تؤدي الشركات، التي تؤمن بأهمية وجدوى المسؤولية الاجتماعية، أدوارًا اجتماعية متعددة؛ فهي لا تقتصر على أداء مهامها وفق الحد الأدنى من الناحية القانونية، بل إنها تسعى إلى حل المشكلات الموجودة، والتي تؤرق المجتمع الذي توجد فيه، وهو الأمر الذي يسمى «الابتكار الاجتماعي».
يعني هذا أن هذه المؤسسات تجاوزت الفهم التقليدي للمسؤولية الاجتماعية، وعملت على الدفع بمفهوم المسؤولية قُدمًا، فرأت نفسها جزءًا من المجتمع الذي تعمل فيه، ليس هذا فقط بل إنها تعتبر نفسها مسؤولة عن تقديم حلول للمشكلات التي يعاني منها مجتمعها المحيط.
الالتزام القانوني غير كافٍ
لكن التزام المؤسسة بالمعايير القانونية التي تفرض عليها أداء أدوار اجتماعية ما، لن يكون كافيًا في دفع هذه المؤسسة أو تلك إلى الابتكار الاجتماعي ؛ إذ إن هذا الأخير هو المحصلة النهائية لجملة من المحاولات التي تقوم بها الشركة من أجل معالجة مشكلة مجتمعية ما.
يُفهم من هذا أن ثمة علاقة قوية ووطيدة بين الابتكار الاجتماعي وريادة الأعمال الاجتماعية؛ فهذه الأخيرة تعني، في العمق، محاولة تقديم حل مبتكر لمشكلة تؤرق المجتمع، أما الابتكار الاجتماعي، فهو عبارة عن هذه الجهود الناتجة في الأساس عن ريادة الأعمال الاجتماعية.
ومن نافل القول إن الابتكار الاجتماعي، أو تلك الأنشطة التي يمكن إدراجها تحت مسمى “رد الفعل الإيجابي” لن تُثقل كاهل الشركة بالنفقات والمصروفات الزائدة، بل إن هذا المجال يمكن النظر إليه باعتباره استثمارًا قائمًا بذاته ولكن طويل الأمد.
المناخ الاجتماعي
لعله بات واضحًا الآن أن العلاقة القائمة بين الشركات والمؤسسات التجارية المختلفة وبين المناخ الاجتماعي هي علاقة تأثير وتأثر؛ فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به؛ فالشركات مثلًا تقرر التدخل في ظروف ما استجابة للظروف الاجتماعية العامة في المجتمع، ورغبة في إصلاح ما به من مشكلات وآثار سلبية.
لا تؤدي الشركات هذا الدور وذاك التدخل بمقتضى مبدأ الإلزام الاجتماعي الذي فرضه عليها هذا القانون أو ذاك، وإنما لأنها تؤمن بأنها شريكة في المجتمع، ويجب أن تكون عضوًا فاعلًا فيه، بالإضافة إلى أنها تتمتع بنظرة مستقبلية غير مقتصرة على ما هو موجود حاليًا.
وهي تدرك أن انهيار المجتمع، يعني وبشكل أوتوماتيكي، انهيارها هي ذاتها، ومن ثم تمسي كل محاولاتها لإصلاح المجتمع، هي محاولة لإنقاذ نفسها، وضمان بقائها.
ويمكن النظر، بشكل أكثر عمقًا، إلى أنه من الممكن النظر إلى المشكلات التي يعاني منها هذا المجتمع أو ذاك على أنها نوع من الفرص التي يتعين على الشركة استثمارها؛ لجلب الربح، وضمان بقائها لأطول فترة ممكنة.
وهو الأمر الذي يعني أن هذا ليس ابتكارًا اجتماعيًا فحسب بل إبداع اقتصادي في الوقت ذاته، كما أنه من الممكن القول إن الابتكار الاجتماعي يقود إلى الإبداع الاقتصادي، فهو أمر يعني أن الشركة التي قررت لعب دور إيجابي في المجتمع سوف تتمكن من العثور على الربح بطريقة غير مباشرة.
اقرأ أيضًا:
المسؤولية الاجتماعية وأزمات النظام الاقتصادي