قد يبدو حديث فيصل الإبراهيم؛ وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي في منتدى الثورة الصناعية الرابعة بالنسبة للبعض حديثًا عاديًا في فعالية اقتصادية، لكنه حديث عميق يحمل رؤية ثاقبة وبشارات قد تتجاوز زوايا الطموح السائد في المملكة، بعد طرح رؤية 2030 وما أعقبها من تخطيط وخطط واستراتجيات مطروحة، وبرامج ومشاريع شملت كل المجالات، يمكن تصنيفها كمنظومة متكاملة تقود المملكة نحو التقدم وتحقيق أعلى معدلات التنمية المستدامة على مستوى العالم.
إنَّ ما طرحه الوزير يمثل مدخلًا مهمًا لتحول المملكة إلى الاهتمام بجوانب ومجالات غير تقليدية؛ كون المملكة تخطط لتكون ضمن الدول الرائدة بمجموعة العشرين بمؤشر الابتكار؛ ما يعني ضمنيًا إقبالها على حراك اقتصادي مميز، يعتمد على الفكرة والخطة والتطوير؛ إذ يرتبط الابتكار بالتطوير؛ عبر حلول تقنية بظهور مشاريع أو عمليات أو خدمات جديدة؛ كون الابتكار يتضمن أفكارًا لإنتاج أعمال جديدة، على الرغم من أن الابتكار عادة ما يكون هو تطوير القائم.
وعلى ضوء معطيات وتجارب في المملكة، قدم أبناؤها أفكارًا ومشاريع اتسمت بالجدة والأصالة وأثارت الدهشة، وكونت شكلًا من الإبداع المرتبط بالابتكار بالاستخدام الأمثل للمعرفة العلميّة، وتطبيقاتها، وتطويعها لخدمة الإنسان ورفاهيّته؛ ما يجعل له أثرًا كبيرًا على شكل المشروعات القائمة والمبتكرة.
لقد ركزت خطط المملكة على الفرص المتوقعة التي ستكون متاحة، والتي تشمل رقمًا يفوق 3 تريليونات دولار خلال خمس سنوات، يبعث على مزيد من النمو الاقتصادي في كل المجالات؛ بالتركيز على استخدام الحلول القائمة على الثورة الصناعية الرابعة، لا سيما بعد جائحة كرونا التي غيرت كثيرًا من المفاهيم، وأساليب إدارة الأنشطة الاقتصادية، والمشروعات، وكشفت عن الفجوة في الاقتصادات الرائدة في العالم.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإحداث التحولات المطلوبة في مجال ريادة الأعمال والإبداع والابتكار، إلا أن المملكة تحتاج إلى عمل كبير ومنظم لرفع تصنيفها في مؤشر الابتكار العالمي ضمن مجموعة العشرين، وتحتاج إلى برامج ومبادرات؛ منها برنامج الابتكار وريادة الأعمال الرقمية الذي أطلقته المملكة مؤخرًا؛ بهدف تمكين رواد الأعمال؛ بتقديم خدمات تقنية وتمويلية وإرشادية في التقنيات الحديثة، وبرامج تطوير الأعمال.
ويجب أن تأخذ العملية بعدًا مهمًا في أولوياتنا، مع رصد المستقبل والتنبؤ بالتحديات التي يمكن أن تواجه المملكة، والتي تؤثر سلبًا على الكفاءة الإنتاجية في المشاريع القائمة أو تلك التي تحت التنفيذ؛ فعمليات التطور والتغيير تتطلب مجهودًا مضنيًا وإمكانيات متعددة؛ لذا أصبح الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي أكثر أهمية؛ لكي نواجه المشكلات المحتملة عند تنفيذ الخطط والبرامج المرتبطة باستراتيجيات التطوير، والبحث عن مكانة ريادية بين دول العالم، دون أي مفاجآت.
اقرأ أيضًا:
الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية
فضاء آمن وصناعات واستثمارات محمية