إذا كان الاقتصاد عبارة عن نظريات ونماذج فكرية تشرح كيفية بناء الثروة، وطريقة تعامل الأفراد مع الموارد- بوصف عملية الإنتاج، وتقديم التحليل المناسب لها، ومتابعة استهلاك وتوزيع الثروة- فإنَّ رائد الأعمال هو من ينفذ ويطبق فعليًا تلك النظريات؛ مايعني أنَّ هناك علاقة تكاملية بين ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، باعتبار أنَّ الأولى هي التي تشجع على تأسيس المشاريع المبتكرة.
ولاشك في أنَّ حلم الثراء أمر مشروع للكل، ولكن للحصول عليه ثمن؛ وهو العمل والتخطيط السليم، مع الأخذ بالأسباب الموصلة للهدف؛ لأنَّ السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة.
ولعل من الأسباب التي ربما يجمع عليها كثيرون- وفي مقدمتهم أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة- التحلي بالأخلاق الحميدة؛ كالصدق والأمانة والنزاهة في كل المعاملات، والتفاؤل، مع اختيار نشاط يستمتع به رائد الأعمال، ويبذل قصارى جهده للقيام به، واعتقاده بأنَّ منتجه سوف يحقق الانتشار بسرعة، مع الوضع في الاعتبار الواقعية والعقلانية في توقعاته؛ حتى لا يُصاب بالإحباط إذا جاءت النتيجة عكسية.
كذلك، على رائد الأعمال الحرص على اختيار اسم وشعار متوافقين مع مشروعه؛ لأنَّ الشعار الجيد من أسباب الوصول للنجاح، مع توفير السيولة المالية الكافية لتغطية تكاليف المشروع، وإدارة الأموال بحكمة، واختيار فريق عمل جاد ومنسجم مع بعضه البعض.
ولنجاح العمل، ينبغي وضع خطة عمل مدروسة، قابلة للتطبيق، محددة الأهداف، تتضمن خطة تسويق فعالة، مع وضع تحليل واقعي للسوق المنافسة مبنى على قراءة صحيحة؛ لمعرفة ما تقدمه ومحاولة التميز عنهم من حيث الجودة أولًا، والسعر ثانيًا، مع عرض المنتج بصورة إيجابية، والحرص على إيجاد ميزة تنافسية، وتحديد العملاء المستهدفين، والاستماع إلى آرائهم؛ فذلك يساعدك على تحقيق أفضل المكاسب وبأقل التكاليف، مع توطيد العلاقة مع كبار التجار والشركات ذات السمعة؛ فالتعامل معهم تجاريًا يزيد من فرصك لجذب عملاء جدد.
واحرص على أن تبدأ مشروعك في السوق المحلية القريبة؛ لأنها أقل تكلفة، وفي الوقت ذاته تمكنك من الحصول على نتائج وردود أفعال مفيدة في تطوير المنتج. ولاتغفل أهمية الجانب القانوني، تجنبًا للوقوع في مخالفات موجبة للعقوبة؛ ماقد يكلف مشروعك الكثير، فمعرفة القوانين ذات العلاقة- بما تمارسه من نشاط- يحفظ حقوقك ويحميك من الآخرين.
ولست ملزمًا بالتعاقد مع مكاتب المحاماة والاستشارات الكبيرة، بل يكفيك التعاون مع مستشار قانوني ملم بالقوانين، ومعرفة جهات الاختصاص لكل خلاف، ومعرفة القانون المطبق في حالة هذا الخلاف؛ لأنه من المعلوم أن “القانون لا يحمي المغفلين”.
وخلاصة القول، تذكر أنَّ تجارب الحياة خير مدرسة، فاستفد من تجارب الآخرين الذين سبق لهم تحقيق النجاح، وتجنب الانفراد برأيك، بل تشاور مع موظفيك؛ استمع إلى آرائهم، وخذ أفضلها، وتجنب العشوائية والمغامرات غير المحسوبة، وتذكر أنك تعمل في مجال يعمل به غيرك، وأنَّ البقاء للأفضل، وتأكد أنَّه متى تمكنتَ من تحويل أفكارك وأحلامك- مهما كانت- إلى حقيقة، فأنت رائد أعمال.