مع أن القانون أو النظام يُعد قديمًا، قدم الإنسان وإن كان الإنسان قد عاش في مراحل حياته الأولى بشكل منفرد وبسيط متنقلًا من مكان إلى آخر سعيًا وراء الرزق، إلا أنه مع تغير الظروف وبروز التجمعات البشرية في مكان واحد على شكل قرى ومدن صغيرة، بدأ اللجوء لوضع قانون ينظم العلاقات بين الأفراد.
وبغض النظر عن سبب نشوء هذا التجمع السكاني، فقد أصبح وجود نظام ينظم حياة الأفراد والمجتمع حاجة ملحة، زاد من أهميته، الازدياد المستمر لعدد السكان؛ ما تطلب وضع قوانين لحل خلافاتهم ومشاكلهم اليومية؛ وبالتالي أصبح وجود النظام مطلبًا أساسيًا لتحقيق المصلحة العامة؛ إذ لا يمكن قيام حضارة دون وجود نظام يحترمه جميع أفراد المجتمع طوعًا أو كرهًا.
ويُعرَّف القانون بأنه مجموعة من القواعد العامة المجردة الملزمة التي تحكم سلوك الأفراد داخل المجتمع، ويترتب على مخالفتها جزاء توقعه السلطة العامة.
وفي النظام، تحدد الحقوق والواجبات التي على الفرد وللفرد ذاته، إضافة إلى أنه من ينظم علاقات أفراد المجتمع فيما بينهم وبين الغير.
ولاشك في أنه كلما زاد إدراك ووعي أبناء المجتمع بأهمية النظام، زاد احترامهم وتقيدهم به؛ لعلمهم بأنه يحمي حقوقهم ومصالحهم؛ لأن احترام الأنظمة لا يحمي المجتمع فحسب، بل يسهم أيضًا -وبشكل مباشر- في نموه وازدهاره واستقراره. وغني عن البيان، أن تطبيق النظام على الجميع يسهل التقيد به؛ لعلم المجموع بأنهم سواسية أمامه.
ولا يتصور اليوم -مع قيام الكيانات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على شكل دول- أن يعيش الأفراد دون نظام ينظم الحياة العامة والخاصة فيها. ونظرًا لما تحتله المملكة العربية السعودية من مكانة دينية وسياسة واقتصادية وجغرافية جعلت منها محط أنظار العالم، وبصفتها إحدى أكبر الاقتصاديات في المنطقة، فقد أولت الجانب التشريعي أهمية خاصة؛ لتواكب التطورات المتسارعة في الأنظمة والقوانين على كافة الأصعدة، علمًا بأن النظام الأساسي للحكم قد حدد أن دستور الدولة هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وقد روعي في جميع ما يصدر ويُسَن من أنظمه ألا تخالف الكتاب والسنة، ومع ذلك استطاعت المملكة أن تضع كثيرًا من الأنظمة التي أسهمت في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، وخير شاهد على ذلك ما يشهده المجال الحقوقي والقضائي من تطور مستمر.
وللحديث بقية