يعد الاقتصاد الرقمي من الظواهر الحديثة التي اجتاحت العالم خلال الأعوام الماضية، انعكاسًا لتقدم الدول وقوة اقتصادها وتنوع مواردها؛ ما أعاد تشكيل ترتيب تلك الدول وتوزيعها على خريطة القوتين الصناعية والتجارية.
وينظر إلى الاقتصاد الرقمي كفرع من علم الاقتصاد؛ لدراسة السلع غير الملموسة ذات “التكلفة الحدية الصفرية” عبر شبكة الإنترنت، والذي لاقى رواجًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، متفوقًا على الاقتصاد التقليدي من عدة جوانب.
والاقتصاد الرقمي نشاط اقتصادي ناجم عن مليارات الاتصالات اليومية القائمة على الإنترنت، يجمع الأشخاص والشركات والأجهزة والبيانات والعمليات؛ ما يجعل من الاتصال المفرط بمثابة عموده الفقري، وصولًا إلى زيادة الترابط بين الأشخاص والمنظمات والآلات عبر الإنترنت وتكنولوجيا الهاتف وغيرها.
ويمكن تعريف الاقتصاد الرقمي أيضًا باعتباره تلك الاستخدامات لتكنولوجيا المعلومات في عمليات رئيسة؛ مثل التخطيط والإدارة والتسويق، إلى جانب اعتباره عملية استخدام المعلومات في التفاعل والتواصل عبر فضاء العولمة.
أهمية الاقتصاد الرقمي
تزداد أهمية الاقتصاد الرقمي بالنظر إلى النمو السنوي للاقتصاد حول العالم، مع ارتباطه الكامل بالابتكار التكنولوجي؛ إذ قدرت قيمة الاقتصاد الرقمي عالميًا بنحو (3) تريليون دولار في عام 2010؛ الأمر الذي بدأ يهدد مستقبل ستة قطاعات رئيسة بحسب شركة (Deloitte)، قبل أن ترتفع قيمة الاقتصاد الرقمي إلى (11.5) تريليون دولار في عام 2016؛ أي ما يعادل (15.5%) من إجمالي الناتج العام عالميًا.
وبالرغم من ارتفاع مستويات الحركة التجارية المرتبطة بالاقتصاد الرقمي في الأعوام الأخيرة، إلا أنه ظل منحصرًا في بعض الدول المتقدمة؛ مثل الولايات المتحدة الأمريكية (35%)، والصين (13%)، واليابان (8%)، إلى جانب الاتحاد الأوروبي (25%).
ويمكن تقييم الاقتصاد الرقمي من جانبين:
- التجارة الإلكترونية: أي استخدام الشبكات الإلكترونية وقنوات الاتصال الرقمية في بيع المنتجات.
- البنية التحتية: التي تبني مستقبل التجارة وفق قاعدة إلكترونية، تعمل على تغيير العمليات والهياكل وفق أسس تكنولوجية، تنتهي إلى مصطلح الاقتصاد الرقمي.
ظهور مصطلح الاقتصاد الرقمي
ظهر مصطلح الاقتصاد الرقمي على يد خبير ياباني بعد الركود الذي ضرب اليابان في التسعينيات، والذي طال العديد من مناحي الحياة؛ ما أجبرهم على البحث عن بدائل أكثر تحقيقًا للربح مع تكلفة منخفضة للغاية.
وفي عام 1995، استخدم دون تابسكوت؛ خبير تكنولوجيا المعلومات الكندي مصطلح الاقتصاد الرقمي، رغم البدايات التي كان يعيشها عالم الإنترنت حينها، موضحًا عبر كتابه ” The Digital Economy: Promise and Peril in the Age of Networked Intelligence ” كيف أن التكنولوجيا الجديدة لا يقتصر دورها على تغيير عمليات الأعمال فحسب، بل تستبدل أيضًا طريقة إنتاج المنتجات والخدمات وتسويقها، مع لعب دور كبير في التأثير على هياكل المشاريع وأهدافها، وديناميكيات المنافسة، وقواعد نجاح الأعمال التجارية.
وظهر الاقتصاد الرقمي القائم على الصناعات وأشكال النشاط التجاري بصورة ملحوظة في خمسينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل ظهور الإنترنت، لكنه اتخذ شكله الاحترافي بظهور الإنترنت ومختلف أشكال التطور التكنولوجي الأخيرة.
القضايا المركزية المتعلقة بالاقتصاد الرقمي
يمكن تلخيص القضايا الرئيسة المتعلقة بمصطلح الاقتصاد الرقمي في (4) جوانب:
* هندسة الإنترنت وتقنيات الشبكات ذات الصلة.
* تنظيم المحتوى المعلوماتي عبر الإنترنت.
* إطار من القواعد القانونية اللازمة لإنشاء ودعم أسواق جديدة وغير محددة في الفضاء الإلكتروني.
* السياسة الحكومية فيما يتعلق بالعمق والقضايا الاجتماعية المهمة المرتبطة بآثار انتشار ظاهرة الاتصالات الرقمية.
ويمكن القول إن الاقتصاد الرقمي يقوم على تقنيات الحوسبة الرقمية، أو بمعنى آخر هو إدارة أعمالك عبر أسواقٍ افتراضية تقوم على الإنترنت؛ لذا يعرف أيضًا بمسمى “اقتصاد الإنترنت” أو “الاقتصاد الجديد” أو “اقتصاد الويب”.
ويزداد التداخل بين الاقتصاد الرقمي ونظيره التقليدي باستمرار؛ ما يجعل فكرة الفصل بينهما عسيرًا.
استخدام الحوسبة
ويرى خبراء أن الخطوة الحاسمة في تحويل الإمكانيات التكنولوجية إلى منتجات اقتصادية في عالم الاقتصاد الرقمي طوال الأربعين عامًا الماضية، تمثلت في اكتشاف مستخدمي تكنولوجيا المعلومات، كيفية استخدام الحوسبة بصورة أفضل، مقابل تكلفة أقل.
ويمكن القول إن الاقتصاد الرقمي هو عالم قائم على المنصات والخوارزميات والروبوتات وكل ما هو إلكتروني وحديث، مرتكزًا على توليد ملايين الأفكار التي تقودنا إلى المستقبل، عبر مهارات خاصة، مع القدرة على توقع ما سيحدث لفهم الطبيعة المتغيرة للتجارة والسيطرة على مخاطرها.
مهارات الاقتصاد الرقمي
يعتقد خبيرا الاقتصاد بول روهريج وبينجامين برينج، أن اقتحام الموظفين الحاليين عالم الاقتصاد الرقمي، يتطلب تطوير 16 مهارة خاصة، يشملها الجدول التالي:
المهارة | نسبة التطوير | المهارة | نسبة التطوير |
استخدام مواقع التواصل الاجتماعي | 15% | القيادة | 11% |
التواصل العام | 11% | التفكير الاستراتيجي | 8% |
التعلم | 14% | التواصل اللفظي | 13% |
خدمة العملاء | 11% | التواصل الكتابي | 13% |
البيع | 10% | اللغة | 12% |
اتخاذ القرار | 10% | التصميم | 11% |
الابتكار | 11% | الانسجام والاندماج | 13% |
العلاقات الشخصية | 12% | التفكير التحليلي | 21% |
مبادئ الاقتصاد الرقمي
تدور مبادئ الاقتصاد الرقمي حول ما يلي:
- تعد المعلومات الرقمية موردًا استراتيجيًا، فيما أصبحت الإنترنت بمثابة المبدأ التنظيمي والرئيس للاقتصاد في صورته العامة، في الوقت الذي يعمل فيه جيل جديد من التقنيات الرقمية على توليد كميات بيانات وأدوات هائلة تقدم الخدمات اللازمة لهذا المجال.
- بات الاقتصاد الرقمي مع مجموعة أنشطة اقتصادية ملموسة وغير ملموسة، يتبع مبادئ العوائد المتزايدة والتكاليف الحدية الصفرية أو شبه الصفرية.
- يُظهر الاقتصاد الرقمي نماذج أعمال جديدة تحرص على الاستفادة من الأسواق ذات الجانبين، لا سيما تلك التي تنطوي على التعاون والمشاركة والديناميكيات التنافسية الجديدة، والتي تسيطر عليها الهيمنة بحيث يحصل الفائز على كل شيء.
- يعد الاقتصاد الرقمي نموذجًا ناشئًا للإنتاج الصناعي، يشتمل على عمليات إنتاج قصيرة للسلع المخصصة بكميات كبيرة، مع الربط الشبكي للقدرات الإنتاجية وتجزئة خطوط الإنتاج، وطمس الحدود بين المنتجين والبائعين والمستهلكين من جهة والصناعة وقطاع الخدمات من جهة أخرى.
- يمثل الاقتصاد الرقمي ثورة في الحسابات الربحية العائدة للاستثمارات التكنولوجية، التي تعتمد على خفض تكلفة الأجهزة والبرامج المقترنة بقفزة في الأداء والكفاءة الإنتاجية، مع الربط بين السبب والنتيجة، خاصة على صعيد الابتكار التكنولوجي والمكاسب الإنتاجية.
يتبع الجزء الثاني..
اقرأ أيضًا:
مميزات Canon EOS R6.. التقنية الأمثل لعشاق التصوير
أفضل الهواتف الذكية في 2021.. التقنيات الأكثر تطورًا
“أبل” تبدأ حربًا على الخصوصية بقيادة نظام التشغيل iOS 14