انطلقت مساء الأربعاء الماضي بالرياض، فعاليات الدورة الـ31 من “مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة”، برعاية خادم الحرمين، وحضور مسؤولين خليجيين، وبحضور جمهورية مصر كضيف شرف لهذه الدورة.
وحضر حفل الافتتاح ، والذي يعد أحد أهم المهرجانات الثقافية في الخليج والعالم العربي، كل من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ومسؤولون خليجيون آخرون، بالإضافة إلى وزير الثقافة المصري حلمي النمنم.
المهرجان لتوحيد الصف وجمع الكلمة:
وقال وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان، الأمير متعب بن عبدالله خلال الافتتاح، إن المهرجان يرمز إلى اللحمة الوطنية وتوحيد الصف وجمع الكلمة، حيث يضم كل مناطق المملكة وكل أطيافها ليطلع الأجيال على ماضيهم وتاريخ وطنهم وتراثه وثقافته.
ويحتوي المهرجان على سباق الهجن “الإبل” الذي يعد من الفعاليات الأساسية في الجنادرية، وتحول على مر السنين من منافسة تقليدية إلى منافسة رياضية قوية باتت من أكثر الرياضات جذبًا للشباب الخليجي عامة والسعودي خاصة.
وتتضمن الجنادرية أيضًا أنشطة ثقافية متنوعة كالمحاضرات والندوات التي تناقش قضايا فكرية تواكب تطورات العصر.
برامج مهنية وتقنية بأيدٍ سعودية:
وفي جانب من المهرجان، بدأ جناح المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في استقبال زوار فعاليات مهرجان “الجنادرية 31” بالنظر إلى ما يحتويه من برامج مهنية وتقنية تلائم متطلبات المهتمين، حيث يطرح الجناح الذي نفذ بأيد سعودية على مساحة (2500) متر مربع مشاركاته التي تعكس تطور التدريب التقني والمهني وتأهيل الكوادر الوطنية بالإضافة إلى إبراز إبداعاتها بما يدعم توجه الدولة نحو تحقيق الرؤية 2030.
وتنوعت مشاركة المؤسسة هذا العام من حيث تنوع التخصصات التي تقدمها واطلاع الزوار على الجديد في تدريب الكوادر الوطنية وفق احتياجات سوق العمل، فيما تشهد أبرز المجالات التي نجحت فيها المؤسسة مع القطاع الخاص عرضًا للزوار في مجال البترول والصناعات البتروكيماوية، وتقنية البلاستيك، البترول، الالكترونيات والأجهزة المنزلية، وكذلك مجال صناعة التغليف والتعبئة والطباعة، والطاقة والمياه، صناعة الأغذية والألبان، وصيانة السيارات، ومجال الصناعات المطاطية، والتعدين، ومجال التصنيع الغذائي، بالإضافة إلى الكهرباء وتقنية المياه، والتقنيات المتقدمة، صناعة الورق، التقنيات الألمانية، الخطوط الحديدية، والطيران، وتشييد المنشآت، وغيرها من المجالات.
عرض برامج تدريبية وفق احتياجات سوق العمل:
ويقدم الجناح لجمهوره في الفترة التي حددت للرجال، أو الفترة التي تخص العائلات عددًا من الفعاليات التي تعرف بدور المؤسسة في التدريب من خلال الكليات التقنية للبنين والبنات، وكليات الاتصالات، بالإضافة إلى الكليات العالمية، كما يرصد بشكل مستمر مواكبة التدريب لتطورات واحتياج المجتمع من خلال عرض برامجها التدريبية الأخيرة التي تم تصميم مناهجها وفق احتياجات سوق العمل. كما يوفر الجناح أكاديمية الطفل التقنية التي تنطلق في تخصصات تواكب ميول الطفل من الساعة الرابعة عصرًا ولمدة سبع ساعات يومية، وركناً للموهبة والابتكار، وأخرى تعرف الزوار بالعديد من الجهود ذات العلاقة بالتدريب الأهلي والعمل الحر وتقنية الغذاء بالإضافة إلى صناعة السياحة والفندقة. كما يقيم الجناح أكثر من (12) دورة تطويرية يوميًا بالإضافة إلى الدورات اليومية في مجال “صيانة الجوال”.
المملكة 2030 والاقتصاد الوطني:
من جانب آخر، ومن ضمن الفعاليات المصاحبة للمهرجان، اقترح ضيوف “ندوة المملكة 2030 والاقتصاد الوطني” التي عقدت مساء أول أمس ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، إنشاء مركز بوزارة الاقتصاد والتخطيط يختص بالإجابة على اسئلة وسائل الإعلام بشتى أنواعها والرد على استفسارات المواطنين بشأن الرؤية، وقالوا بأن التأخر على الإجابة أو عدمه قد يترك فراغًا يثير كثيرًا من التشويش والضبابية لدى الكثير من الأطراف مشددين على أن التغير المصاحب لرؤية المملكة والإصلاحات الكبيرة في الاقتصاد وهيكلة الدولة غير المسبوق غير المسبوقة بحاجة إلى الصبر والنفس الطويل، داعين المجتمع إلى التحلي بالصبر، مؤكدين الفوائد الهائلة من وراء برامج الرؤية وأهمية الانتظار لتؤتي أكلها، منوهين بالشفافية والمساءلة الموجودة بالرؤية وتعزيز الثقة بها.
وأكد المتحدثون بالندوة، محمد الجاسر الوزير السابق لوزارة الاقتصاد والتخطيط وعبدالله بن ربيعان أستاذ الاقتصاد بمعهد الإدارة وعبدالحميد العمري الباحث الاقتصادي، أن رؤية المملكة 2030 تعد خطة وطنية تطويرية شاملة، لكل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية لتطوير الانسان السعودي والأخذ بأسباب التطوير للاقتصاد السعودي بشكل شامل يتواكب مع متطلبات العصر الحديث.
ونوه الجاسر بمتانة وقوة الاقتصاد السعودي من خلال المعطيات والمؤشرات العالمية، رغم كل الظروف غير المستقرة اقليميًا وعالميًا، مؤكدًا أن رؤية المملكة 2030 أخذت بالاعتبار كل عوامل القوة للاقتصاد السعودي ليكون قويًا لمواجهة التحديات الاقتصادية، وأشار إلى المشاريع الاقتصادية العملاقة التي تسير دفة الاقتصاد السعودي مؤكدًا أهمية نمو الصادرات غير النفطية في تنويع اقتصاد المملكة.
جدولة وتحفيز جميع مفاصل الاقتصاد السعودي:
وأوضح ضيوف الندوة التي أدارها عبدالوهاب الفايز أن الرؤية تهدف الى إعادة جدولة وتحفيز جميع مفاصل الاقتصاد السعودي للتواكب من المراحل القادمة وبما يتفق مع التغير العالمي، ودعم الصادرات غير البترولية من خلال المشاريع العملاقة والبدائل الاقتصادية المتعددة التي يزخر بها اقتصاد المملكة، لافتين إلى اثرها وانعكاسها على جميع دول المنطقة بشكل مباشر او غير مباشر عبر خططها التطويرية الطموحة وهدفها الأسمى لتطوير الانسان.
واستعرض المتحدثون عوامل قوة اقتصاد المملكة ومكانته العالمية وترتيبها في ظل المنافسة العالمية مشيرين إلى أهمية تحرير الاقتصاد تمشياً مع منظمة التجارة العالمية واتخاذ الكثير من الإجراءات في هذا المجال، مشددين على أهمية مساهمة القطاع الخاص الفاعلة بقوة الاقتصاد الوطني، وعدد العمري ثلاث نقاط رئيسة لتطوير الاقتصاد منها، تحديث الأنظمة والبرامج التي تسير الاقتصاد السعودي وتطوير البناء التحتية، على أن يلمس المواطن والمجتمع هذا التحديث والتطوير، مؤكدين أن الإصلاح لن يكون له أثر إذا لم يكن المجتمع في صلب هذا التحديث والتحول.
300 مفكر وأديب ومثقف من مختلف الدول يشاركون بالمهرجان:
ويشارك في دورة هذا العام من الجنادرية أكثر من ثلاثمائة مفكر وأديب ومثقف من مختلف دول العالم، وما يزيد عن سبعمائة مشارك من فرق الفنون الشعبية بالمملكة وبقية دول الخليج العربي، ونحو 250 حرفيًا يمثلون مختلف الحرف من دول الخليج.
وينظم المهرجان في قرية متكاملة شمال شرقي الرياض تحمل اسم الجنادرية، وتضم الموروث الثقافي والمادي للإنسان السعودي، والأدوات التي كان يستخدمها في بيئته منذ عقود.
ويعد الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، صاحب فكرة ومؤسس هذا المهرجان، الذي يقام منذ عام 1985، ويجذب زوارًا من داخل المملكة وخارجها.
كتب: سميح جمال