تعد ريادة الأعمال الاجتماعية هي الحلّ للتغلب على معوقات التنمية في العالم العربي؛ لقدرتها على النهوض بالمجتمعات المكبلة بالتحديات.
وتعرف ريادة الأعمال المجتمعية بأنها استخدام الأساليب الإبداعية والمبتكرة لتنمية المشروعات والمؤسسات التى تحقق تأثيرًا اجتماعيًا واسع النطاق؛ للوصول إلى تأثير مجتمعي وليس تجاريًا، وإن كانت تستخدم في تنفيذها أساليب تجارية تقليدية لتحقيق ذلك.
ويُعرَّف المشروع الاجتماعي بأنه كيانٌ يعمل على معالجة مشكلة اجتماعية محدّدة عبر اتّباع نموذج موجّه نحو السوق بهدف تطبيق حلّ مبتكر؛ وهو ما يمثل ضرورةً حتمية للدول العربية التي بات معظمها يعج بمشكلات متراكمة، ويعاني من تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية والبيئية وغيرها.
وترتكز ريادة الأعمال المجتمعية على رواد الأعمال ذوي الخبرة في التعرف على مشكلات مجتمعاتهم، والذين يمكنهم ابتكار أفكار يحولونها لمشروعات تحل مثل هذه المشكلات.
ورواد الأعمال الاجتماعيون أو المبدعون الاجتماعيون، هم من لديهم حلول مبتكرة للمشاكل الاجتماعية الأكثر إلحاحًا.
وهم يتفقون مع أقرانهم من رواد الأعمال التقليديين في الإبداع والابتكار والمغامرة ، بينما يتميزون عنهم بالإنسانية العالية، وإنكار الذات، وحب العمل الاجتماعي، والانتماء للناس، والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية، والالتزام طويل الأمد بما يتبنونه من مشاريع، مكرسين حياتهم للعمل عليها، وعدم الجري وراء الأرباح المادية.
إنهم أشخاص نادرون، تسعد بهم مجتمعاتهم، وتجدهم مدعاة للفخر والاعتزاز، وأكثر استحقاقًا للحب؛ حيث يبادلهم الناس المحبة بالمحبة، والوفاء بمزيد من التقدير والعرفان.
وتتركز ميادين ريادة الأعمال المجتمعية في الوطن العربي في مجالات الصحة والتعليم والبيئة والموارد المائية والزراعة، ففي مجال الصحة تعاني المجتمعات كثيرًا من الأمراض والأوبئة، وافتقاد الوعي والثقافة الصحية.
وفي مجال التعليم تقل المؤسسات والمدارس التعليمية، علاوة على الضعف الشديد في المناهج وطرق التدريس والتسرب من التعليم وانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية.
وتأتي البيئة في أولويات الجدول حيث مشكلات التلوث واستنزاف الموارد وتراكم القمامة والمخلفات الناتجة من الأنشطة المنزلية والصناعية والزراعية، ومشكلات تلوث المياه التي تحتاج لكثير من مشروعات المعالجة وإعادة التدوير.
و لأن هذه النوعية من المشاريع تحتاج للدعم والتشجيع، خاصة المشاريع المبتدئة أو الناشة منها؛ حيث يعاني معظمها من نقص التمويل، ويحتاج للدعم الفني والمؤسسي، فقد بدأت مؤسسات حكومية وغير حكومية تدعم هذا النوع من المشروعات، مثل:
1. في المملكة العربية السعودية: توجد مؤسسة الملك سلمان للشباب؛ أكبر داعم لرواد الأعمال الاجتماعيين، ومؤسسة الأمير محمد بن سلمان ( مسك الخيرية) ، و “جائزة الملك عبد الله الثاني للإنجاز والإبداع الشبابي” KAAYIA، وبرنامج “بادر” التابع لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا، وبنك التنمية الوطني ( ريادة )، و مؤسسة محمد عبداللطيف جميل ، ومؤسسة الملك خالد الخيرية.
2. في مصر: توجد جمعية نهضة المحروسة، وحاضنة أعمال جسر ” GESR ، ومسابقة ” طموح ” التي أطلقها الصندوق المصري لتكنولوجيا المعلومات ، وحاضنة أعمال ( همة ) التي أنشأتها جامعة أسيوط كأول حاضنة أعمال داخل جامعة حكومية ، ومبادراتAhead of the Curve ، وحاضنة ” انطلق ” التي أسستها أكاديمية البحث العلمي.
3.في الإمارات: تأتي “جائزة الإمارات لشباب الخليج العربي” التي أطلقتها مؤسسة الإمارات في أبو ظبي لتشجيع الشباب الخليجي على إنشاء المبادرات الاجتماعية و إقامة وتطوير مشاريع الريادة الاجتماعية، و يحصل الفائزون على منحة احتضان وبرنامج تدريبي وإرشادي من مؤسسة الإمارات لدعم فكرة مشروعهم المجتمعي، و مبادرات “أشوكا” المنتشرة في عدد من الدول العربية وتقدم الدعم لأصحاب المشاريع الاجتماعية الذين يقودون التغيير في مجتمعاتهم.
ومن نماذج المشاريع الناجحة في مجال ريادة الأعمال المجتمعية ظهرت في مصر ” ساقية عبدالمنعم الصاوي” لمؤسسها المهندس محمد الصاوي التي نجحت في إعادة التفاف الشباب حول المنتج الثقافي بأنواعه ، وباتت منارة ثقافية تغذي الوجدان كما أراد لها مؤسسها.
وهناك أيضا مؤسسة ” نفهم” التي أطلقها أحمد الألفي و مصطفى فرحات ومحمد حبيب ، و نجحت في تقديم المناهج المدرسية لتلاميذ عدد من الدول العربية مثل مصر والكويت والجزائر والسعودية ، وساعدت التلاميذ وأولياء أمورهم في البعد عن لهيب الدروس الخصوصية .
وفي السودان يأتي مشروع ( SudaMed ) الذي أطلقه مازن خليل ،وهي بوابة على الإنترنت تمكن المستخدمين من البحث عن طبيب أو صيدلية أو مستشفى.
وفي فلسطين هناك مشروع “Souktel” الذي أسسته لانا حجازي لمساعدة الباحثين عن العمل وأرباب العمل البحث عما يناسبهم.