حاورها / حسين الناظر
نجحت في استثمار موهبتها في تصميم الأزياء، بتأسيس علامة تجارية وطنية في عالم الموضة والأناقة، تتطلع لأن تكون جسرًا للثقافة السعودية إلى العالم الخارجي.. سخرت فنها لخدمة الوطن وقضاياه لإيمانها بالمسؤولية المجتمعية، فترجمت ما يعيشه الوطن من أحداث إلى تابلوهات فنية، وأطلقت تصاميم “الجيش” و “عاصفة الحزم”، فاستحقت لقب “مصممة الوطن”.. إنها أمل الغامدي؛ الرئيس المؤسس لدار أزياء أمل الغامدي؛ نائب رئيس لجنة شابات الأعمال بغرفة جدة، والتي كان لنا معها هذا اللقاء…
ــ كيف جاءت فكرة مشروع “دار أزياء أمل الغامدي” ؟
دار أزياء أمل الغامدي هو حلم لي منذ الطفولة، وقد تحقق- بفضل الله- بالموهبة والدراسة والعمل الجاد طوال 9 سنوات، فبعد حصولي على الليسانس في علم النفس، حصلت على دبلوم تصميم الأزياء بيرجو ، وعدة دورات مكثفة في مجال الأقمشة وتطوراتها، والخياطة المصنعية، ومررت بكثير من التجارب واكتساب الخبرات في مجال التصميم.
قررت بعد أن نالت أعمالي إعجاي الكثيرين، تأسيس “دار أزياء أمل الغامدي”، والتي وظفت فيها خبراتي العملية والعلمية في تصميم فساتين الأعراس وغيرها.
علم النفس
ــــ هل كانت دراستك لعلم النفس تأثير على عملك كمصممة؟
أفادتني دراسة علم النفس كثيرًا في فهم نفسية المرأة السعودية، وميولها، فبمجرد أن أرى العميلة وأستمع إليها، أترجم على الفور ما تريده من التصميم؛ وهو ما أراح كثيرًا من الزبائن، فأسمعهم يقولون: “أمل تفهمنا”، “أمل تقنعنا”.
كذلك، أفادتني دراسة علم النفس في فهم الألوان وعلاقتها بالحالة المزاجية والنفسية للمرأة، فقد تتشابه أذواق الفراد، لكن تختلف نفسياتهم وأمزجتهم؛ لذا على المصممة فهم ذلك جيدًا؛ حتى يكون تصميمها موافقًا لمزاج العميلة. وأعتقد أنه عامل مهم جدًا يميزني عن غيري.
وأحب أن أذكر في هذا المقام، أن كثيرًا من مشاهير المصممين بعد أن قطعوا شوطًا في عالم التصميم، اتجهوا لدراسة علم النفس لفهم نفسية وأمزجة العملاء؛ لذلك أنصح رواد الأعمال في أي مجال بدراسة علم النفس؛ لأنه سيساعدهم كثيرًا على النجاح في حياتهم العملية، وفهمهم أكثر للسوق وللزبائن في ظل التقلبات والتغيرات العالمية في الاقتصاد وغيره.
ــ ما النجاح الذي تحقق حتى الآن ؟ وهل راضون عما تحقق من نجاحات ؟
وصلت بفضل الله إلى مرحلة متقدمة من النجاح؛ فأصبح لي بصمة في عالم الأعمال، فلم أقف عند هذه المرحلة، بل أسست “دار أزياء أمل الغامدي للهوتكتور”، كما سأطلق قريبًا علامة تجارية في الأسواق، علاوة على أننا نمتلك فروعًا للزي الموحد الفاخر.؛ أما عن آخر نشاطاتي، فقد أطلقت “شركة أطوار لتطوير الأعمال” لتتماشى مع رؤية 2030.
مصممة الوطن
ــ كيف جاء لقب” مصممة الوطن” ؟ وما أهميته بالنسبة لك؟
هذا اللقب تاج على رأسي، ويلقي على كاهلي مسؤولية كبيرة بتمثيل وطني دائمًا في أهم المناسبات الوطنية؛ ما يدفعني لمزيد من الإبداع والتألق. وقد أطلقه عليّ صاحب السمو الملكي؛ الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز؛ محافظ جدة في افتتاح معرض شباب وشابات الأعمال 2015؛ كأول مصممة أزياء سعودية تحصد هذا اللقب.
وروعة اللقب في أنه لم يُمنح لأحد من قبل، وأنه جاء تكليلًا لجهود طويلة، حرصت فيها على إضفاء الطابع السعودي على تصميماتي، وإبراز روعة وأناقة أزيائنا التاريخية والتراثية التي تتميز بها المملكة ومنطقة الخليج العربي، والاستفادة من هذا الزخم من الإرث الحضاري الذي تزخر به المملكة.
عاصفة الحزم
وقد كنت أول من صمم “عاصفة الحزم” ، من خلال مشاعر جياشة مواكبة لما تشهده المملكة في حدها الجنوبي وحربها على الإرهاب بعزم وحزم، كنت أريد ترجمة هذه المشاعر لجنودنا البواسل من خلال عملي، فقمت بتصميم فستان يعبر عن تضامننا معهم ودعواتنا لهم؛ لإيماني بأن كل شخص يستطيع أن يعبر عن مشاعره من خلال عمله، وأنَّ المرأة السعودية قادرة أيضًا على توصيل رسالة وطنية لكل العالم من خلال أعمالها.
والحمد لله، لاقى العمل نجاحًا كبيرًا ولافتًا، فقد تم تكريمي من عدد من أصحاب السمو الملكي، ومن الإعلام والصحافة السعودية، وتوالى تكريمي بهذا اللقب داخل وخارج المملكة؛ حتى أصبح الجميع يناديني بـ “مصممة الوطن”.
الروتين الحكومي
ــ ما التحديات التي واجهتك في تنفيذ المشروع ؟
التحديات في مجالنا كثيرة، والكل يعانين منها، في مقدمتها: صعوبة الحصول على تراخيص، وبطء وروتين الإجراءات الحكومية لمهنة تصميم الأزياء خاصة، وأعتقد أن هذا وجد سبيله للحل في ظل اللوائح والقوانين الجديدة، وسياسة الحكومة لتسهيل وتشجيع رواد الأعمال الشباب.
ونعاني في مجال الملكية الفكرية وتسجيل التصاميم الضروري لحماية الإبداعات والتصاميم، وأيضًا نظرَا لأن مهنة التصميم تمر بمراحل المقاسات والخياطة والتطريز، فتحتاج إلى العمالة المهنية المدربة والمحترفة في مهنة تصميم الأزياء.
ونعاني من نقص شديد في الأكاديميات والمعاهد المتخصصة في تخريج المهنيات المتخصصات من السعوديات المحترفات في مهنة الخياطة والتطريز، ما يؤدي إلى الاستعانة بالعمالة الوافدة من الخارج، والتي هي مكلفة وفي الوقت نفسه باتت هناك صعوبة كبيرة في الاستقدام والحصول على تأشيرات.
منافسة شرسة
ــ ألا ترين أنَّ تأسيس علامة تجارية جديدة في عالم الموضة أمر صعب في ظل المنافسة العالمية؟
أتفق معك في صعوبة هذا، لكن إذا نظرنا إلى حجم الانفاق على الموضة والأزياء في المملكة، سنجده هائلًا، وهو قطاع ضخم تسيطر عليه العلامات الأجنبية؛ ما يتطلب وجود علامات وطنية تنافس بقوة للفوز بنصيب من هذه الاستثمارات الضخمة، خاصة وأنَّ المملكة سوق كبير، وأنَّ هذه الصناعة تشهد رواجًا متزايدًا.
ولأنَّ هدفنا هو تشجيع العلامات الوطنية للمنافسة بالإيمان والتخطيط السليم والسعي للتميز؛ فقد أسست لـعلامة تجارية وطنية (براند) تنبع من الهوية السعودية، وترتكز على فكر المنتج العالمي في الجودة والمواصفات العالمية.
يساندني في هذا المجتمع السعودي الذي اعتبره أكبر مشجع لي؛ إذ ينظر إلى المصممة باعتبارها صاحبة أرقى مهنة، خاصة وأنني أسعى لإضفاء اللمسة الفنية العصرية والذوق الرفيع على التصميم ذي الطراز الشرقي، وأحرص على أن تكون تصميماتي محل الاختيار الأول للمرأة والفتاة السعودية.
ــ المنافسة في مجال تصميم الأزياء شرسة محليًا وعالميًا، فكيف تغلبتِ عليها؟ وما هي ميزتك التنافسية؟
المنافسة كبيرة، ولكنَّ البقاء للأصلح من خلال قاعدة العميل والمستهلك الذي من خلاله ينطلق مصمم الأزياء، وهذا مقياس المصداقية وتواجد المصمم واستمراره.
وقد نجحت ــ بفضل الله ـــ في عمل خط خاص بي من الموضة العالمية، تميزت فيه عن جميع المصممات؛ إذ تمزج تصميماتي بين القصات الأوروبية والإبداع الشرقي الخليجي، وتجمع بين الحداثة والكلاسيكية، والأنوثة والفخامة الخليجية، وهذا هو أساس تميزي ، فضلًا من قربي من عملائي ومعرفة متطلباتهن، باعتباري واحدة منهن؛ ما جذب كثيرًا من فئات المجتمع- ولاسيما النساء- من الفئات العمرية 15 عامًا فأكبر.
ــ إرضاء المرأة السعودية والخليجية يبدو صعبًا، فكيف نجحتِ في كسب ثقتها؟
هذا صحيح، فالمراة الخليجية والسعودية تتميز بذوقٍ راقٍ، وتحرص دائمًا على التميز واقتناء كل نفيس، فنجدها زبونًا لدى بيوت الأزياء العالمية، ومتابعة لكل جديد في عالم الموضة والأزياء؛ لذا من الصعب إرضاؤها مالم يكن منتجك مميزًا.
وقد نجحت في هذه المهمة الشاقة بكسب ثقة كثيرٍ من البيوت الخليجية باختلاف العوائل، وهذا بفضل الله أولًا، ثم حرصي على التميز والجودة، والإبداع الدائم؛ وهو ما يقف وراء نجاحي واستمراري.
دعم رائدات الأعمال
ــ من خلال موقعك بلجنة شابات الأعمال بغرفة جدة، ما الذي تقدمه اللجنة والغرفة لرائدات الأعمال؟
تسعى غرفة جدة دائمًا من خلال برامجها إلى دعم رواد الأعمال، كما أنَّ علينا دورًا كبيرًا في التعريف بإنجازات المرأة السعودية في قطاع تصميم الأزياء بعد أن حققت مكانة متقدمة في هذا المجال على المستوى المحلي والعالمي.
تذليل العقبات
ــ ما دورك في تذليل العقبات أمام رائدات الأعمال؟
لقد كان هذا موضوع إحدى اللقاءات الهامة التي عقدتها الغرفة، وشاركت فيه نحو 300 مصممة أزياء سعودية، لبحث المعوقات أمامهن، وبحث سبل دعمهن.
وعلى المستوى الشخصي، أسعى منذ بداية مشواري لأن أكون داعمًا كبيرًا لكل رائدة أعمال من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، ومن خلال تواجدي بالجامعات والمؤتمرات والملتقيات؛ فأسعى إلى صقل قدرات طالبات وخريجات أقسام التصاميم والتطريز بالكليات والمعاهد المتخصصة؛ ليصبحن في مستويات تأهيلية عالية لسد حاجة سوق العمل في هذا القطاع.
ــ حدثينا عن دورك في دعم شابات المملكة وتدريب رائدات الأعمال..
هناك معرض سنوي لشباب الأعمال يُقام ببرامج مختلفة، وهناك أيضًا دورات داعمة لرواد الأعمال، وملتقيات تستضيف رواد أعمال نجحوا ليستفيد الاخرون من تجاربهم.
وأدعو جميع الفتيات والسيدات- وبالأخص المصممات السعوديات- لتسجيل حضورهن في مختلف المحافل المحلية والعربية العالمية ومعايشتهن لأحداث المجتمع المختلفة، لصقل مواهبهن، واكتساب مهارات وخبرات جديدة.
ــ وماذا عن تدريب الفتيات على مهنة التفصيل والخياطة وتصميم الأزياء ؟
لدينا نقص شديد في هذا المجال؛ لذا يتم العمل على تأسيس أكاديمية متخصصة للتدريب على التصميم وصناعة الأزياء، فيما أعتبرها خطوة مهمة جدًا يستحق القائمون عليها الشكر الموصول.
وأرى أن هذه المهنة مازال فيها اجتهادات كبيرة، وألفت النظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي(السوشيل ميديا) ساعدت في الوصول لكثير من الراغبات في تعلم هذه المهنة بجدارة.
المرأة وريادة الأعمال
ــ أين تقف المرأة السعودية في عالم الأعمال؟ وما الذي ينقصها؟
من خلال خبرتي في مجال الأعمال، أرى أن المرأة السعودية متميزة ومتفوقة في هذا المجال؛ إذ برزت مؤخرًا عدة أسماء تؤكد على ذلك في مجالات متعددة، وأرى أيضًا أن لرؤية ٢٠٣٠ دور كبير في إنجاح المرأة السعودية.
ــ لايتناسب إقبال المرأة السعودية على ريادة الأعمال مع مكانتها، فما تعليقك؟
اختلف معك، فقد تغيرت هذه الصورة في السنوات الأخيرة؛ إذ أصبح لدينا نسبة كبيرة من رائدات الأعمال السعوديات متواجدات بفاعلية، وساهمت السوشيال ميديا في إبرازهن أكثرظ. وأرى أن الإقبال متزايد وسريع من المرأة على ريادة الأعمال، خاصة في ظل التطور الكبير الذي يشهده المجتمع السعودي، وحرص القيادة على الاستفادة من طاقات المرأة كقوة مؤثرة في المجتمع، وتقديم سبل الدعم المتنوعة لها، فالحكومة السعودية من أكثر الدول المشجعة لريادة الأعمال؛ وهو ما لمسناه كثيرًا في البرامج المهمة في مجال التعليم، والمؤتمرات والملتقيات التي يتواجد فيها أصحاب السمو الملكي من أمراء وأميرات لدعم رواد ورائدات الأعمال .
وأعتقد أيضًا أن توجهات رؤية ٢٠٣٠ ساهمت كثيرًا في وضع الحلول، والتغلب على المعوقات التي تعترض عمل المرأة.
ــ من مثلك الأعلى في عالم الأعمال ؟
هناك كثير من الأسماء؛ أهمهم: كوكوشانيل وفرزاتشي، فقد بدآ من الصفر، وثم توسعت أعمالهما لتشمل إلى جانب الأزياء العطور، والفنادق، وغيرها.
جوائز وطموحات
حصلتِ على العديد من الجوائز، ما أهمها ؟
حصلت على كثير من الجوائز والتكريمات من داخل وخارج المملكة، وحصلت على جائزة أفضل 5 مصممات على مستوى المملكة ، ولكن الأقرب لي كان تكريمي بلقب “مصممة الوطن” داخل المملكة كأول مصممة أزياء سعودية تلقب هذا اللقب.
أطمح في أن تصبح “دار أزياء أمل الغامدي” جسرًا لعبور الثقافة السعودية للعالم، ووجهة للموضة العالمية، يتطلع الجميع من دول العالم إلى اقتناء منتجاتها.
وأتمنى أن تكون هناك صناعة عربية موحدة في مجال الأزياء بأيدٍ وطنية عربية تصدر للعالم جميعًا؛ لأن الوطن العربي قادر على المنافسة، وبه أيدٍ عاملة مميزة.