التغيير قدر كل شيء والتطور كذلك، وبالتالي فلا غرابة إن تحدثنا عن تطور ريادة الأعمال بل إن العكس هو الصحيح، فجوهر الريادة تغيير، وتكيف دائم مع التغيرات والتطورات التي تحدث بشكل مستمر. لم يتغير تعريف رائد الأعمال لكن الأعمال والبيئة الثقافية التي يعمل فيها تغيرت على نحو جذري.
وقبل التوغل في عمق الموضوع، يجدر بنا الإشارة إلى أن الكثير من التغيرات الجذرية التي خضع لها العالم والتي غيّرت من شكل الحياة كانت بفعل رواد أعمال ناجحين وملهمين، كما أن هذه التطورات هي التي أجبرت، من جهة أخرى، رواد الأعمال على ابتكار طرق جديدة في العمل وغيره. ومن هنا فإن تطور ريادة الأعمال سبب ونتيجة في الوقت ذاته.
جوهر الريادة
لزمن طويل ظن الناس أن ريادة الأعمال أمر فطري، فرائد الأعمال يولد كذلك وانتهى الأمر، وكان زعيم هذا التوجه فريدريك تيرمان الذي كان مهندسًا في جامعة ستانفورد، وظل الناس على هذا الاعتقاد زمنًا طويلًا.
إلى أن جاء بيتر دراكر وقال، في عام 1985 في كتابه «الابتكار وريادة الأعمال»:
«معظم ما تسمعه عن ريادة الأعمال خطأ، إنها ليست سحرًا، وليست غامضة، إنها نظام، ومثل أي نظام، يمكن تعلمه».
وكانت هذه إحدى نقاط التحول الجوهري على صعيد تطور ريادة الأعمال ثم جاء القرن الحادي والعشرين حاملًا الكثير من التغيرات التي لم تكن في حسبان أحد، وهي تلك التغيرات التي أحدثت سلسلة من التطورات، وغيّرت جوهر العالم والأشياء من حولنا.
اقرأ أيضًا: مرونة ريادة الأعمال وقت الأزمات.. استراتيجيات أساسية
التكنولوجيا علاقة جدلية
قلنا فيما سبق إن تطور ريادة الأعمال سبب ونتيجة في الوقت ذاته، وهذا الطرح يتضح بجلاء كبير حين ننظر إلى التكنولوجيا الحديثة وما أحدثته من تغير في بنية وممارسة الأعمال، ومعلوم أن الكثير من الانفتاحات التكنولوجية أتى بها رواد أعمال تقنيون، وهي الانفتاحات ذاتها التي غيّرت، بطريقة ما، جوهر ريادة الأعمال ذاتها.
وبالتالي فإننا إزاء علاقة جدلية، فالتقنية تؤدي إلى ريادة الأعمال والعكس صحيح، وكل تطور يحدث على أي من هذين الطرفين يتبعه تغير في الطرف الثاني، ومن هنا نفهم سبب التطور الكبير الذي تشهده ريادة الأعمال، والسعي المحموم لرواد الأعمال لمتابعة التغيرات والتأقلم معها.
اقرأ أيضًا: ريادة الأعمال أم الوظيفة؟.. فحص موضوعي لمتناقضين
التقنية والريادة والتنوع
أتت القفزة التكنولوجية مشفوعة بنوع من التقدم الاجتماعي، ما أسهم في فتح باب ريادة الأعمال على مصراعيه أمام الجميع، ورفع حس المبادرة لدى الكثير من الفئات التي لم يكن يخطر ببالها تأسيس مشروع ريادي من قبل، خاصة أن الإنترنت ساعد في سرعة الحصول على المعلومة، كما فتح الأذهان على كثير من الفرص التي لم تكن موجودة من قبل.
ومن أكثر التغييرات الملحوظة هو أن النساء يشكلن الآن نسبة كبيرة من المسؤولين عن الشركات الناشئة؛ حيث تقدر مجموعة العشرين أن الإناث، سواء من خلال الملكية الكاملة أو الجزئية، يمثلن 31-38% من الشركات الصغيرة والمتوسطة المسجلة.
ووفقًا للرابطة العالمية لأبحاث ريادة الأعمال، فهناك دول الآن يرتفع فيها عدد رائدات الأعمال عن الذكور، وبدأ رجال الأعمال في أجزاء كثيرة من العالم في الظهور وهم أصغر سنًا، وهو الأمر الذي يعكس ماهية التطور الذي طرأ على ريادة الأعمال خلال السنوات الأخيرة.
اقرأ أيضًا: تأثير ريادة الأعمال على الاقتصاد العالمي
تعليم ريادة الأعمال
ومن التطورات التي يمكن رصدها كذلك تنامي البرامج التي تعلم ريادة الأعمال، بل تأسيس كليات كاملة لهذا التخصص الوليد تحديدًا؛ حيث تقوم الجامعات الآن بتخريج الأشخاص الذين يمتلكون مجموعة من المهارات والمعارف اللازمة لتحقيق النجاح.
وهذا الإيمان بإمكانية تعلّم ريادة الأعمال، وكذلك توفير البرامج والمسارات اللازمة للراغبين في هذا التعلم ساعدت في فتح الباب أمام جميع من يرغب في خوض هذه التجربة، فالمهم هنا هو الإرادة وليس مجرد الحصول على الأفكار الساطعة.
اقرأ أيضًا:
5 أمور تقنعك باقتحام عالم ريادة الأعمال
استكشف ريادة الأعمال في 6 نقاط
ريادة الأعمال وتطوير الذات.. هل من علاقة؟