الشركة/ المنظمة إن هي أرادت، على سبيل المثال، أن تقدم تدريبًا مهنيًا لبعض أعضاء مجتمعها المحلي الذي تعمل فيه، ألا تكتفي بعقد مجموعة من الورش والدورات العامة، وإنما تعرف المهارات المتوفرة بالفعل لدى هؤلاء الأشخاص الذين تود خدمتهم، بل تساعدهم في اكتشاف ما لديهم من مواهب وخبرات كذلك، ثم، وفي مرحلة تالية، تعمل على مساعدتهم في الحصول على الفرص الوظيفية المناسبة لهم.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية.. وسيلة غير تقليدية لكسب الأرباح
3- الإنشاء المشترك
إن خير وسيلة لإقناع بعض الناس بجدوى مشروع ما أن تشركهم معك في إنجازه، خاصة إذا كانوا من أصحاب المصلحة، أو من الجهات والمنظمات الفاعلة التي تود العمل فيه، وعلى ذلك فإن الأمر يتعلق بمحاولة الاستفادة من كل الميزات والخصائص الإيجابية التي تتمتع بها هذه المنظمة أو تلك في المجتمع.
فمن خلال إشراك هذه المنظمات والمؤسسات والجهات معك لن تتمكن من أداء المهام التي آليت على نفسك النهوض بها فحسب، وإنما ستفعل ذلك على النحو الأمثل، هذا من جهة، وستضمن، من جهة أخرى، مشاركة الجميع معك من أجل إنجاح مشاريعك ومبادراتك الاجتماعية.
إن إعادة النظر في الكيفية التي تتم بها المبادرات والأنشطة الاجتماعية أمست أمرًا محتمًا، لا سيما أن العالم برمته _بما في ذلك عالم المال والأعمال وبنية العمل وطبيعته ذاته_ يُعاد النظر فيه من جديد.
اقرأ أيضًا:
المستهلك الأخضر.. عندما تلتزم الشركات بمسؤوليتها البيئية
الشركات الخضراء.. علاقة ودية بين المؤسسات والبيئة
معايير نجاح الشركات.. وسائل للربح المستدام