في وقت تكثر فيه الالتزامات والأعباء المالية على الأفراد والأسر لتوفير مستلزماتهم؛ ما يرهق كاهل رب الأسرة لتوفير الاحتياجات الأساسية، فضلًا عن الاحتياجات الكمالية، يترتب على ذلك غالبًا، اللجوء إلى القروض الشخصية أو البطاقات الائتمانية؛ ما قد يؤثر في الأمن المالي للأفراد، بالإضافة إلى الخلل في صمام الأمان الأسري لعدم التخطيط المالي السليم؛ ما قد يتسبب في وضع الفرد تحت ضغوط مالية والتزامات طويلة الأجل أو تعثر ائتماني.
وقد يخلط البعض بين السلوك الادخاري والتوفير، فالأخير يختلف في الهدف والمضمون عن الأول؛ إذ يركز الادخار على جمع الأموال لهدف محدد ولفترة محددة، فيشاه الاستثمار، ويختلف عن التوفير الذي يكون مرتبطًا بآلية شراء أو ترشيد إنفاق واستهلاك بحسب الموارد المالية المتاحة.
ولعلنا ننطلق من أحد برامج تحقيق الرؤية ” برنامج تطوير القطاع المالي” الذي يرتكز على ركائز عدة، ومنها الركيزة الثالثة: تعزيز وتمكين التخطيط المالي الساعي إلى تعزيز الثقافة المالية، وتشجيع الادخار على كل شرائح المجتمع؛ ومنها الادخار للمسكن والتعليم، والزواج وغيرها من برامج ومبادرات طموحة.
وفي المقابل، هناك مبادرات متواضعة من المؤسسات المالية وشركات التأمين، تهتم بتثقيف المستهلك عن البرامج الادخارية وحسابات التوفير والأسرة؛ كجزء من مسؤوليتها للمجتمع للحد من السلوك الاستهلاكي والاستنزاف المالي.
وحيث إن هناك استراتيجيات وركائز ومبادرات على عاتق القطاع العام موجهة للادخار يقودها برنامج تطوير القطاع المالي، وتخدم الادخار للمسكن والتعليم والتثقيف الادخاري- وكذلك الادخار لما بعد التقاعد وغيرها من المبادرات الطموحة- فلا نكاد نرى مبادرات مكملة أو شراكات من القطاع الخاص كالمؤسسات المالية وشركات التأمين، ناهيك عن عدم تفاعل القطاع الخاص- كجانب من مسؤوليته الاجتماعية- بنشر الوعي والتثقيف الادخاري، وتبني مبادرات وبرامج، والترويج لمنتجات الادخار التي تساعد على التخطيط المالي طويل الأجل، وتقديم حوافز مالية منخفضة المخاطر.
وهناك عمل دؤوب من جانب القطاع العام، بوضع خطة استراتيجية وطنية للادخار – ترى النور قريبًا – تهدف إلى رفع نسبة مدخرات الأسر من إجمالي دخلها من 6% إلى 10% من خلال وطن طموح ومواطنة مسؤولة؛ إذ تشير الإحصاءات الرسمية- كمؤشر إنفاق الأسر، ومؤشر الادخار- إلى أن ثقافة الادخار للأسر شبه معدومة؛ لذلك، نتمنى أن نرى برامج مماثلة، وعلى مستوى واسع من القطاعين العام والخاص، وكذلك القطاع الثالث غير الربحي، ولا سيَّما أن الادخار ضرورة لتحقيق الكفاية والاستدامة المالية.