لم تكن زيارة خادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان لتونس من أجل حضور القمة العربية فقط، بل أيضًا لتدشين مشروعات وتوقيع اتفاقيات بنحو 390 مليون دولار؛ إسهامًا من المملكة في تقوية العلاقات المتميزة بين البلدين؛ حيث أكد محمد بن محمود العلي؛ سفير خادم الحرمين الشريفين بتونس، مدى تميز وقوة العلاقات الثنائية بين الجانبين، مشيرًا في حواره مع “رواد الأعمال” إلى أن الزيارة شهدت توقيع اتفاقيات وتبادل أوسمة وتدشين مشاريع تنموية، وعقد لقاءات ثنائية، وأمورًا أخرى..
حوار- أحمد الزيلعي
سعادة السفير، كيف كان وقع أخبار الزيارة الرسمية لخادم الحرمين الشريفين إلى تونس؟
تأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز أواصر الأخوة والصداقة التاريخية وتوثيق علاقات التعاون المتينة والمتعددة التي تجمع بين البلدين الشقيقين قيادة وشعبًا في جميع المجالات؛ حيث استعدت تونس لاستقبال ضيفها المبجل خادم الحرمين الشريفين في زيارته الرسمية، والذي ترأس وفد المملكة في القمة العربية الـ(30) في تونس يوم 31 مارس، كما أن المملكة العربية السعودية من أهم البلدان التي ساندت تونس في كفاحها ضد الاستعمار.
ويرجع تاريخ العلاقة بين البلدين إلى عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود – طيب الله ثراه – عام 1951م عند استقباله للحبيب بورقيبة، وتقديم الدعم المعنوي والمادي له؛ ما أسهم في دعم الحركة الوطنية التونسية في نضالها من أجل نيل الاستقلال، وما تبعه من زيارات لملوك المملكة ومسؤوليها على مر التاريخ، والتي كان آخرها زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد إلى تونس في 27 نوفمبر 2018م.
وقد لاقت زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى تونس ترحيبًا واسعًا على المستوى الرسمي والإعلامي والشعبي؛ حيث تزينت شوارع تونس بلوحات ترحيبية بمقامه الكريم، وأبرزت وسائل الإعلام التونسية هذه الزيارة الكريمة من خلال تغطيتها بشكل دائم، وما أسفرت عنه من نتائج مفرحة للشعب التونسي الشقيق، مع تسليط الضوء على المشاريع التنموية السعودية في تونس.
المملكة ثالث مستثمر عربي بتونس
ما هو دور المشاريع التي أمر بها الملك سلمان في تونس؟
تعد المملكة ثالث مستثمر عربي في تونس؛ حيث يبلغ عدد المؤسسات السعودية- أو ذات المساهمة السعودية- 45 مؤسسة باستثمارات ضخمة، كما قام الصندوق السعودي للتنمية منذ السبعينيات وحتى اليوم بتمويل العديد من المشاريع التنموية الكبرى في تونس، كما تواصل دعم واهتمام المملكة بتونس في كل ما يرسخ الاستقرار السياسي والاقتصادي التونسي، وتحفيز وإنعاش النشاط الاقتصادي؛ من خلال مساهمات الصندوق السعودي للتنمية في تمويل المشاريع التنموية، والتي في مقدمتها ما أُزيح عنه الستار خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين:
1. مشروع الملك سلمان لترميم جامع عقبة بن نافع والمدينة العتيقة بالقيروان، بقيمة (15) مليون دولار.
2. مشروع الملك سلمان لترميم جامع الزيتونة المعمور، بقيمة (5) ملايين دولار.
3. مشروع إنجاز وتجهيز مستشفى الملك سلمان الجامعي بالقيروان، بقيمة (85) مليون دولار.
وجميع هذه المشاريع قدمتها حكومة المملكة كهبة لتونس، تأكيدًا على دعمها لجهودها التنموية.
كذلك، تم توقيع اتفاقيتين بين الجانبين؛ وهما:
1. قرض تنموي لمشروع حماية المدن والمناطق العمرانية من الفيضانات، بقيمة (85) مليون دولار.
2. تمويل صادرات سعودية لصالح الشركة التونسية لصناعات التكرير، بقيمة (200) مليون دولار.
الصندوق السعودي للتنمية
سعادة السفير، متى تتوقعون بدء انطلاق تلك المشاريع؟
جميع هذه المشاريع جاري العمل على تنفيذها بشكل منظم ومدروس بإشراف الصندوق السعودي للتنمية، ومنها مشروع ترميم جامع عقبة بن نافع بالقيروان الذي شُيِّد سنة 50 للهجرة، وكذلك مشروع ترميم جامع الزيتونة المعمور، وهما معلمان تاريخيان هامان، يحتاج ترميمهما إلى دراسة دقيقة، تجري حاليًا، أما مشروع مستشفى الملك سلمان بالقيروان فسوف تنطلق أعمال بنائه قريبًا، بعد الانتهاء من الدراسات والمخططات الخاصة به.
دعم قمة تونس
كيف دعمت المملكة العربية السعودية قمة تونس؟
جاءت مشاركة المملكة في القمة العربية الـ(30) في تونس بترأس خادم الحرمين الشريفين لهذه القمة، وحرصًا على توحيد العمل العربي المشترك، وتكريس التضامن والتعاون والبناء بما يساعد البلدان العربية على مجابهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيزًا للاستقرار في المنطقة، باعتبار المملكة صمام الأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، والبوصلة لتحديد مسار القرار العربي المشترك.
كيف ترون دور اللجنة السعودية التونسية المشتركة؟
لا شك في أن دور اللجنة المشتركة هام ومحوري؛ من خلال عملها على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، والتعاون في المجالات الاقتصادية والإنمائية، والاستثمارية، والتعاون في المجال الجمركي، والمالي، والصناعي، والمناجم والنفط والتعدين، والتعاون في المجال الزراعي والمياه، والكهرباء، والسياحة، وإزالة كافة الحواجز والعوائق بكل أشكالها والتي تحد من انسياب التجارة بين البلدين الشقيقين.
الاستثمار السعودي الخاص
ما هو حجم ومجالات الاستثمارات السعودية لرجال الأعمال والشركات السعودية بتونس؟
يبلغ مجمل الاستثمارات السعودية في تونس ما بين 3 و4 مليارات دولار؛ حيث تستثمر السعودية حاليًا في 38 مشروعًا في قطاع السياحة بمنطقة البحيرة، بنحو 1.5 مليار ريال. ولا شك في أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الكريمة لتونس ستنعكس على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ومن ضمنها تدفق الاستثمارات السعودية.
وأخيرًا أتمنى التوفيق والنجاح الدائم لمجلة “رواد الأعمال ” المتميزة.