أكد الرحالة خالد صديق؛ المهتم بتعلُم اللغات والتدوين والتصوير الفوتوغرافي والفيديو، أنه كان خلال مرحلة شبابه لا يحب الخروج من المنزل كثيرًا، فكان يستغل وقته؛ إما بالقراءة أو بالجلوس على الكمبيوتر، لكنه بعد مرحلة الثانوية العامة، التحق بمقهى للعمل كباريستا.
السعودي الوحيد
لم تكن فكرة عمل الشباب السعودي منتشرة في المطاعم والمقاهي وقتها، كنت حينها السعودي الوحيد وسط جالية من الشباب الآسيويين؛ ما جعلني أطلع على ثقافاتهم وعاداتهم بشكل موسع، فأدهشتني بساطتهم، فخطر ببالي فكرة زيارة بلادهم، لمعرفة كيف يعيشون.
لم تكن فكرة السفر حينها متاحة بسبب الدراسة الجامعية؛ ولكن ما أن تخرجت وبدأت عملي في مجال تقنية المعلومات، حتى بدأت العمل على تحقيق الحلم.
اهتمام بالثقافات
كنت في سفرياتي أحرص على فهم الإنسان؛ كونه العامل الأساسي المرتبط بالثقافة والتاريخ؛ ما جعلني أنوع في اختياراتي بزيارة دول مختلفة، فعادةً ما يتشابه الإنسان المتمدن – الذي يعيش في العواصم- في الصفات، فجميعهم يعيشون في مدن ضخمة صممت لتتناسب مع احتياجات العالم الحالي، لذا فإن الابتعاد عن العواصم والمدن، يهيئ لنا الالتقاء بالإنسان البسيط المتواضع، والذي يجعلني في تقارب روحي معه لفهمه وفهم بلده وثقافته.
الاهتمام باللغات
كنت قد بالغت كثيرًا عندما زرت الصين لأول مرة؛ ففي رحلتي الأولى لها، توجهت للقرى والأرياف؛ ما سبب لي صعوبات بالغة في التحدث مع الناس، فليس هناك سوى اللغة الصينية، كنت أعجب بكل ما أراه وأعيشه هناك؛ حتى تركت الصين بداخلي شعورًا لا أنساه، منذ زيارتي لها في صيف عام ٢٠١٤م ؛ إذ أتعلم اللغة الصينية بنفسي؛ إذ لا يوجد وسيلة للتحدث مع الصينيين وفهمهم، إلا بتعلم لغتهم.
سافرت إلى أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى وبعض جزر البحر الكاريبي؛ وهي دول يغلب عليها اللغة الإسبانية، ولا سبيل للعيش فيها إلا بتعلم اللغة الإسبانية.
أما اللغة الروسية، فلا يغيب عن ذاكرتنا أنه يوجد حوالي 15 دولة كانت تحت حكم الاتحاد السوفييتي، تتحدث جميعها اللغة الروسية كلغة أولى أو ثانية، فلم يكن هناك سبيل للتجول في جمهورية روسيا الاتحادية ودول آسيا الوسطى، إلا بتعلم لغتهم، خصوصًا إذا كنت مهتمًا بطريق الحرير.
لماذا أسافر وحيداً؟
إن الهدف الأساسي من سفري هو الاندماج مع أساليب الحياة الأخرى في تلك البلاد؛ وهو ما لا يتم إلا بالتجرد التام من كل شيء، وإن كان ذلك يتعارض كثيرًا مع سفر المجموعات، فإن أردت الترحال بين مختلف أقطار العالم ومجالسة الناس، فسافر وحدك؛ كون سفرك مع الأصدقاء يجعلك تتحدث باللغة العربية معهم، بدلًا من تعلم لغات تلك البلاد، كما يجعلك لك مشغولًا بالحديث معهم، وليس مع أهل البلد أو السياح الذين تلتقي بهم، فضلًا عن ضياع كثير من الوقت في الترتيب والتخطيط في خطة سير اليوم وغيره. كل ما سبق، يجعلني أفضل السفر وحيدًا دائمًا، فعندما تسافر وحيدًا فإنك في الواقع لا تكون وحيدًا؛ بل تندمج مع الناس.
الحياة بزاوية أخرى
إن لتعدد التجارب أثناء التنوع بين البلدان، سببًا قويًا لتغيير وجهة نظري في أمور كثيرة في الحياة؛ وذلك لتنوع التجارب ومجالسة الناس، والاستماع لكثير من القصص، واكتساب خبرات حياتية جميلة أحيانًا وقاسية أحيانًا أخرى، علاوة على اختلاف الدين والعرق والمبدأ واللغة وظروف الحياة في كل دولة.
مواقف لن أنساها
من المواقف التي لا أنساها، إقامتي وسط غابات الأمازون، دون كهرباء، بمنزل عائم فوق نهر مليء بأسماك البيرانا الشرسة والتماسيح القاتلة، وثعابين الأناكوندا والبعوض الناقل للملاريا والحمى الصفراء. وعلى الرغم من العزلة التي كنت فيها هناك، لكن أتذكر جيدًا كيف يكون ليل ذلك المكان رائعًا هادئًا مبهجًا مليئًا بالنجوم.
التجارة والمجال الاقتصادي
في ظل الثورة الاقتصادية التي نعيشها الآن، هناك انعكاس كبير على نمط حياة ومستوى أمان الدول، لمست ذلك في الصين التي تتمتع ببيئة اقتصادية قوية، تسهل نمط الحياة فيها، فضًلا عن زيادة مستوى الأمان وتحسين مستوى المعيشة، وهي أمور هامة لكل مسافر، على العكس تمامًا عند بعض الدول المتأثرة اقتصاديًا، وهو ما سيظهر تأثيرًا واضحًا جدًا في أسلوب حياة المرء.
التنوع الثقافي في السعودية
تتميز السعودية بتنوع ثقافي عالٍ، مقارنة بكثير من الدول حول العالم؛ ما يتيح لها فرصة رائعة لجذب السياح سواء من المملكة أو من خارجها، خصوصًا خلال التنقل بين مدنها، فبكل منطقة كم وافر من الثقافة التي يمكن استكشافها، والتعلم منها.
عوامل جاذبة للسياحة
أتمنى تجهيز المرافق العامة فيما يخص جميع الفئات السياحية؛ وهو ما ألحظ وجوده خلال المواسم السياحية في مختلف مناطق المملكة، باستهداف جميع فئات السياح وتوفير جميع وسائل الإقامة والتنقل لهم.
تجارب الآخرين
أنصح من يرغب بتجربة السفر، بقراءة التاريخ، والاطلاع على تجارب الآخرين لفهم البلد بصورة أوسع، فضلًا عن تعلم اللغات وفهم عادات الشعوب والصبر على كل ما قد يمر به المسافر من ظروف أثناء سفره.