حتى وقت قريب، كانت بعض إدارات المنشآت الربحية- بأحجامها المختلفة- تعتقد أنَّ خطتها الاستراتيجية والأهداف المرتبطة بها من ضمن الأسرار التي تقتصر على المستوى الأعلى من الإدارة، بحيث لا يعلمه المستوى الأوسط أو الأدنى من فريق العمل.
وفي البداية، نؤكد على أنَّ مفهوم “فريق العمل” يشمل كل المنتسبين للمنظمة بجميع مستوياتها؛ أي من المدير إلى حارس الأمن. ويعتقد البعض أنَّ نشر رؤية المنظمة ورسالتها وقيمها، بمثابة إعلام كافٍ للاستراتيجية سواء للأطراف الداخلية أوالخارجية.
ومازالت بعض القائمين على إدارة الكيانات الاقتصادية يركنون إلى مفهوم سرية الاستراتيجية على أساس ان ذلك يعد نوعًا من التحفظ والحماية من المنافسين، إلا أنه في العقدين الأخيرين، فطِن بعض المدراء- الذين درسوا علم الإدارة الحديثة وطبقوا مفاهيمها فعلًا- إلى أنَّ ذلك يعد خطأَ إداريًا فادحًا يجب تصحيحه؛ لأن نشر الاستراتيجية لم يعد مقصورًا على الحكومات أو الوزارات أو الهيئات الرسمية فقط.
وفى نقاشي مع أحد أساتذة الإدارة بجامعة هارفارد- قبل نحو عشرة سنوات- حول حدود المستوى الإداري الذي يجب أن يطلع على استراتيجية المنظمة، أجابني بدون تحفظ : “جميع المستويات يجب أن تكون على علم بالخطة الاستراتيجية”، وكانت خلاصة النقاش الهادف، تأكيد المفاهيم السبعة التالية:
1. إنَّ علم فريق العمل (بالكامل) بالخطة الاستراتيجية، يخلق لديهم الدافع إلى تحقيق الأهداف الموضوعة بهذه الاستراتيجية؛ إذ يرغب كل عامل في أن يكون شريكًا في نمو وازدهار المؤسسة، من خلال تضافر كل الجهودهم. وبالطبع سيكون لذلك الأثر الأكبر في رفع درجة الانتماء عند جميع العاملين بالمؤسسة؛ وهو ما يفتقده كثير من المنشآت الخاصة والعامة.
2. إنَّ إعلام فريق العمل بالاستراتيجية، يمنحهم الثقة في الاستمرار بالعمل، أو ما يعرف بـ”الأمن الوظيفي”، وأنَّ دخله سوف يستمر دون انقطاع، بل ويناله الترقيات والمكافآت وغيرها، مادامت المؤسسة تنمو وتزدهر.
3. إنَّ وضوح الأهداف الاستراتيجية للعاملين بالمنظمة، سوف يخلق لديهم الرقابة الذاتية والشاملة لتقييم أنفسهم ومن حولهم؛ لمعرفة مدى انحرافهم عن المسار السليم نحو تحقيق تلك الأهداف.
4. إنَّ وضوح الأهداف أمام الجميع سيكون له الأثر الأكبر في توحيد الصفوف تجاه تحقيقها، بل ويسهم في القضاء على تكوين التكتلات أو “الجُزر” الإدارية الداخلية غير الرسمية المدمرة للكيانات. وقد تتعدد أشكال وأنشطة هذه التكتلات وتختلف الأسس القائمة عليها، فقد تكون جزرًا على أساس الهيكل التنظيمي؛ فتصبح إدارة المبيعات جزيرة ، وإدارة الإنتاج جزيرة أخرى، و كذلك التسويق والمبيعات وغيرها. وقد تكون جزرًا على أساس الجنس، أو العرق، أو الطائفية، وأحيانا القبلية وغيرها من الأسس الزائفة، وهي أسس تظهر في ظل عدم وضوح الهدف الاستراتيجي للكيان.
5. إنَّ علم كل أعضاء فريق العمل بالهدف الاستراتيجي للمؤسسة، يدفعهم إلى تطوير أنفسهم علميًا وتقنيًا، ويشعل بينهم المنافسة الشريفة نحوأفضل أداء؛ لأنهم يوقنون بأنَّ الترقي في المناصب سيكون على أساس المساهمة الفعلية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية.
6. بعد ان أصبح مفهوم الجودة الشاملة والتحسين المستمر في العمل هو السمت السائد في الشركات الناجحة، بات واجبًا على إدارة المنظمة توضيح تفاصيل الأهداف وما يتبعه من وضع معايير لتحقيقها؛ حتى يتمكن من محاسبة فريق العمل بالكامل عن الانحراف، أو الالتزام بتنفيذ تلك الأهداف.
7. التأكيد على أنَّ إعلان المؤسسات عن خططها وأهدافها الاستراتيجية يثبت مصداقية إدارتها أمام فريق العمل أولًا، ثم أمام الأطراف الخارجية ثانيًا؛ ما يؤثر في المنافسة الموجودة، بل وقد يتدخل أحيانًا في تحديد الحصة السوقية للمؤسسة في قطاع المنتجات، أو السلع التي تقدمها.
تعليقان
أفادكم الله وزادكم الله علما ونفعا للآخرين نشكركم وجعله الله صدقة فى ميزان حسناتكم وعلما ينتفع به
كلام في غاية الأهمية لأصحاب الأعمال ولمن يريد البداية الصحيحة وجزاكم الله خيرا