ليس من قبيل المجازفة أن نقول إن ما حمله العام الجاري، وربما سابقه أيضًا، من تغيرات دراماتيكية كفيل بأن يدفعنا إلى الحديث عن توجهات إدارية حديثة ازدهرت خلال هذا العام.
وذلك لأن أحداث فيروس كورونا دفعت إلى تغيرات جمة على بنية العمل ذاته، ومن ثم بات العمل بالطرق والآليات القديمة غير مجدٍ، وكل ما تعلمناه فيما مضى أمسى الآن كالبنادق الصدئة التي لا تسمن ولا تغني من جوع؛ وبالتالي كان لا بد من الإشارة إلى توجهات إدارية حديثة على القادة والمدارء أن ينتبهوا إليها وأن يعيروها التفاتًا.
اقرأ أيضًا: أخطاء المدير التنفيذي.. أمور يجب اجتنابها
توجهات إدارية حديثة
ويرصد «رواد الأعمال» عدة توجهات إدارية حديثة لا غنى للقادة ورواد الأعمال عنها؛ وذلك على النحو التالي..
-
الهياكل التنظيمية
أحد أهم الدروس التي علينا إدراكها وتعلمها _وهو أيضًا أحد عدة توجهات حديثة من المهم الالتفات إليها_ أن بنية الإدارة في الشركات قد تغيرت بالفعل، أو يجب على الأقل أن يحدث ذلك.
فقد تبين أن البنية الهرمية في إدارة الشركات، من الأعلى إلى الأسفل، ليست مجدية، ولا يمكن التعويل عليها؛ ومن ثم فإن التوجه الإداري البازغ حديثًا هو الذهاب إلى التخلص من البنية الهرمية (الهيراركية) في الأنماط الإدارية، واعتماد بدلًا منه نمط أفقي (مسطح)؛ حيث يكون الجميع منخرطًا في عملية صنع واتخاذ القرار، والأمر لا يقتصر على تلقي أوامر وتعليمات ممن هم في أعلى السلم الإداري.
اقرأ أيضًا: 5 طرق لتعديل استراتيجية الأعمال قبل عام 2025
-
التطوير الدائم
وإذا كنا نتحدث عن توجهات إدارية حديثة فلا يجمل بنا إغفال ذاك التوجه القاضي بحتمية التطوير الدائم لكل شيء: للذات، للآخرين، لاستراتيجية الشركة وخططها.
وينبع هذا التوجه من وعي أساسي مفاده: أن العالم في صيرورة دائمة وتطور أبدي؛ ومن ثم فما نعرفه اليوم قد لا يكون مفيدًا في الغد، وبالتالي نحن مجبرون على التطوير من أنفسنا وأنماط إدارتنا؛ كيما نكون قادرين على متابعة حركة الزمن وسيولته وصيرورته الأبدية.
اقرأ أيضًا: قياس سعادة الموظفين.. نهج الإدارة الناجحة
-
التوازن بين الجنسين
أشارت بعض الدراسات الأجنبية إلى أن تمثيل المرأة القوي في فرق القيادة يحقق للمؤسسات نتائج أفضل، وبناءً عليه أمست الموازنة بين الجنسين في المناصب الإدارية العليا واحدة من ضمن توجهات إدارية حديثة آخذة في الذيوع والانتشار.
ويُعد تحقيق المساواة بين الجنسين أمرًا مهمًا لأماكن العمل؛ ليس فقط لأنه “عادل” أو “الشيء الصحيح الذي يجب القيام به”، ولكن لأنه يرتبط أيضًا بشكل مباشر بالأداء الاقتصادي العام للبلد وبالتالي النمو، خاصة أن المساواة بين الجنسين في مكان العمل ترتبط بتحسين الإنتاجية الوطنية والنمو الاقتصادي، زيادة الأداء التنظيمي، تعزيز قدرة الشركات على جذب المواهب والاحتفاظ بالموظفين، وتحسين السمعة التنظيمية.
اقرأ أيضًا: المدير الصغير.. معضلاته وتحدياته
-
التحول إلى المهارات الشخصية
ومن ضمن عدة توجهات إدارية حديثة تلفت الانتباه حقًا هو أن المهارات الفنية/ العملية (Hard skills) لم تعد هي الأساس، ولم تمسِ موضع الاهتمام الأول، وإنما حدث انزياح عنها لصالح المهارات الشخصية.
فتلك هي المهارات التي يتم التعويل عليها من أجل التعامل والتأقلم مع المتسجدات والتغيرات التي ما فتأت تحدث بين فينة وأخرى.
-
العمل المرن/ عن بُعد
ولكن هل يمكن الحديث عن توجهات إدارية حديثة من دون التطرق إلى العمل عن بُعد؟! إذ إنه حتى لو كان هذا التوجه موجودًا من قبل إلا أنه لم ينتشر ولم يتم تعزيزه إلا خلال أزمة كورونا الحالية.
وهي تلك الأزمة التي كانت سببًا رئيسيًا في إحداث الكثير من التغيرات البنيوية على صعيد العمل وأنماط الإدارة الحديثة، ومن ثم هي التي دفعتنا إلى التطرق ورصد عدة توجهات إدارية حديثة بازغة أو آخذة في الازدهار حاليًا.
اقرأ أيضًا: ما هو العمر المناسب للمناصب الإدارية؟
-
الأتمتة والذكاء الاصطناعي
ومن بين عدة توجهات حديثة آخذة في الازدهار خلال الفترة الأخيرة هو ذاك التوجه المعني بالاعتماد أكثر على الذكاء الاصطناعي، وأتمتة العمليات التشغيلية والإدارية.
والحق أنه على الرغم من المزايا التي يمكن يوفرها أو يمكن تحقيقها من خلال الذكاء الاصطناعي والأتمتة وتطبيقها في العمل إلا أن هناك الكثير من الانتقادات التي توجه إليه، وإلى فكرة التحول الرقمي ككل.
وهي، في الواقع، مخاوف أكثر منها انتقادات؛ إذ يخشى الرافضون لهذا التوجه من الآثار السلبية للأتمتة والتحول الرقمي على العنصر البشري، وما يمكن أن يسببه من بطالة وخلافه.
اقرأ أيضًا:
“الشخصية المنفتحة” هل تكون سببًا في نجاح رواد الأعمال؟
الخطة العملية للمشاريع.. ما هي؟ وما أهميتها؟