من المقرر أن تصبح الانتخابات الرئاسية الأمريكية من أكبر الأحداث التي تحرك السوق في التاريخ؛ نظرًا لأن التحول الحزبي المحتمل في البيت الأبيض المقترن بأي تغييرات في لوائح الحكومة الفيدرالية سيكون له تأثير عميق في سوق تداول الأسهم.
وبينما تنتظر الأسواق المالية العالمية نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن الفترة التي تسبق نتيجتها تكون متقلبة دائمًا؛ حيث إن أسواق الأسهم تكره عدم اليقين وبالطبع الانتخابات هي حالة عدم يقين مطلقة.
يعطي المشاركون في الأسواق حاليًا مزيدًا من الاهتمام لاستطلاعات الرأي والمناقشات والعناوين الرئيسية المحيطة بالانتخابات، وهم يحاولون معرفة الآثار في الأسواق المالية العالمية التي ستترتب على النتيجة، خاصة أن الارتفاعات والانخفاضات الأخيرة في سوق الأسهم زادت من الشكوك حول حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي تلوح في الأفق.
وشهدت أسواق الأسهم اضطرابًا منذ بداية شهر أكتوبر الحالي، في ظل تعثر المفاوضات التي أُجريت حول الحزمة التحفيزية الثانية لدعم الاقتصاد من أضرار فيروس كورونا؛ حيث ظلت الأسواق في حالة تأهب كبيرة بين الارتفاع والانخفاض مع تزايد الآمال وتضاؤل الفرص لتمرير تشريعات الصفقة التحفيزية الثانية، مع تزايد الانقسامات بين المشرعين الأمريكيين والخلافات المتصاعدة بين الحزب الديمقراطي والجمهوري.
ويقول محللون إن التفكير في التوصل إلى أي اتفاق قبل الانتخابات يبدو أمرًا بعيد المنال؛ لأن حجم الحزمة المالية سيكون عاملًا رئيسيًا في التمييز بين الديمقراطيين والجمهوريين.
ماذا يخبرنا التاريخ عن اتجاهات سوق الأسهم؟
تاريخيًا، يتباطأ سوق الأسهم ويظهر أداءً أضعف في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأظهرت دراسة أجراها بنك الولايات المتحدة أن سوق الأسهم يحقق مكاسب أقل من 6% في المتوسط خلال سنوات الانتخابات مقارنة بربح بنسبة 8.5% في أي سنة أخرى.
وأشارت دراسات أجريت حول الفترة بين 1950 و2015 إلى أن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” كان أداؤه ايجابيًا في سنوات الانتخابات الرئاسية الأمريكية في أسواق الأسهم الماضية؛ حيث شهد العامان الثالث والرابع من ولاية الرئيس الأمريكي أداءً أفضل عن العامين الأول والثاني.
ويبدو هذا النمط منطقيًا؛ إذ يسعى السياسيون الحاليون إلى تحفيز الاقتصاد والأسواق لزيادة احتمالات إعادة انتخابهم، على الرغم من أن ذلك ليس مضمونًا.
وعلى الرغم من اعتقاد العديد من المستثمرين بأن سوق الأسهم الأمريكية يعمل بشكل أفضل في ظل الرؤساء الجمهوريين؛ نظرًا لتركيز الحزب الجمهوري على التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود والسياسات الصديقة للأعمال، إلا أن أداء المؤشرات في الواقع كان أفضل خلال حكم الرؤساء الديمقراطيين (+ 9.7% عائدات سنوية) مقارنة بالرؤساء الجمهوريين (+ 6.7%) منذ عام 1945.
ويرى محللون أن الأسهم الأمريكية تميل إلى الأداء بشكل جيد على نحو هامشي عندما يتم إعادة انتخاب الرئيس أو يأتي من نفس الحزب.
ورغم المبدأ العام في الأسواق أن التاريخ يعيد نفسه إلا أنه لا يمكننا التنبؤ بما سيحدث لاحقًا؛ حيث إن عام 2020 مختلف كثيرًا، فهو عام محفوف بعدم اليقين السياسي والاقتصادي الناجم عن أزمة فيروس كورونا.
تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الأسواق المالية
يرى خبراء السوق أن الانتخابات ستؤثر في تحركات الأسواق المالية بثلاث طرق؛ هي:
1 .تزوير الانتخابات
من المحتمل أن تواجه الولايات المتحدة فوضى بعد الانتخابات بسبب نتيجة غير حاسمة؛ حيث يقول الرئيس”دونالد ترامب” إن بطاقات الاقتراع البريدية تمثل مشكلة وإنها عرضة للتزوير.
لكن فوز “جو بايدن” بهامش مريح أو ساحق سيؤدي إلى انتقال سلس للسلطة، وبالتالي لن يتم الطعن على نتائج الاقتراع، وفي حالة إعادة انتخاب ترامب يمكن أن تندلع أعمال شغب على نطاق أوسع .
أما إذا كان هامش الفوز لبايدن ضيقًا فستكون هناك مزاعم واسعة بتزوير الانتخابات؛ ما يستوجب الفصل في نتيجة الانتخابات من قِبل المحكمة العليا، وحتى صدور الحكم ستسود حالة من عدم اليقين والارتباك بعد 3 نوفمبر، بما سيثير العديد من المخاطر على الأسواق المالية العالمية؛ لذا ستظل الأسواق متقلبة حتى بعد نتيجة الانتخابات.
2 .شركات التكنولوجيا الكبرى في دائرة الضوء
في حالة فوز بايدن يتوقع الخبراء أن تواجه بعض شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى مزيدًا من التنظيم وقد تنهار، وأشار استطلاع إلى أن نحو 53% من المشاركين يعتقدون بأن إدارة بايدن ستحاول تقسيم شركة فيسبوك.
إن الديمقراطيين يعتقدون أن عمالقة التكنولوجيا أصبحوا أوقياء للغاية، وأن هذا القطاع بحاجة إلى مزيد من التنظيم، وفي الوقت نفسه، من الأمور الإيجابية أن يفكر صناع السياسات والأكاديميين والاقتصاديين بجدية في كيفية تحديث القواعد حول الممارسات المناهضة للمنافسة، ومن المتوقع حدوث تعاون وثيق مع صانعي السياسات بشأن التجديد في ظل إدارة بايدن.
3 .الزيادات الضريبية وتأثيرها في الأسواق
من المرجح أن تكون الضرائب مجال تركيز واهتمام كبيرين إذا تولى بايدن الرئاسة، ويشير استطلاع للرأي إلى أن نسبة 68% من المشاركين يتوقعون أن تلغي إدارة بايدن قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017 بحلول الربع الأول من عام 2021.
والمستثمرون متحمسون بشدة لفكرة اتخاذ المزيد من الإجراءات التحفيزية، لكنهم يتوقعون زيادات ضريبية في حال اكتساح الديمقراطيين، وتشير الأبحاث الاقتصادية لبنك “بي إن بي باريبا” إلى أن خطة بايدن الضريبية ستتحمل ما يقرب من نصف الإنفاق المالي المتوقع في ظل سيناريو اكتساح الديمقراطيين.
ويتفق الخبراء على أن فوز الديمقراطيين من المرجح أن يؤدي إلى زيادات ضريبية وإصلاح مكاسب رأس المال، لكنهم شككوا في أن يتخذ بايدن إجراءات جذرية، خاصة إذا كان ذلك ينطوي على المخاطرة باضطراب الأسواق، وسيكون لفوز بايدن تأثير متباين في الأسهم الأمريكية اعتمادًا على القطاع.
اقرأ أيضًا:
كيف تجذب المستثمرين لمشروعك الإلكتروني؟.. خطوات فعالة
مراحل إنجاز أي مشروع.. دورة حياة وخطوات للتأسيس
كيف تحول هوايتك إلى عمل تجاري؟