الاتصال، كمبدأ عام، ضرورة بشرية، وهو أساس العلاقات، فالبناء الاجتماعي ليس إلا مجموعة العلاقات التي تنشأ بين أفراده، والاتصال المؤسساتي ضرورة اقتصادية، وإن كان له الكثير من الوسائل بعيدًا عن المنحى الاقتصادي.
ولكل مؤسسة جمهوران؛ جمهور داخلي، وآخر خارجي، ولا يتم التواصل مع هذين الجمهورين إلا عن طريق هذا التواصل المؤسساتي.
المؤسسة والاتصال:
يُعرّف علماء الاجتماع المؤسسة بكونها: كيان أو ترتيب اجتماعي يتم تشكيله بطريقة مقصودة؛ لتحقيق أهداف جماعية مشتركة، وذلك من خلال طابع بنائي أو ممارسات إدارية.
وعلى ذلك، فإنه لا مؤسسة بدون اتصال، وهو الذي نعنيه بالاتصال المؤسسي.
وينطوي هذا النوع من الاتصال على أهمية مزدوجة؛ فهو يسهم في تسهيل التفاعل بين الموظفين داخل الشركة الواحدة، الأمر الذي يُسهل أداءهم لواجباتهم ومهامهم الوظيفية المختلفة، وتاليًا، رفع معدلات إنتاجيتهم.
ويسهم الاتصال المؤسسي كذلك، ومن منظور أوسع، في تنمية المجتمع (المحلي على وجه الخصوص)، وهو جمهور الشركة الخارجي، الذي يتم التواصل معه عبر الكثير من الطرق والأدوات.
الاتصال المؤسسي والخير العام:
لعلنا لاحظنا من الطرح الفائت أن الهدف العام والبعيد أيضًا الذي يسعى إليه الاتصال المؤسسي هو تحقيق الصالح العام، والعمل على تعزيز فكرة الخير العام، إن التفكير وفقًا لهذا النوع من الاتصال يكون منصبًا دائمًا على المصالح العامة المشتركة.
فجميع من في المؤسسة يتواصلون من أجل غاية واحدة هي تحقيق مصالح الشركة، وتطبيق استراتيجيتها، وتنفيذ أهدافها، وهو الأمر الذي سيسهم، حال نجاحه، في تطوير المجتمع ككل؛ فالمجتمع ليس إلا مجموعة أجزاء، وهذه المؤسسة أحد هذه الأجزاء.
الاتصال المسؤول:
تتبنى المؤسسات، التي تضع مصلحة المجتمع على رأس أولوياتها، نوعًا جديدًا من الاتصال يسمى الاتصال المسؤول، ونبعت مسؤوليته من كونه يعتبر نفسه مسؤولاً عن المجتمع، ويعمل، ما وسعه الجهد، على حماية المجتمع من أي أضرار قد يتعرض لها.
ويعرّف الاتصال المسؤول بأنه: الاتصال الذي يأخذ بعين الاعتبار الجوانب البيئية والمجتمعية أثناء قيامه بنقل أو إيصال رسائله المختلفة.
إذن، يرتبط هذا النوع من الاتصال برباط وثيق بالمسؤولية الاجتماعية؛ فالمؤسسة هنا، وهي تخطط للربح ومراكمة الثروات، تخطط أيضًا لتحقيق ذلك بأنسب الوسائل للمجتمع الذي تعمل فيه.
إنها تضع القضايا البيئية، والاجتماعية موضع اعتبار، وتوليها أهمية كبرى، وهذه ليست ضرورة أخلاقية فحسب، بل اقتصادية كذلك، فالمسؤولية الاجتماعية هي الضامن الرئيس لبقاء هذه المؤسسات.
ينطوي الاتصال المسؤول على أمرين؛ الأول: أن تتم عملية الاتصال بطريقة مسؤولة تضمن حماية المجتمع، وعدم إلحاق الضرر والأذى به؛ من خلال بعث رسائلنا لأفراد ذوي الصلة، والذين نستهدفهم بهذه الرسالة.
ويتمثل الجانب الثاني في أن تكون الرسالة التي نبغي إيصالها مسؤولة هي الأخرى كذلك، بمعنى أنه لابد أن تأتي متناغمة مع القضايا البيئية والاجتماعية الكبرى.
أهداف الاتصال المؤسساتي:
يسعى الاتصال المؤسسي، الذي هو جهد جماعي مشترك في الأساس، إلى تحقيق عدة أهداف، وهي تلك التي تتمثل فيما يلي:
1-التعريف بالمؤسسة: يكون الهدف هنا هو الكشف عن هوية المؤسسة، وتاريخها، وإنجازاتها، إنه سعي هدفه تعريف الجمهور (الداخلي والخارجي) بماهية الشركة.
2- السعي للمواطنة: ويتم ذلك عبر إنشاء علاقة وطيدة بين المؤسسة ومحيطها الاجتماعي، ودمجها في الفضاءات الاجتماعية المختلفة، انطلاقًا من فكرة المسؤولية الاجتماعية.
3- بناء صورة المؤسسة: يسعى الاتصال المؤسسي إلى بناء صورة ذهنية عن الشركة لدى الجمهور الخارجي تحديدًا عبر عدة طرق، أبرزها اتباع مبادئ ومقتضيات المسؤولية الاجتماعية.
اقرأ أيضًا:
الصورة الذهنية للشركات.. وسيلة فعّالة لجذب المستهلكين