ليس جديرًا بك أن تكذب، بشكل عام، لا في حياتك العملية أو الخاصة، وعلى الرغم من عدم أخلاقية الكذب وخداع الناس فإن الكذب في مقابلات العمل أمر شائع جدًا؛ حيث وجد عالم النفس الاجتماعي رون فريدمان أن 81% من الأشخاص يكذبون أثناء مقابلات العمل.
نحن واعون، بطبيعة الحال، بحجم الضغط الهائل والمجنون الذي نتعرض له عندما نفقد وظيفة ما، ونكون في مسيس الحاجة للحصول على وظيفة أخرى، لعل هذا الواقع هو ما يدفعنا إلى الكذب في مقابلات العمل.
سوى أن هذا الكذب _إذا كان في غير موضعه، وسنبين فيما بعد متى يمكنك الكذب في مقابلات العمل_ قد يؤدي إلى نتائج عكسية، وربما يكون معرقلًا لك لا معينًا على الظفر بالوظيفة التي تبغي الحصول عليها.
فبعض الأشخاص يبهرون كل من يتحدثون إليه، لكن ماذا لو كانت الوظيفة لا تتعلق بإبهار الآخرين؟ يمكننا القول، دون كبير مغامرة، إن مقابلات العمل لا تميط اللثام سوى عن أقل القليل من مهارات المتقدمين للحصول على الوظائف؛ فالعمل الحقيقي هو المختبر الحقيقي للمهارات التي يتمتع بها أي شخص، الجميع ماهر في الكلام لكن ليس الجميع ماهرًا في الفعل.
اقرأ أيضًا: أخلاق إدارة الموارد البشرية.. كيفية حماية حقوق الموظفين
التحيزات اللاواعية
وإذا كنا نتحدث عن الكذب في مقابلات العمل فلا يمكن أن ننحي باللائمة على المتقدمين للحصول على وظيفة ما وحدهم، فمن يجرون المقابلات يكونون متحيزون أحيانًا.
ولفت عالم النفس الاجتماعي رون فريدمان إلى أنه بسبب الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا فمن المحتمل أن نكون فريسة لما يسميه «التحيزات اللاواعية».
فعلى سبيل المثال: غالبًا ما يُنظر إلى الأشخاص الجذابين على أنهم أكثر معرفة وقدرة، وغالبًا ما يُنظر إلى الأشخاص الأطول قامة على أنهم يتمتعون بمهارات قيادية أقوى، والأشخاص الذين يتحدثون بصوت منخفض يُنظر إليهم على أنهم أكثر موثوقية وصدقًا.
مثل هذا النوع من التحيزات اللاوعية قد يكون أحد الدوافع إلى الكذب في مقابلات العمل؛ فطالما أننا نعرف أن بعض الأمور/ الكلمات.. إلخ تجد صدى جيدًا لدى المستمعين، أو من يجرون المقابلات في هذه الحالة، فيجد الشخص المتقدم للوظيفة نفسه مضطرًا للكذب كيما يخلّف انطباعًا جيدًا عن نفسه لدى الآخرين.
اقرأ أيضًا:
الكذب في مقابلات العمل
ويرصد «رواد الأعمال» بعض الحالات التي يمكن الكذب فيها، وهنا يكون الكذب في مقابلات العمل ممكنًا، وهذه الحالات هي..
-
مهارات يمكنك تعلمها
حين تُسأل أثناء مقابلة العمل عن مهارة لا تتوفر لديك ولا تتقنها يمكنك الكذب هنا والقول إنها تتوفر لديك، لكن بشرط أن تكون واثقًا من قدرتك على تعلمها؛ فإذا لم تتمكن من ذلك فستكون العواقب وخيمة.
صحيح أن هذا الكذب في مقابلات العمل أمر غير محبذ، لكنه، وفي الوقت ذاته، دليل على تمكنك من التعلم السريع والثقة بذاتك، علاوة على كونه دليلًا على شغفك بالوظيفة التي تقدمت بطلب للحصول عليها.
اقرأ أيضًا: توظيف المستقلين.. خطوات عملية
-
نقطة ضعفك
ما هي نقطة ضعفك؟ هذا سؤال دائم التكرار في مقابلات العمل، ومع ذلك يمكنك الكذب في هذه النقطة _لنتذكر أننا نتحدث عن الكذب في مقابلات العمل_ إذ ليس صوابًا أن تقول إن نقطة ضعفك عدم الانتباه إلى التفاصيل، أو عدم القدرة على قبول النقد.
ولكن يمكنك التحدث عن نقطة ضعف يسيرة، بل قد تبدو في باطنها نقطة قوة، كأن تقول على سبيل المثال: إن نقطة ضعفي هي التوتر الشديد عندما أُكلف بمشروع أو مهمة كبيرة؛ فمن شأن هذا التوتر أن يقودك إلى بذل قصارى جهدك لإنجاز المهمة على النحو الأمثل.
ولا يكفي أن تتحدث عن نقطة ضعف كهذه فقط، وإنما يتعين عليك أيضًا أن تبين خططك للتغلب عليها والتخلص منها؛ بهذه الطريقة سينبهر بك من يجرون معك المقابلة الوظيفية، وتكون قاب قوسين أو أدنى من الحصول على المنصب الذي تسعى إليه.
اقرأ أيضًا: المهام الصعبة في العمل.. كيفية إنجازها والتعامل معها؟
-
وظيفتك السابقة
من بين الأسئلة الدارجة في مقابلات العمل أيضًا: لماذا تركت وظيفتك السابقة؟ وكيف تشعر حيال زملائك السابقين؟ وليس من الجيد أبدًا التحدث بسوء عن وظيفتك السابقة ولا عن زملائك السابقين.
فبغض النظر عن عدم أخلاقية فعل كهذا فهو أيضًا تصرف غير مجدٍ، كما أنه قد يؤخذ ضدك، ويعرقل مسيرتك للحصول على الوظيفة الجديدة؛ فصاحب العمل الجديد ليس معنيًا بشيء مما مضى، ولا هو مهتم بمعرفة من المخطئ أنت أم زملاؤك السابقون، وإنما هو يفكر في أن ما تفعله حاليًا _الإساءة إلى وظيفتك السابقة_ قد يحدث معه أيضًا حتى قبل أن تغادره إلى وظيفة أخرى.
لا شك أن الكذب في مقابلات العمل قضية شائكة جدًا، ولا يمكن الإلمام بها في مقال واحد، لكننا آثرنا فقط إلقاء بعض الضوء على المسألة؛ كيما نُعرّف الساعين إلى الحصول على العمل بالطريق التي عليهم أن يسلكوها من أجل ذلك.
اقرأ أيضًا:
التنمية البشرية.. إدارة المصطلحات الوهمية
كوفيد 19.. وتعزيز رفاهية الموظفين
إدارة المواد البشرية عبر البيانات الضخمة