إن ميلاد ريادة الأعمال كان نتيجة فشل الأنساق الاقتصادية السابقة عليها، وفشل ما سُمي، في أحقاب سابقة، «دولة الرفاة»؛ تلك الدول التي كانت تعد بتوفير كل شيء لمواطنيها وهو ما فشلت فيه بالفعل، والآن بعدما أجُبرت هذه الدول، بفعل التحديات الاقتصادية الضاغطة، على رفع يدها عن الخدمات الاجتماعية، وإفساح المجال للعمل الخاص، جاء تأثير ريادة الأعمال في الاقتصاد العالمي والذي هو آخذ في الازدياد عامًا تلو الآخر.
من الممكن أن يقول البعض إن ريادة الأعمال هي خرافة القرن الحادي والعشرين، وبالطبع هناك سلبيات لهذا النموذج/ النسق الاقتصادي، لكن المؤكد أنه ما من سبيل سواها في الوقت الراهن، لا مناص من العمل الحر، وإعطاء المبادرة للقطاع كيما يسد تلك الفجوة التي كانت تملؤها الدول في وقت سابق.
اقرأ أيضًا: تركيب أول مجموعة وحدات سكنية جاهزة في “مدينة موظفي البحر الأحمر”
تأثير اقتصادي بارز
ولكي يظهر لك تأثير ريادة الأعمال في الاقتصاد العالمي لك أن تعلم أن مشروعات رواد الأعمال تسهم في أمريكا بأكثر من 50% من إجمالي اقتصادها القومي، و60% في الصين، و70% في هونج كونج، وعلى ذلك فإن ريادة الأعمال، في الوقت الحالي، تعد رافدًا مهمًا لأي نظام اقتصادي؛ لذا أصبح لها تأثير اقتصادي بارز، كما أمست اقتصادًا مستدامًا للدول المتقدمة؛ إذ نرى اليوم أصحاب المشروعات الناشئة مصدرًا حقيقيًا لدعم اقتصاديات دولهم، لا سيما في الدول المتقدمة.
ونظرًا لرغبة المملكة العربية السعودية في إحداث نقلة نوعية على هذا الصعيد، وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال ودعم الرواد والرائدات لديها، ركز المحور الثاني من رؤية 2030 على توفير فرص للجميع؛ عبر تدشين منظومة تعليمية ترتبط باحتياجات سوق العمل.
ووضعت السعودية لنفسها هدفًا استراتيجيًا يقضي بزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الاقتصاد القومي من 20% إلى 35%، وخفض معدل البطالة من 11.6% إلى 7%.
وهذا دليل على إيمان المملكة الراسخ بقدرة رواد الأعمال على تغيير وجه الاقتصاد وتعزيز شتى جوانب التنمية داخل وخارج المملكة.
اقرأ أيضًا: منصة «رأس مال».. حوكمة وإدارة الشركات
رواد الأعمال في الشرق الأوسط
وكانت دراسة لبنك HSBC أوضحت أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر موطنًا لأعلى نسبة من رواد الأعمال من جيل الشباب عالميًا، وأنها تتميز عن غيرها بمتوسط عمر أصغر من رواد الأعمال وهو 26 عامًا فقط، مشيرة إلى أن الإمارات والسعودية تُعتبران موطنًا لأعلى نسبة منهم.
وبحسب الدراسة، فإن رواد الأعمال في الشرق الأوسط والصين وهونج كونج يعينون 100 موظف، ويحققون إيرادات تزيد قيمتها على 10 ملايين دولار، وتمثل هذه الأرقام ضعف النتائج التي تحققها المشاريع المماثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تقريبًا.
النمو الاقتصادي
والآن لنا أن نسأل: ما هي ملامح تأثير ريادة الأعمال في الاقتصاد العالمي؟ في الواقع، هناك الكثير من الجوانب التي يؤثر بها رواد الأعمال في الاقتصاد العالمي والنمو الاقتصادي في البلدان المختلفة، ومن هذه الجوانب نذكر ما يلي:
توفير احتياجات الناس
احتياجات الناس هي موضع استثمار رواد الأعمال؛ فهم إنما يأسسون مشروعًا من المشروعات أو يقدمون منتجًا من المنتجات لكي يحلوا مشكلة قائمة بالفعل ويعاني منها أفراد المجتمع الذي يعملون فيه.
وإن كان هذا ينطوي على بُعد اجتماعي إلا أن بُعده الاقتصادي واضح للغاية كذلك، فمن خلال حل مشكلات الناس يمكن أن تزيد انتاجيتهم في العمل، وأن يكونوا أعضاء فاعلين في مجتمعاتهم.
اقرأ أيضًا: اليوم.. انطلاق ملتقى المرأة العالمي الافتراضي في مجال الأزياء
توفير فرص عمل
لا شك في أن البطالة معضلة كبرى تهدد العالم كله، ومن أسف أن معدلاتها آخذة في الازدياد في كثير من بلدان العالم، ولما كفت الدول والاقتصادات الوطنية عن توفير فرص عمل أتى رواد الأعمال ليملأوا هذه الثغرة.
وهو مكسب ذو وجهين، في الحقيقة، فالشباب يكسبون الوظيفة، ورواد الأعمال يضمنون توافر الأيدي العاملة، والخبرات والمهارات اللازمة لاستمرار أعمالهم.
توطين التقنيات الحديثة
إن القدرة على تحويل الأفكار إلى منتجات وخدمات جديدة يحتاجها الناس هي مصدر الرخاء لأي دولة من الدول، ناهيك عن أن النمو الاقتصادي، بشكل عام، عادة ما يكون مدفوعًا بالتكنولوجيات الجديدة، وتطبيقاتها الإبداعية. علاوة على أنه رافق الابتكارات الجديدة والثورية، تاريخيًا، طفرة من النمو الاقتصادي.
وبعد، فإن هذه بعض ملامح تأثير ريادة الأعمال في الاقتصاد العالمي وليست سوى غيض من فيض، وهناك الكثير مما يمكن قوله في هذا الصدد، فرواد الأعمال ذوي أيادٍ بيضاء على المجتمع والاقتصاد معًا، لكن فيما ذكرنا إشارة وكفاية.
اقرأ أيضًا:
الاستراتيجية الوطنية للزراعة 2030.. استدامة الموارد الطبيعية للمملكة
دعم المشاريع الناشئة.. تذليل العقبات لمساندة رواد الأعمال
معهد الملك سلمان لريادة الأعمال.. نحو تعزيز الاقتصاد المعرفي