كشف الدكتور حميد الشايجي؛ عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المتخصص في علم اجتماع الجريمة، عن أن الشائعة تنتقل بين “المتعلمين” بشكل أكبر من الأميين، مبررًا ذلك بأن أصحاب الشهادات يستخدمون الأجهزة الذكية أكثر من غيرهم ويتناقلون الأخبار أسرع، فيما حذرت الدكتورة مريم بنت نوح؛ الباحثة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والمتخصصة في الأمن السيبراني، وعضو الجمعية السعودية لأمن المعلومات “حماية”، من الدخول لمواقع مشبوهة تصدر إحصائيات عن جائحة فيروس كورونا؛ ما يعرض الأجهزة للاختراق.
جاء ذلك خلال لقاء نظمته جمعية المكتبات والمعلومات السعودية “عن بُعد”، مساء يوم الخميس، بعنوان (مواجهة الشائعات في أوقات الأزمات.. جائحة فيروس كورونا مثالًا) وأدارته شروق العتيبي؛ وحضره أكثر من 500 شخص من 23 دولة عربية وآسويه، بالإضافة إلى أمريكا وأستراليا، وشارك فيه 12 محاضرًا ومتخصصًا في المعلومات من “المملكة ومصر والكويت والأردن”.
وتناول “الشايجي” تعريف “الشائعة” قائلًا إنها معلومة يتم تداولها دون التأكد من صحتها، والبعض يتناقلها لأهداف أخرى ضارة، مبينًا أن هناك ثلاثة أنماط للشائعة: شائعة الخوف والأمل والكراهية، لافتًا إلى أن شائعة الخوف تعتمد على جهل المعلومة وتُستخدم في حالات الحروب؛ ومنها الحروب الباردة، وهي مهددة للسلم الاجتماعي وكيانات المجتمع خلال فترات الكوارث والأزمات وتهدف إلى إثارة القلق والرعب، أما شائعة الأمل فهي تهدف لرفع سقف الأماني وأحيانًا تؤطر بإطار ديني لتمريرها، وقد تهدف لإحباط المجتمع إن لم تتحقق، فهي سلاح ذو حدين، وشائعات الكراهية تُنشر بغرض تفريق وتضليل شرائح المجتمع بالإساءة والتشكيك والتكذيب والتحريف، مثل تحقير فئة معينة أو الحط من مجموعات، وتهدف لتفتيت اللُحمة الوطنية.
وأشار “الشايجي” إلى أن الحد من مثل هذه الشائعات يعتمد على الشفافية من قِبل الجهات الرسمية، والثبات على الموضوعية، والاستمرار على نهج واحد، وإيصال رسالة سهلة وواضحة المعنى لأفراد المجتمع.
بالمقابل، أكدت الدكتورة مريم أن الشائعات أصبحت أسرع مع وجود التقنية والجيلين الرابع والخامس والثورة الصناعية الرابعة وإنترنت الأشياء، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن عدد السعوديين الذي يستخدمون الإنترنت يبلغ 93% بحسب إحصائيات؛ منهم حوالي 72% يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي، وتشير دراسة إلى أن 69% يؤكدون أن مصدر الأخبار لهم هو منصات التواصل الاجتماعي.
وبيّنت أن هناك طرقًا ووسائل للاحتيال عبر الشائعات؛ منها السرد القصصي للحالات أو انتحال شخصية أو هوية موقع رسمي؛ أو حملات منظمة أو صور وفيديوهات معدلة، محذرة من استخدام الذكاء الصناعي لتمرير معلومات مغلوطة عبر فيديوهات تنتقل بين الناس، مؤكدة أن انتقال الشائعات له تأثير قوي في تصرفات الأفراد.
وتطرقت إلى مواجهة هذه الشائعات بالقوانين التي تصدرها الدولة وتمنع تداولها والغرامات المالية والعقوبات الأخرى؛ حيث إنه بعد إصدار المملكة عقوبات على نشر الشائعات أو المعلومات المضللة عن فيروس كورونا مثلًا انخفضت نسبة تلك الشائعات، مطالبة الجهات المختلفة بالعمل على استخدام القوانين والأنظمة والذكاء الصناعي وحملات التوعية للحد من الشائعات، لافتة إلى حملة تم إطلاقها مؤخرًا تهدف لرصد الشائعات عن فيروس كورونا على منصات التواصل الاجتماعي.
من جهته طالب الدكتور حسن السريحي؛ أستاذ علم المعلومات بجامعة الملك عبد العزيز رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، بالتركيز على دور إخصائيي المكتبات والمعلومات في توفير المعلومات الصحيحة وتقديمها للمجتمع، وتحدث عن الوعي المعلوماتي، وأهمية أن يدرس في التعليم الجامعي، منوهًا إلى ضرورة التفكير وتحليل المعلومة وتقييمها قبل إرسالها إلى الآخرين، وتنمية مهارات البحث والتقصي ومعرفة القوانين والجرائم المعلوماتية لدى الجميع.
وتحدث الدكتور سلطان الديحاني؛ من جامعة الكويت، في مداخلته، عن المعلومات المغلوطة على شبكات التواصل الاجتماعي،قائلًا “نحتاج إلى فلترة هذه المعلومات، إلى جانب إيجاد مناهج للثقافة المعلوماتية والمواطنة الرقمية عبر التوعية الناعمة الجديدة”، مبينًا أن وزارة الإعلام الكويتية أطلقت منصة “تحقق” لمكافحة الشائعات؛ ومنها شائعات جائحة فيروس كورونا.
أما الدكتور عادل المكينزي؛ عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود “قسم الإعلام”، فتحدث عن الإعلام والاتصال الفعال، وأن هناك تشويشًا على المعلومات التي تصدر من الجهات الرسمية من قِبل جهات لها أهداف وأجندة معينة للإضرار بالمملكة، موضحًا أن كلمة “كورونا” وردت في محرك البحث اليوم فقط 382 مليون مرة، وأن 97% من مصادر الشائعات هي “تويتر، واتساب، إنستجرام، وفيسبوك” ومواقع مزيفة وصحف وإيميلات وذلك وفقًا لدراسة استطلاعية، مؤكدًا ضرورة الابتعاد عن الشائعات لحماية الوطن، وأن الفراغ مكان خصب للشائعة.
وأشادت كل من د. مها أحمد، من جامعة بني سويف بمصر، و د. فاتن فتحي، من الجامعة الأردنية، بدور وزارة الصحة السعودية في التعامل مع شائعات فيروس كورونا والمؤتمرات الصحفية والمعلومات التي تنشرها للمواطنين والمقيمين يوميًا؛ حيث أصبحت مثالًا يُحتذي به.
أما د. سلمى الدوسري، متخصصة في الخدمة الاجتماعية من جامعة الأميرة نورة سابقًا، فتطرقت إلى مشكلات منصات التواصل الاجتماعي على المستوى الأسري، مشيرة إلى أنها أجرت -بمشاركة فريقها- دراستي (تأثير الشائعات في الحياة الأسرية) و(دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل هوية المواطن والشاب).
وعلق د. عبد الملك الشلهوب؛ من جامعة الملك سعود “قسم الإعلام”، قائلًا إن الإعلام الجديد يفتقر للمعايير المهنية مقابل التقليدي، فالمشهد فوضوي على منصات التواصل الاجتماعي -بحسب قوله-، لافتًا إلى أن الأخبار الكاذبة والشائعات –بحسب دراسة- تنتشر أسرع بنسبة 70% من الأخبار الصحيحة على تويتر، وتحتاج الجهات للرد عليها ستة أضعاف الوقت الذي تستغرقه تلك الشائعات في الانتشار.
وأشار د. علي الكلبي؛ من جامعة الملك سعود، إلى أن هناك طلبًا متزايدًا على إخصائيي المعلومات، مطالبًا الجميع بعدم تمرير أي معلومة دون تمحيصها، وألا يكون الشخص قناة تمرير دون تفكير.
أما عبد الله العقلاء؛ ناشط إعلامي على منصات التواصل، فطالب بتنوع المنصات الاجتماعية؛ للحد من انتشار الشائعات، وأن تكون بلغات المقيمين لدينا وليس باللغتين العربية والإنجليزية فقط.
اقرأ أيضًا:
أمانة المنطقة الشرقية تطرح فرصة استثمارية بعريعرة
حساب المواطن يكشف شروط عقد الإيجار كمستند للاستقلالية
عودة الحياة الطبيعية في المملكة بإجراءات وقائية ضد “كورونا”