العلاقة القائمة بين الاقتصاد والبيئة علاقة تبادلية؛ فالبيئة تُزود بمواردها الطبيعية الاقتصاد بما يحتاجه حتى يؤدي مهمته، أما الاقتصاد، فعليه أن يؤدي دوره تجاه البيئة، عبر الحفاظ على هذه الموارد وضمان استدامتها، بيد أن الاقتصاد الأخضر هو إحدى أهم النظريات الاقتصادية التي تتكفل بهذه المهمة على النحو الأمثل.
يظهر من هذا أننا، في سياق حديثنا عن الاقتصاد الأخضر، لا بد أن نعثر في طريقنا على التنمية المستدامة؛ فهذا النمط الاقتصادي يحاول الإسهام في تقديم منتجات لها صفة الاستمرارية، وتكون أقل ضررًا بالبيئة.
التنمية الخضراء:
لا يرتبط الاقتصاد الأخضر بالتنمية المستدامة فحسب، بل هو مرتبط، وعلى نحو وثيق بمفهوم آخر مقارب لهذا المفهوم هو التنمية الخضراء؛ بما يعني أنه يعتمد، وبشكل أساسي، على احترام البيئة، والعمل على الترشيد، قدر الإمكان، في استهلاك مواردها.
إن هذا النمط الاقتصادي هو محاولة إعادة تصويب وموضعة الأنشطة الاقتصادية المختلفة لتكون أكثر مساندة للبيئة والتنمية الاجتماعية؛ بحيث تُمهّد الطريق للتنمية المستدامة.
ووفقًا لذلك، فإنه يمكن القول إن الاقتصاد الأخضر، الذي نحن بصدد الحديث عنه الآن، لا يقود الخطى صوب التنمية المستدامة فحسب، وإنما يساهم، وبشكل أساسي، في رفاهية الإنسان وتحسين معيشته وشروط حياته.
فهو، من جهة، يقلل من نسب التلوث الموجودة في البيئة، والتي تتسبب فيها أنواع الاقتصادات الأخرى، ويعمل على خلق بيئات ومجتمعات أكثر نظافة وأقل تلوثًا، بل إنه يعمل، كذلك، على خلق مجتمعات أقل تعرضًا للمخاطر المختلفة والتي ليس أقلها ندرة الموارد الإيكولوجية/البيئية.
المسؤولية الاجتماعية:
إن الناظر في هذا النمط الاقتصادي الآخذ في التنامي والانتشار يمكنه أن يكتشف، ومن دون كبير جهد، أنه لا يعمل فقط على تحسين الظروف والشروط البيئية والاقتصادية والاجتماعية الحالية، وإنما هو يضع نصب عينيه حق الأجيال المقبلة في الموارد الطبيعية، وفي الثروات والخيرات التي يتمتع بها هذا الكوكب.
يقودنا هذا الاقتصاد إلى أنواع مختلفة من المسؤولية؛ مثل: المسؤولية الاجتماعية، البيئية، والأخلاقية كذلك؛ فهو يحرص على الموارد الطبيعية الموجودة على كوكب الأرض، كما أنه يهدف للحفاظ على المجتمعات، ومحاولة تحسين الظروف الاجتماعية لأكبر قدر من الفئات والطوائف المجتمعية، بالإضافة إلى أنه ليس من الأخلاقي إنهاك كوكب الأرض، واستنزاف موارده، وإيصالنا إلى حافة الهاوية في خاتمة المطاف.
ولا تقتصر مزايا الاقتصاد الأخضر على تلك التي ذُكرت أعلاه، ولكنه يمكن أن يساعد في توفير الكثير من الفرص في مجالات جديدة، والقضاء على البطالة، وهو الأمر الذي ينصب في صميم المسؤولية الاجتماعية.
اقرأ أيضًا:
الاقتصاد والبيئة.. وجهان لعملة واحدة حقًا!