حوار/ جمال إدريس
لم يتميز زياد أورقنجي؛ مستشار العلامات التجارية، بتأسيس مشروع تجاري ناجح فحسب، بل أيضًا بنجاحه في الاستثمار في مجال جديد تمامًا، وضع فيه اسمه وبصمته كأحد رواد الأعمال الناجحين في مجال العلامات التجارية؛ وذلك بإنشاء شركة (IN-Branding) في عام 2008، ثم أسس لاحقًا شركة (Brandship)الاستشارية بمدينتي جدة ودبي، والتي تقدم خطط واستراتيجيات العلامات التجارية.
في هذا الحوار نقف عن قُرب على أبرز ملامح تجربته والتي تخللها تأليفه كتاب “الإيسام” كأول مرجع عربي في مجال بناء العلامات التجارية..
– من زياد أورقنجي في سطور؟
زياد طارق أورقنجي، وُلدتُ بالطائف، ونشأت وتربيت بجدة، وحاصل على ماجستير إدارة أعمال، وبكالوريوس فنون وتصميم. بدأت مسيرتي مع الفن منذ نعومة أظافري، فقد كانت علاقتي بالألوان والرسم قوية جدًا. وفي المرحلة الابتدائية، شاركت في أعمال فنية ومعارض ومسابقات مدرسية، وكانت والدتي -الدكتورة شكرية أحمد جان- تدعمني؛ ما دفعني لدراسة التربية الفنية بجامعة أم القرى، بالرغم من تخصصي العلمي في المرحلة الثانوية.
وقد شكلّت زيارتي إلى الولايات المتحدة في تلك الفترة نقطة تحول في مسيرتي؛ فعندما زرت استديوهات ديزني ورأيت فن الرسم الجرافيكي، استغربت لعدم وجود مثل هذا الفن والعلم في الجامعات السعودية، فقررت التخصص في هذا المجال. وكان لوالدي الفضل الأول بعد الله في دعم مسيرتي؛ حيث اشترى لي أول جهاز كمبيوتر آبل G3، وقام بتوجيهي ودفعي للتدريب في هذا المجال، فكانت تلك نقطة انطلاقي.
– وكيف بدأت تأسيس عملك الخاص؟
كنت أؤمن خلال دراستي بأن هناك مجالًا آخر للفن غير التدريس؛ حيث كنت أقوم بتدريس التربية الفنية. وبالفعل بدأت حياتي المهنية كمصمم ديكور في شركة إيكيا، كأول سعودي يعمل في هذا التخصص. وفي نهاية العام ١٩٩٩، دخلت مجال الدعاية والإعلان وأنجزت العديد من الأعمال، ثم فكرت في إنشاء شركة تقدم خدماتها عن طريق الإنترنت لسوق الدعاية والإعلان بأقل التكاليف باسم “Storyboard House”، وحققت أرباحًا جيدة في العامين الأوليين، ولكن في السنة الثالثة قررت إغلاقها والتفرغ لشغفي الأول، وهو تخصص العلامات التجارية أو “الإيسام” كما أسميه بالعربية ؛ حيث كان حلمي هو تأسيس شركة في هذا المجال، وبالفعل بعد أن اكتسبت خبرة جيدة في السوق، أسست مع شريك لي في عام 2008، شركة باسم (IN-Branding)، ساهمت بشكل كبير في بناء وتصميم العديد من الماركات والعلامات في السوق السعودي وأصبحت رائدة في هذا المجال. وبنهاية عام ٢٠١٥، قررت تأسيس شركة بمفردي في كل من جدة ودبي، أطلقت عليها Brandship ، وهي شركة استشارية تقدم خطط واستراتيجيات العلامات التجارية، وتقدم ورش العمل وتساعد الشركات في تطبيق خطط الوسم على ارض الواقع.
– ما أهم هدف سعيت لتحقيقه بتأسيس شركة خاصة؟ وما أبرز التحديات التي واجهتك ؟
أهم هدف، كان إنشاء شركات متخصصة في بناء العلامات التجارية في السعودية، أما أبرز التحديات فتمثلت في تغيير المفهوم في السوق ولدى العملاء، نحو علم بناء العلامات التجارية أو “الإيسام”، وأنها ليست مجرد عمل تصميم فني وحسب؛ وبالتالي تكون تكلفة المشروع أكبر، لما تشمله من بحث استراتيجية وتصميم معًا.
– من خلال تجربتك ، ما المواصفات الضرورية لتحقيق أهداف المشروعات الريادية عمومًا؟
أرى أن أهم شيء هو التركيز على “التخصص”، والعمل على تطوير كل شيء يخدمه ويزيد من تطوره.
– كيف يتجاوز رواد الأعمال عقبات التمويل في بداية مشروعاتهم؟ وهل تعتقد أن الحاضنات الموجودة فاعلة وكافية لتمويلهم؟
لا أعتقد أن الحاضنات الموجودة كافية لتغطية المشروعات؛ لذا ينبغي تأسيس صندوق تمويلي حكومي للمشروعا. أما عن تجاوز عقبات التمويل، فلا أرى المشكلة الحقيقية في إيجاد التمويل، وإنما في أمرين رئيسين:
- إتقان فكرة المشروع: فكلما كانت الفكرة خلَّاقة وإبداعية ومدروسة بشكل جيد، كلما زادت فرص الاهتمام بتمويلها، أما إن كانت مشروعات قائمة وليست مميزة، فستقل فرص التمويل من قبل المستثمرين.
- تدوير المال وإدارة المصاريف أثناء الانخراط بالعمل الحقيقي: هذا هو العبء الأكبر الذي قد يكون القاتل للمشروعات، فقد يجد رائد الأعمال نفسه أمام عجز مالي يضعه في مأزق فعلي، وهو الخوف الأكبر دائمًا، والسر كذلك في إدارة المشروعات.
– برأيك.. ماذا يفعل الشباب السعودي ليصبحوا رواد أعمال ناجحين؟
التركيز على الأعمال المبتكرة ، وعدم رفض التعلم وطلب الاستشارة من أصحاب الخبرات العالمية والمحلية، وألا يكون هدفنا جمع الجوائز وفقاعة الإعلام التي لن تنفعنا عندما يفشل المشروع!.
-وكيف يمكن لمن هم حولهم أن يُقدِّموا لهم الدعم المطلوب؟
الشباب السعودي ذكي و قادر على تحقيق النجاح، ولكن ينقص البعض منهم الإيمان بأنه لا يمكنه عمل كل شيء بمفرده، فعليهم الاستعانة بأصحاب التخصصات. كذلك، على جميع أفراد المجتمع دعم الشباب وليس إحباطهم..على الجميع معرفة أهمية وجود ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة المحلية، لا أن تنفق الأموال على الشركات الأجنبية بالخارج (باستثناء بعض المجالات).
– إلى أي مدى يستوعب السوق السعودي فكرة ومفهوم “الإيسام”؟
هناك تقدم واضح في استيعاب مفهوم الإيسام، خاصة وأن من يقود دفة الشركات اليوم هم أبناء هذا البلد من الشباب المثقف والمطلع على أعمال كبيرة حول العالم.
– هل يمكن أن تُغني جودة المنتج عن اهتمام الشركة بالعلامة التجارية؟
لا شك في أن جودة المنتج أو الخدمة المقدمة هي المحرك الأساسي لما يأتي بعدها. وهناك كثيرٌ من المنتجات القديمة التي بنت اسمها من خلال جودة منتجها دون عمل أي استراتيجيات كبيرة منذ بدايتها، ولكن يجب مراعاة أن العالم قد تغير اليوم؛ إذ أصبح عدد المنتجات كبير جدًا، واختلط الجيد بالسيء بعكس ما كان عليه الوضع في السابق. ويحتم الانفتاح الحاصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكثرة السفر والاختلاط بالثقافات الخارجية، على من لديه منتج جيد اليوم أن يقوم بعملية إيسام والتسويق الصحيح لمنتجه.
– كيف تحمي المشروعات الرائدة علاماتها التجارية، وكيف يمكنها تحقيق شهرة لعلاماتها وسط الشركات الكبرى؟
حماية العلامات التجارية يتم عبر نظام تسجيل العلامة التجارية في كل دولة أو على مستوى عالمي.
أما تحقيق الشهرة فيتم التركيز على التخصص وصناعة الفارق فيه، وكيف يمكن أن يقدموا نفس المنتج أو الخدمة، ولكن بشكل مبتكر.
– بماذا تنصح رواد الأعمال فيما يتعلق ببناء العلامات التجارية لشركاتهم؟
أنصحهم بأمرين:
الأول: أن تعمل ما تحب حتى تحب ما تعمل.
الثاني: التركيز على التخصص وعدم التشعب.
– هل وجد كتابك “الإيسام” الصدى المتوقع لديك؟ وما الذي دفعك لتأليفه ونشره؟
بفضلٍ الله عز وجل، لم أكن أتوقع الصدى والإقبال الذي حصل عليه الكتاب في الخليج والعالم العربي.
هدفي كان نشر علم ومفهوم الإيسام بشكله الصحيح؛ لأننا لا نملك أي محتوىً عربي يشرح هذا المفهوم ولا نقوم بتدريسه خصوصًا في السعودية. وكما ذكرت سابقا أن هذا الكتاب هو التاريخ والمفهوم، اي انه المقدمة لفهم هدا العلم ووضع حجر الأساس له، وبإذن الله سيكون الكتاب الثاني بداية الشرح العملي في مفهوم استراتيجية الوسم والإيسام؛ إذ بدأت في كتابة محتواه وتعريب مصطلحاته، سائلًا الله التوفيق في طرحه بالسوق بنهاية هذا العام بإذن الله.
تعليق واحد
وفقك الله وسهل أمرك في إنهاء كتابك الثاني الذي ننتظره بشوق وحاجتنا إليه كبيرة جدا
ولا أنسى شكركم رواد الأعمال لهذا اللقاء الرائع