كان ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وآليات التكنولوجيا، ودخولها إلى مجال المال والأعمال بمثابة الثورة التي خلخلت أُسس المجتمعات، وخلقت ما يمكن تسميته مجتمع الشبكات، وهي ذاك النوع من المجتمعات الذي يمكن اعتباره مجتمعًا افتراضيًا.
أسهمت هذه الوسائط التكنولوجية المختلفة، كذلك، في إحداث تغيير داخل بنية الوظائف، وطرائق الإدارة، وأساليب أداء المهام الوظيفية المختلفة، كل هذه الأمور وغيرها بالطبع تجعلنا نقول، وعن طيب خاطر، إن التكنولوجيا الحديثة ووسائطها المختلفة وضعتنا على أعتاب عصر جديد.
وسائط التكنولوجيا.. فرص بلا حدود
خلقت الوسائط التكنولوجية الكثير من الفرص للعاملين وللشركات على حد سواء، بل للمجتمع بأسره، فالنفع المتحقق من وراء التكنولوجيا واستخدامها عام ومتعد، دون أن ينفي هذا، بطبيعة الحال، وجود بعض الأضرار الناجمة عن استخدامها.
لكنها قلبت دفة الأمور رأسًا على عقب، وخلقت العديد من الفرص، وسهّلت الكثير من المهام التي كانت صعبة فيما مضى؛ باختصار فتحت لنا بابًا واسعًا من الإبداع، ومنجمًا عميقًا من الفرص.
يتيح الإنترنت وشبكات ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة للمسوقين فرصة من نوع فريد؛ إذ إنها تساعدهم على معرفة نوعية المستهلكين في مجتمعاتهم المختلفة، والطريقة التي يُعبّرون بها عن احتياجاتهم ورغباتهم المختلفة، وبالتالي تتيح لرجال التسويق الفرصة لوضع الخطط التسويقية المناسبة؛ للتواصل مع هؤلاء المستهلكين المحتملين، واتخاذ القرارات الصائبة والمناسبة لكل فئة من الفئات المستهدفة.
الدفة بيد المستهلك.. العميل هو القائد
كان من بين التغيرات الكثيرة التي جلبها الاقتصاد الرقمي، ووسائط التكنولوجيا المختلفة، هو جعل العميل أو المستهلك في موقع القيادة؛ فلم يعد دُمية في يد الشركات ولا المخططين التسويقيين، بل أمسى، بفضل المميزات التي منحها له مجتمع الشبكات وآلياته المختلفة، هو المتحكم بدفة الأمور.
فكل الشركات والمؤسسات تسهر على خدمته، وتلبية رغباته، وهذه الطريقة في التسويق، أو بالأحرى هذا النوع من التسويق، هو ذاك الذي بات يسمى، مؤخرًا، “التسويق غير الخطي Non linear Marketing”، وهو ما يُعرف، وفقًا لتعريف جمعية التسويق الأمريكية، بأنه “عملية خلق الطلب على/ والتفضيل للمنتج أو الخدمة من خلال تحقيق مشاركة العميل في حياة العلامة التجارية”.
يعني هذا، إذن، أن حياة المنتج، وتطور العلامة التجارية متوقفان على العميل ذاته، أي أنه هو الذي يتحكم في عملية تطوير المنتج، ونمو العلامات التجارية المختلفة، دون أن يتم، كما كان يحدث مع التسويق التقليدي، إملاء رغبات الشركات عليه.
التكنولوجيا والأعمال الإلكترونية E- Business
خلقت التكنولوجيا الحديثة ووسائطها المختلفة نمطًا معينًا من الأعمال أو التجارة يمكن اعتباره نمطًا إلكترونيًا، وهي تلك الأعمال التي يتم القيام بها، وأداء المهام المرتبطة بها عن طريق الإنترنت والآليات التكنولوجية المختلفة.
إن هذا النمط من الأعمال كان سببًا في انتشار الوسائط التكنولوجية المختلفة ونتيجة لها، بيد أنه، وهو الأهم هنا، غيّر في الطريقة المتبعة في التفكير، وأداء المهام، بل أداء أنشطتنا المختلفة في الحياة اليومية.
مجتمع الشبكات.. نمط جديد من المجتمعات
عندما طرح عالم الاجتماع مانويل كاستلز؛ هذا المفهوم (مجتمع الشبكات)، كان على دراية تامة بما ستحمله هذه الألفية الجديدة من تغيرات وتطورات على شتى الأصعدة؛ ما يعني أنه من الواجب علينا دراسة هذه التغيرات جيدًا، ومحاولة التكيف معها، وخلق أفضل وأنسب الوسائل للتعامل معها؛ حتى يمكننا في النهاية تحقيق أكبر قدر من المكاسب من خلالها.
وعلى نهج “كاستلز”؛ سار قوم آخرون من العلماء والمفكرين، الذين راحوا يكشفون لنا عن جوانب هذه التحولات المختلفة التي طرأت على شكل وبنية المجتمعات الحديثة.
ولعل أبرز هؤلاء المفكرين؛ الكاتبة الأمريكية Sherry Turkle؛ خاصة في كتابيها “life on the screen”، و”the second life”، وهي وإن لم تكن تعزف نفس سيمفونية “كاستلز”؛ فإن تحليلاتهما معًا تؤدي إلى نفس النتيجة: أن المجتمعات البشرية شهدت حالة من التغير الجذري بفعل الوسائط التكنولوجية المختلفة، ومن المتعين علينا العمل على تحقيق أكبر قدر من الاستفادة من هذه التحولات واتقاء سلبياتها.
اقرأ أيضًا:
إنجاز المهام الصعبة.. 5 تطبيقات ذكية لتنظيم المشاريع الصغيرة