عند التواصل مع المستهلكين، يعتمد المستخدمون المتصلون في عالم التكنولوجيا المتطور على المنصات الرقمية المتنوعة، مع مجموعة من أجهزة وبرامج الاتصال في الوقت الفعلي. ورغم الاختلافات الواضحة في شرائح المستخدمين واهتماماتهم واحتياجاتهم؛ بدءًا من المواطنين الرقميين الذين ينتمون عادة لجيل الشباب وصولًا إلى المهنيين العاملين، إلا أنهم جميعًا متشابهون على مستوى السلوكيات والتصرفات.
وقد ساهمت الأجهزة المحمولة في صنع بُعد جديد يعزز نقاط الالتقاء فيما بينهم؛ عبر تمكينهم من القراءة باستخدام هواتفهم أثناء التنقل أو مراجعة تقييمات المنتجات عند التواصل المباشر مع مندوبي المبيعات في المتاجر. ومن المؤكد أن الاتصال بات حالة وجودية بالنسبة للملايين من الناس، ومع ذلك ما زال جزء كبير من المستهكلين يعتمد على القنوات التقليدية للتسوق دون الاتصال بالإنترنت.
توقعات المستهلك التقليدي عبر المنطقة
ومن المؤكد أن الأمر ذاته ينطبق على الشرق الأوسط بالنسبة لعملية التواصل مع المستهلكين؛ حيث ما زالت الأسواق هناك تعتمد الطرق التقليدية دون توافر خدمات الاتصال على نحو واسع. وعلى الرغم من أن المنطقة شهدت ازديادًا ملحوظًا في أعداد المتصلين بالإنترنت عبر الهاتف المحمول، وصولًا إلى حوالي 280 مليون شخص بنهاية عام 2020، إلا أن 350 مليونًا آخرين غير متصلين بالإنترنت عبر الهاتف المحمول؛ ما يؤكد الحجم الهائل للمستهلكين غير المتصلين بالإنترنت حتى اليوم، فضلًا عن مستوى التفاوت في مجال النضج الرقمي عبر المنطقة.
ومع وضع هذه السيناريوهات في الاعتبار يتبادر إلى ذهننا سؤالان متعلقان برؤى وتوجهات العلامات التجارية: أولًا: هل تتطلع العلامات الرائدة في السوق لتوفير خدماتها عبر شرائح المستهلكين التقليديين؟ ثانيًا: كيف يمكنهم التواصل مع المستهلكين المحتملين غير المتصلين بالإنترنت؟
التواصل مع المستهلكين
ورغم أن التوقعات تشير إلى توجه 70% من المؤسسات في الشرق الأوسط لتسريع مسار تبني التقنيات الرقمية في عملياتها التجارية وقدراتها الاتصالية بحلول عام 2022، إلا أن عددًا لا يستهان به من هذه المؤسسات تواجه مجموعة من التحديات للوصول إلى فئات المستهلكين غير المتصلين. كما أن الواقع يُظهر أن بعض المجتمعات تفكر في الاستمرار بالعيش في مناطق غير متصلة بالإنترنت، أو تعاني من مشكلات في الاتصال الموثوق، مع استهلاك المحتوى باللغات الأصلية.
لحسن الحظ يمثل الهاتف المحمول منصة مناسبة لتمكين العلامات التجارية من التفاعل مع هذا الجمهور المستهدف، لا سيما بالنظر إلى التحديات التي يطرحها انتشار وباء COVID-19.
وكانت منطقة الشرق الأوسط قد شهدت، اعتبارًا من يناير 2021، زيادة ملحوظة في الاعتماد على الأجهزة المحمولة مع نمو سنوي قدره 23%، ومن المتوقع أن تصل مبيعات التجارة الإلكترونية إلى 48.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022، بزيادة قدرها 21.7 مليار دولار أمريكي مقارنة بعام 2018.
ونظرًا لأن الهاتف المحمول يُعد رفيقًا دائمًا للمستهلكين في الشرق الأوسط؛ بالمنزل أو المكتب أو التجمعات المختلفة، يفكر العديد من مسوقي العلامات التجارية بشكل استباقي في طرق جديدة لنشر محتوى الهاتف المحمول في المجتمعات التي تواجه تحديات مختلفة أمام قدرات الاتصال بالإنترنت؛ وذلك عبر اعتماد منهجيات التسويق التقليدية وغير المتصلة بالإنترنت.
بعبارات بسيطة: فإن التسويق التقليدي غير المتصل بالإنترنت يُعتبر من أفضل الطرق للتواصل مع المستخدمين دون الحاجة لاستخدام الإنترنت، وباعتماد القدرات التي توفرها الأجهزة المحمولة.
وتساهم الأنظمة الأساسية المختلفة لمشاركة المحتوى واكتشافه في تمكين المستخدمين من مشاركة الملفات والمحتوى حتى في حالة عدم الاتصال بالإنترنت، بينما يمكن للإعلانات عبر التطبيقات تعزيز التوجه لتنزيل كميات هائلة من المحتوى؛ ما ينعكس إيجابًا على تعزيز نجاح الحملات التسويقية التقليدية.
اعتبارات التسويق الرئيسية للشركات
يؤدي المسار التطوري الذي تتبعه الشركات؛ عبر التطلع الدائم والمستمر للتفاعل مع الجماهير غير المتصلة بالإنترنت، إلى تعزيز أهمية الاطلاع على أحدث الاتجاهات، والتفكير في تبني واعتماد تقنيات التسويق المفيدة لهم.
ومن الواضح أن الوباء قد غيّر دليل استهلاك المحتوى للعلامات التجارية، وأدت عمليات إلغاء خدمة الكابل أو الأقمار الصناعية التقليدية إلى انخفاض نسبة مشاهدة التلفزيون؛ حيث توقف المستهلكون عن مشاهدة الإعلانات التلفزيونية أو زيارة المتاجر لشراء المنتجات. بدلًا من ذلك تم تفعيل تجربة تسوق متعددة القنوات تعتمد على الأجهزة المتنقلة. كما شهد الشرق الأوسط نموًا هائلًا في خدمات الوسائط الفائقة (OTT) والخدمات ذات الصلة في الآونة الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم حتى عام 2024 مع استمرار النمو في الاشتراك بمنصات المحتوى الفائق OTT.
ورغم انتشار الإعلانات على نحو واسع النطاق إلا أن تراجع الاهتمام بهذا الجانب من قِبل المستهلكين بات فائق الوضوح؛ ما يشكل فرصة استثنائية للشركات.
وتؤدي مقاطع الفيديو ذات التنسيق القصير إلى تعزيز التفاعل مع المستهلكين، لاسيما غير المتصلين بالإنترنت. وفي حين تتوفر التقنيات التسويقية على نحو واسع، مثل Google Analytics و Salesforce، وينتشر استخدامها من قِبل الشركات لترويج حملاتها الإعلانية، يفترض الواقع تسليط الضوء على نهج مختلف لزيادة أعداد المستخدمين من وجهة نظر التطبيق.
وتساهم الشراكات مع تطبيقات “نظير إلى نظير” (P2P)، والتي تستهدف الجماهير غير المتصلة بالإنترنت، في ظل قاعدة مستخدمين راسخة وخبرة ملحوظة في عمليات تسويق التطبيقات، في زيادة معدل التنزيلات عالية الجودة للأعمال التجارية وترسيخ التفاعل الناجح مع الجماهير غير المتصلة بالإنترنت.
وبالنسبة للشركات في الشرق الأوسط تمثل الفترة القادمة فرصة مثالية للوصول إلى المستهلكين غير المتصلين بالإنترنت واكتساب عملاء جدد؛ باعتماد القدرات الفائقة للهواتف المحمولة.
وبغض النظر عن الوصول المحدود إلى الإنترنت سوف تستمر أسعار التشغيل والدفع والاشتراك في الزيادة خلال السنوات المقبلة؛ ما يساهم في تعزيز القدرات والإمكانات. ومن المؤكد أن عمليات المتابعة لخدمات OTT وتقنيات التسويق وشراكات المنصات سوف تساهم في تعزيز قدرة الشركات على التفاعل مع المستهلكين غير المتصلين على نحو غير مسبوق وتأسيس علاقات متبادلة المنفعة على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا:
الاسم التجاري.. عامل مهم لجذب العملاء
95% من المستهلكين في المملكة تحوّلوا إلى التجارة الإلكترونية
تسويق الفكر القيادي.. قوة التأثير لجني الأرباح