المزايا والعيوب وجهان لعملة واحدة؛ وحين نتكلم عن الوجه المظلم لريادة الأعمال فهذا معناه أننا ندرك تمامًا الجانب الإيجابي فيها، وإنما تأتي أهمية الإشارة إلى هذه العيوب وتلك النقائص من كونها تشحذ همة رواد الأعمال، وترفع من استعدادهم لمواجهة الصعاب التي ستعترض طريقهم لا محالة.
وعلى هذا، فإن الحديث عن الوجه المظلم لريادة الأعمال هو رغبة حقيقية في أن ينزل الراغبون في سماوية الأحلام إلى دنيوية التطبيق، أن يعرفوا أن الطموحات العالية والأحلام الكبيرة لن تؤدي إلى شيء ما لم يعدوا عدتهم لمواجهة الصعوبات والمخاطر المنثورة على الطريق.
إن ريادة الأعمال عمل أخاذ ومسار جذاب، لكنه ينطوي على جانب مظلم _هذا ما يتوجب علينا الاعتراف به_ إن أدركناه جيدًا سيكون في استطاعتنا تفاديه، أو حتى على الأقل التقليل من حدته وخطورته.
اقرأ أيضًا: نجاح المشروع الناشئ وعملية صنع القرار
والآن سنحاول، فيما يلي، رصد أبرز ملامح الوجه الظلم لريادة الأعمال، وذلك على النحو التالي:
لا وقت لنفسك
إن أول ما تجد نفسك _كرائد أعمال_ فريسة له هو شعورك بأنك محتل تمامًا من قِبل عملك، وبكونك مستلبًا، ومستنزفًا تمامًا، فلن تجد وقتًا كافيًا لتنفرد فيه بنفسك وتتوحد مع ذاتك. وقلما تحصل على الهدوء والسلام والسكينة.
فكونك صاحب عمل ما يعني أنك المسؤول فيه عن كل شيء، ومهما يكن من أمر فستكون مشغولًا طوال الوقت، ولن تجد وقتًا ولو ضئيلًا للرجوع إلى نفسك، والعثور على السكينة والهدوء.
لا أصدقاء ولا حياة اجتماعية
ستتحدث في الهاتف طوال اليوم من دون شك، ولكن مع أشخاص لهم علاقة بالعمل، وهو الأمر الذي سيعود ضرره على علاقاتك الاجتماعية وحياتك العائلية. لن يكون لديك أصدقاء؛ أي لن تتمكن من الحصول على أصدقاء جدد كما أنك ستفقد أصدقاءك القدامى.
فطبيعة عملك ستجبرك على النظر إلى مثل هذه اللقاءات الاجتماعية على أنها نوع من الترف أو مضيعة للوقت، فضلًا عن أنك، بالنسبة لهم، لن تبدو شخصًا مرحًا بعدما دخلت عالم ريادة الأعمال، وأمسى تفكيرك عمليًا حتى النخاع.
اقرأ أيضًا: كيف تدير مشروعك بنجاح؟
نظامك الغذائي لن يكون بخير
إن تناول الطعام هو أحد الأمور التي تقع في ذيل اهتمامات رواد الأعمال، وغالبًا ما يلجأون إليه عندما تصل طاقتهم إلى الصفر، فضلًا عن أن الاستمتاع بهذا الطعام لن يكون موجودًا بعد الآن، ففي أغلب الأحوال ستضطر لمناقشة أحد أمور العمل أثناء تناولك وجبتك الغذائية.
علاوة على أنك لن تجد الوقت الكافي لطهو طبقك المفضل، وإنما ستأكل أي شيء متاح وبشكل متعجل؛ كي لا تتأخر عن عملك.
ستفشل مرارًا
ربما لا يكون الفشل أحد جوانب الوجه المظلم لريادة الأعمال لكن بشرط أن تنظر إليه باعتباره شرطًا أساسيًا من شروط النجاح. إن النجاح والفشل وجهان لعملة واحدة، ومنظورك إلى الفشل هو الذي يحدد هل هو أمر جيد أم لا.
لكن إذا قررت خوض مغامرة ريادة الأعمال وأنت تظن أنك لن تفشل أبدًا، فعليك أن تعيد حساباتك مرة أخرى؛ فما من رائد من رواد الأعمال الناجحين إلا وذاق مرارة الفشل مرارًا قبل أن يذوق طعم النجاح، فليكن ذلك منك على بال.
اقرأ أيضًا: المشروع الناشئ.. تعريفه وخصائصه
لن يأتي المال سريعًا
لن يسقط المال عليك من السماء لمجرد تأسيس مشروعك الخاص، ولن تمطر الذهاب أموالًا كثيرة، هذا وهم يجب عليك أن تستفيق منه؛ فالعكس هو الصحيح، فستنفق على المشروع الكثير من الأموال قبل أن يدر عليك ربحًا ما.
إن مجرد كون فكرتك عظيمة ورائدة ومبتكرة لا يعني أن الربح سيعرف طريقه إليك بشكل سريع؛ فالفكرة كالجنين تحتاج إلى رعاية واهتمام كبيرين حتى تصل إلى أوجها وازدهارها.
استعد للمشاكل الجسدية
ستضطر للعمل من 15: 18 ساعة يوميًا خاصة في المراحل الأولى من عمر مشروعك، وهو الأمر الذي سيشعرك بالتوتر، والإجهاد، والضغط، ستصاب بصداع دائم تقريبًا، ألم في المعدة، ضيق في التنفس.. إلخ, هذه ضريبة لا بد من دفعها، ولا بد دون الشهد من إبر النحل.
اقرأ أيضًا:
استدامة المشاريع الصغيرة.. نمط اقتصادي بديل
العائد من المشروع.. قف وتأمل النتائج
التحليل التنافسي للمشروعات الناشئة