أوضحت أستاذة الدراسات التنظيمية في كلية شوليتش لإدارة الأعمال بجامعة يورك في تورونتو، أن معظم الطلاب طموح للغاية ويرغب في التفوق في المسيرة المهنية الخاصة به.
وأكدت أن الطلاب دائمًا ما يبحثون عن وظيفة تمنحهم إحساسًا بالمعنى والرسالة بعد التخرج.
كما أشارت إلى أن الواقع غالبًا ما يخيب هذا الطموح. حيث يواجه الخريجون صعوبة في إيجاد وظائف ذات هدف طويل المدى.
كذلك، يرفض البعض الىخر فرص عمل لا تتماشى مع توقعاتهم عن أهداف العمل، وبالتالي سيزداد شعورهم بالقلق والإحباط. خاصة حين يعتقدون أن الآخرين قد وجدوا غايتهم بالفعل.
وفي السياق ذاته، قالت الكاتبة “إذا كنت خريجًا جديدًا تدخل سوق العمل، فقد تشعر بأن ‘نداءك المهني قريب منك، وأنك إن وجدته ستستقر حياتك المهنية والنفسية.
وأضافت “لكن من تجربتي، هذا الاعتقاد غير واقعي، وغالبًا ما يسبب ضررًا أكثر مما يحقق فائدة”.
ما الهدف من المسيرة المهنية الناجحة؟
وفي سياق ذلك، ألقت الكاتبة قصة إحدى طالباتها التي وجدت وظيفة كانت تظن أنها الوظيفة المرجوة. حيث تجمع بين شغفها القديم باللياقة البدنية وعملها الجديد في شركة تنتج مشروبات طاقة للرياضيين.
بينما اكتشفت بعد فترة قصيرة أن العمل روتيني وضيق الأفق، وأنها مجرد ترس صغير في آلة ضخمة، لا دور حقيقي لها ولا فرصة للتفاعل مع الناس كما كانت تتمنى.
كذلك، أصابها الإحباط بثقتها بنفسها وصورتها الذاتية، وتركها في حالة من القلق تجاه المستقبل.
من ناحية أخرى، أوضحت الكاتبة أن هذه التجربة ليست نادرة، حيث لا تعتبر معظم الوظائف الأولى في المسيرة المهنية ملهمة بطبيعتها، وهذا أمر طبيعي.
وأضافت “السر هو أن تصنع المعنى بنفسك من خلال التجربة والاستكشاف، لا أن تتوقع من وظيفتك أن تمنحك هدف وجودك بالكامل”.
عوامل التأثير على المسيرة المهنية
خلال خمسينيات القرن الماضي، أكد عالم النفس ليون فستنجر أن الإنسان يتمتع بنزعة دائمة لمقارنة نفسه بالآخرين.
وأوضحت الكاتبة أن طلابها يشعرون بالضغط لإيجاد “غرض حياتهم”. نظرًا لتوقعات أسرهم وأصدقائهم، وبسبب ما يرونه على وسائل التواصل الاجتماعي من قصص أشخاص يبدو أنهم وجدوا شغفهم الحقيقي.
علاوة على ذلك، دعت الشركات إلى نظرية العمل الهادف لتعزيز ولاء الموظفين وتحفيزهم. ما رسخ في الوعي العام أن الوظيفة يجب أن تكون رسالة حياة، لا مجرد وسيلة للعيش أو النمو المهني.
من ناحية أخرى، يدخل الكثير من السوق العمل بهدف البحث عن الوظيفة المثالية أو الرسالة الكبرى. حيث يعانون من القلق والإحباط، ويظلون متمسكين بخيارات غير مناسبة خوفًا من ضياع الهدف.
كما تحذر الكاتبة من أن هذا المفهوم قد يؤدي إلى تراجع الدافعية والإصابة بمشكلات صحية نفسية مثل تدني احترام الذات أو حتى اللجوء إلى سلوكيات مدمّرة للهروب من الضغط.
بدائل وجود مسيرة عملية ناجحة
علاوة على ذلك، أوضحت الكاتبة أن تطور المسيرة العملية يشبه تطور علاقاتنا الشخصية. فإذا تغيرت تفضيلاتنا العاطفية مع مرور الوقت، تغيرت أهدافنا وطموحاتنا المهنية.
أي ما يناسبنا في عمر 22 قد لا يناسبنا في الثلاثين أو الأربعين.
كذلك، أكدت الدراسات أنه لا يظهر أي دليل قوي على أن وجود “غاية محددة” شرط للسعادة المهنية.
بالإضافة إلى ذلك، اكتشف كثير من الناس بعد سنوات أن الأهداف المعلنة ليست ما يريدونه في الواقع.
كذلك، أفادت الأبحاث أن الرضا المهني يرتبط بأمور أبسط. من بينها القيام بعمل تستمتع به، استخدام مهاراتك الطبيعية، والتعلم المستمر والتطور الذاتي.
وأضافت “إذا كنت لا تملك ‘هدفًا كبيرًا’ لمسيرتك المهنية، لا تقلق. ابحث عن عمل يمكنك أن تظهر فيه نقاط قوتك، وستجد المعنى مع الوقت”.
تحقيق الأهداف
بالتالي، تختتم الكاتبة المقال بالتأكيد على أن السعادة في العمل لا تأتي من تحديد الهدف النهائي للحياة، بل من الشعور بأن ما تفعله له قيمة. سواء لنفسك أو للآخرين.
كما تقترح على الشباب المقبلين على العمل أن يسألوا أنفسهم أسئلة بسيطة بدلًا من السعي وراء أي هدف آخر. من بينهم:
-
كيف أتعلم شيئًا جديدًا في هذا العمل؟
-
كيفية استخدام مهاراتي بطريقة تعطي إحساس بالفخر؟
-
هل ما أفعله يؤثر إيجابًا في الآخرين ولو بشكل صغير؟
بالتالي، تتحول رحلة العمل إلى اكتشاف ذاتي لا سباقًا نحو هدف خفي.
المقال الأصلي: من هنـا



