قبل عدة سنوات، عندما أسس معظمنا مشاريعه، لم تكن الضغوط حينها، مثلما هي عليه اليوم؛ إذ أصبحت تلك الضغوط ببساطة سببًا لجعلنا دومًا نشطين.
لقد كان لظهور مواقع التواصل الاجتماعي تأثير إيجابي رائع في شتى مجالات العمل، منها على سبيل المثال: العمل عن بعد؛ إذ منحت هذه الوسائل لرواد الأعمال الفرصة لئن يستمع إليهم الجمهور، والعثور عليهم من قبل أشخاص لم يكونوا قد سمعوا عن خدماتهم بطريقة أو بأخرى.
لقد نجحت هذه المواقع بالفعل في تهيئة ساحة الأعمال لهم، وساعدتهم في الوصول إلى العملاء في المحافظات والأقاليم المجاورة، بل مكنتهم أيضًا من الوصول للعملاء في الدول الأخرى، كما أُتيحت للعملاء فرصة الاستماع لهم، بغض النظر عن مقدار ما استثمره رواد الأعمال.
ورغم تلك الإيجابيات، لكنَّ هناك سلبيات أيضًا، فقبل ذلك لم يتسنَ لمعظم العملاء فرصة الوصول إليك بصفتك رائد أعمال، إلا خلال ساعات العمل فقط، أما الآن -وعلى النقيض من ذلك تمامًا- فأغلب عملائك يستطيعون الوصول إليك أينما كنت، وفي كل الأوقات؛ من خلال مواقع التواصل المختلفة، وأهمها هاتفك الجوال؛ لذا صار عليك مزيد من الضغوط غير المعتادة، خاصة إذا كان لديك عملاء دوليون ليسوا في نفس منطقتك الزمنية، وأصبحت مضطرًا للرد على هاتفك، بغض النظر عن التوقيت؛ إذ أصبح لزامًا عليك أن تكون متاحًا طوال اليوم.
ومما لا شك فيه، أننا جميعًا نحب وظائفنا وعملاءنا، ونتطلع دومًا للأفضل؛ ما يتطلب منا درجة عالية من التفاني، ويدفعنا طوال الوقت إلى التحقق من البريد الإلكتروني، والذي أصبح بالفعل أول ما يفعله رائد الأعمال عندما يستيقظ من نومه، وآخر ما يفعله قبل النوم.
إلا أنه بمرور الوقت قد يتحول كثير من الأشياء الجيدة إلى كارثية؛ فالتركيز أكثر من اللازم على العمل قد يكون ضارًا بشكل كبير، كما أن تعمقنا في أداء أعمالنا قد يؤدي إلى إهمال صحتنا العقلية والبدنية، ويأخذنا بعيدًا عن عائلتنا وأصدقائنا وأحبابنا؛ لذا مهما كان حبنا لعملنا، فليس من المنطقي أن نضحي بكل شيء من أجله؛ فذلك قد يدمر قدراتنا على الانخراط مع العالم المحيط بنا؛ ومن ثم تصبح حياتنا دون هدف، أو معنى.
من المفترض أن تسأل نفسك:
– متى كانت آخر مرة اندمجت مع الأسرة والمحيطين؟
– هل تشعر بعدم الرغبة في الاطلاع على رسائل بريدك الإلكتروني، أو إشعارات صفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي؟
ربما لم يكن لديك هذه المشكلة، ووجدت طريقك للتوازن المثالي بين العمل والحياة، لكن اعلم أنَّ معظم لحظات السلام والهدوء والاتصال بالنسبة لمعظمنا، قليلة ومتباعدة؛ وهو أمرًا غير صحي، فمن المثير للعجب أن تكرس نفسك لعملك؛ بل عليك أن تخصص وقتًا للعائلة والأصدقاء، وأن تخصص وقتًا لنفسك.
لكن كيف نقوم بذلك في عالمنا اليوم؟
إليك بعض الخيارات:
1. يُعد فرض ساعات العمل المعتادة، وسيلة رائعة للتأكد من عدم إغفالك مراجعة بريدك الإلكتروني، فإذا ما علم عملاؤك أنه لا يمكنهم الوصول إليك إلا خلال وقت محدد، فسيكون الضغط عليك أقل؛ للرد على بريدهم الإلكتروني على الفور.
2. قد تتطلب ظروف عملك أحيانًا أن تعمل وقتًا إضافيًا، فإذا ما حافظت على ترتيب مواعيدك وفق أوقات محددة، فسيكون لديك أيام لن ترد فيها على عملائك.
3. خصص يومًا واحدًا على الأقل أسبوعيًا لا تنظر فيه إلى بريدك الإلكتروني، وليكن مثلًا السبت أو الأحد.
4. إذا تأقلمت على فعل ما سبق أسبوعيًا، فيمكن التطلع لأبعد من ذلك، فأوقف تشغيل هاتفك المحمول لمدة ساعة يوميًا، وتجنب النظر إلى الهاتف المحمول أو حاسوبك، وابتعد عن إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي، ورسائل بريدك الإلكتروني أيضًا.
وعوضاً عن ذلك، اذهب للتنزه سيرًا على قدميك، أو التقِ بصديق وتناول قهوتك برفقته، فسوف تُفاجأ من تحسن صحتك وشعورك بكمٍ من التركيز المتجدد، خلافًا لحالتك وأنت مستغرق في العمل.