بعد الحرب العالمية الثانية، كان لابد من إعادة التشكل، ووصل العلاقات بين البلدان، والتمهيد لحركة التجارة حول العالم؛ فوقع على عاتق الحكومات والهيئات والمؤسسات والمستثمرين، إيجاد نظام إداري موحد سلس، يضمن جودة ودقة العمليات المتبعة أثناء تقديم المنتجات والخدمات، لا يعوقه اختلاف جغرافي أو لغوي، ويساهم في تطوير وزيادة المعاملات التجارية.
ولتحقيق هذه الخطوة، عُقد اجتماع في عام 1946 م، كان من أهم مخرجاته: تكوين عدد من المنظمات؛ منها منظمة الأيزو International Organization for Standardization(ISO) التي انطلقت في جنيف في فبراير عام 1947م؛ وهي كلمة مشتقة من كلمة أيزوس (Isos) من اللغة اليونانية؛ وتعني المساواة والمطابقة.
منظمة تطوعية
والأيزو منظمة تطوعية غير حكومية ومستقلة، بدأت في 25 دولة، وتضمنت 67 ألف هيئة فنية، واستمرت في التطور والانتشار؛ حتى أصبح في عضويتها 164 هيئة مواصفات ومقاييس وطنية، أو ما يعرف بـ
(ISO Certification Body) من مختلف أنحاء العالم، ويتمثل دورها في إصدار المواصفات والمعايير الدولية.
المطابقة والتناغم
والمواصفة عبارة عن وثيقة تتضمن معايير وإرشادات ومتطلبات تضمن المطابقة والتناغم بين المواد والعمليات والمنتجات؛ إذ يمكن تمثيل تطبيق معايير الأيزو بحاويات أرصفة الشحن في تماثل معاييرها في جميع دول العالم.
ولقد أسندت المنظمة، إصدار شهادة الأيزو لجهات المنح التي اعتمدتها، والتي يطلق عليها
(ISO Certification Body)؛ وهي جهات مستقلة تقوم بتنفيذ المراجعات وإجراءات التدقيق والتقييم لنظام الأيزو لدى المنشأة، كطرف ثالث محايد 3rd party audit.
وتُعتمد الجهات المانحة طبقًا للمواصفة القياسية ISO 17021؛ حيث تتعدد جهات الاعتماد الدولية وتختلف حسب جنسيتها؛ مثل: UKAS، IAS، EGAC، DAC وغيرها.
وعادةً ما تكون جهات الاعتماد الدولية المعترف بها، عضوًا في المنتدى الدولي للاعتماد IAF، الذي ينظم اتفاقية الاعتراف المتبادل IAF MLA، التي تعنى قبول الشهادة في أي مكان حول العالم.
دور الجهة المانحة
وتكون الجهة المانحة لشهادة (ISO) مسؤولة عن:
- إجراء المرحلة الأولي من المراجعة والتدقيق 1st stage audit.
- مراجعة وثائق وإجراءات نظام ISO وإصدار تقرير المراجعة الأوَّلي بالملاحظات.
- إبلاغ إدارة الجودة بالشركة بأي مستجد أو ملاحظة أثناء المراجعة.
- تحديد موعد التدقيق النهائي بعد اجتياز الشركة مرحلة التدقيق الأوَّلي.
- عقد الاجتماع الختامي بعد نهاية التدقيق؛ لعرض أهم الملاحظات.
- منح شهادة الأيزو وإضافتها إلى الموقع الإلكتروني للشركة المانحة.
- إصدار شهادات الأيزو، وتكون سارية لمدة 3 سنوات بشرط التجديد السنوي في الميعاد، مع الالتزام بالمراقبة الدائمة، والحفاظ على الشهادة لتجنب إلغاء أو سب الاعتماد.
ويُعد الأيزو مطلبًا مهمًا لجميع الشركات الحكومية والخاصة، والمنظمات الاجتماعية وغير الربحية، والشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة والكبرى، والمدارس والكليات والجامعات.
السعودية في المقدمة
وتعد السعودية في مقدمة الدول العربية بالعمل بمنظومة إدارة الجودة والمطابقة؛ بإطلاقها مبادرات وطنية لتطوير البنية التحتية للجودة، تبنتها الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة “SASO”.
وفى إطار رؤية 2030، زاد الاهتمام بالجودة من أجل تنمية الاقتصاد السعودي؛ فأصبح هناك جهات؛ كالمجلس السعودي للجودة SQC.org.sa ، والمركز السعودي للاعتماد SAAC.gov.sa ، والمركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية (CBAHI) cbahi.gov.sa، وغيرها.
تكلفة شهادة الأيزو
وتختلف تكلفة شهادة الأيزو وفقًا لطبيعة النشاط، ونوع المنتجات والخدمات التي تقدمها المنشأة لعملائها، وحجم المنشأة، وعدد العاملين بها، ومدى تعقد وتداخل العمليات والأنشطة.
وينقسم هيكل التكاليف إلى:
- تكاليف تتعلق بتأهيل الشركة، وإنشاء نظام الـ ISO وتدريب العاملين.
- تكاليف الجهة المانحة واستخراج شهادة ISO للسنة الأولى.
- تكاليف التجديد السنوي لشهادة الأيزو.
- تكاليف المدقق الداخلي والخارجي، الذي يقوم بإعداد كامل وثائق النظام بما في ذلك سياسة المنشأة والأهداف، والمساعدة في وضع خطط واستراتيجيات جديدة لمراقبة وتوكيد الجودة، وتحسين عمليات التشغيل، وتحقيق التحسين المستمر، وتدريب العاملين على المواصفة الدولية، ومنح شهادات التدريب.
ويتطلب تطبيق نظام برنامج ISO، ليس فقط قراءة مواصفة الأيزو المطلوب تطبيقها وفهم بنودها، بل أيضًا تكوين فريق عمل متمكن في الجودة واختيار قائد متميز له.
دور الاستشاري
وفي بعض الأحيان، يتم الاستعانة باستشاري متخصص في التخطيط ودراسة العمليات؛ لتحليل الفجوة بين الوضع الحالي والوضع المأمول، وتأهيل الكوادر البشرية بالشركة؛ بتنفيذ مجموعة برامج تدريبية، وبناء المنظومة الموثقة وفق متطلبات المواصفة القياسية المطلوبة وتطبيقها؛ لإيجاد الأدلة الموضوعية على تحقق معايير الأيزو، وتنفيذ المراجعة الداخلية؛ للتأكد من فاعلية وكفاءة الإجراءات المستحدثة، وتنفيذ اجتماعات لجنة مراجعة الإدارة، ومتابعة مدى تقدم نظام الجودة، واختيار جهة المنح المناسبة، ونوع شهادة ISO المناسبة للشركة.
أنواع شهادات ISO
وهناك أكثر من نوع وتصنيف في ISO وشهادات الجودة العالمية؛ منها ما يلي:
- ISO 9001:2015 نظام إدارة الجودة QMS
- ISO 14001:2015 نظام إدارة البيئة EMS
- ISO 22000:2015 إدارة سلامة الغذاء FSMS
- ISO 45001:2018 نظام إدارة السلامة والصحة المهنية OH&S
- ISO 22301:2012 نظام إدارة استمرارية الأعمال BCMS
- ISO 50001:2018 نظام إدارة الطاقة EnMS.
- ISO 27001:2013 نظام إدارة أمن المعلومات ISMS.
- ISO 13485:2016 نظام جودة الصناعات والأجهزة الطبية.
- ISO 31000:2018 نظام إدارة مخاطر الأعمال.
- ISO 37001 نظام إدارة مكافحة الفساد والرشوة.
- ISO 37301:2021 نظام إدارة الامتثال.
- ISO 21001:2018 نظام إدارة المنظمات التعليمية.
- ISO 10002:2018 نظام إدارة رضاء العملاء.
- ISO 26000 نظام إدارة المسؤولية المجتمعية.
- ISO 10006 نظام إدارة الجودة في المشاريع.
- ISO 15189 اعتماد المختبرات الطبية.
- ISO/IEC 17025 اعتماد معامل الاختبار والمعايرة.
- ISO/IEC 17020 اعتماد جهات التفتيش والفحص.
- ISO 17021 اعتماد جهات منح شهادات نظم الإدارة، وغيرها.
صحة شهادة الأيزو
وللتحقق من صحة شهادة الأيزو، يتم التحقق أولًا من الجهة المانحة، ثم التحقق من اعتماد الجهة المانحة من قبل ال Accreditation body ، والتحقق من النطاق الجغرافي، ونطاق اعتماد الجهة المانحة، ورقم الشهادة من خلال موقع الجهة المانحة، وحالة الشهادة (سارية – معلقة – منتهية)
وتعود أهمية تطبيق أنظمة الجودة والحصول على اعتماد الأيزو إلى أن مواصفة الأيزو تساهم فيما يلي:
- رفع القدرة التنافسية للمنظمة أمام منافسيها؛ نظرًا للاعتراف العالمي بها.
- الاعتراف بها بمثابة إقرار المطابقة لمعايير الجودة.
- تطوير النظام الإداري management System في المؤسسات والشركات.
- تحسين صورة الشركة لدى العملاء، ومنحهم الثقة في السلع والخدمات.
- زيادة قدرة المنظمة على التقدم للمناقصات الحكومية.
- فتح أسواق جديدة وزيادة المبيعات والأرباح وتحسين الجودة؛ إذ تشترط بعد الدول حصول المصدر عليها.
- زيادة فرصة الحصول على الامتياز التجاري العالمي قبل المحلي.
- زيادة قدرة المنظمة على الامتثال لمعايير الجودة طوال مراحل تقديم المنتج أو الخدمة.
- فهم سياق المنظمة، وتحديد الجهات المهتمة ومتطلباتها بعد تطبيق نظام الأيزو.
- تحديد الفرص والمخاطر المحتملة، ووضع إجراءات فعالة لمواجهة تلك المخاطر،
- اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة في حالة اكتشاف حالات عدم المطابقة،
- وجود نظام وقائي فعال؛ لمنع المشاكل قبل حدوثها، واتخاذ إجراءات تصحيحية لحل أي مشكلات تظهر أو تتكرر.
لذلك نقول دائمًا: أيًا كانت دولتك، وأيًا كانت لغتك، فإن الأيزو هو جواز العبور المعتمد دائمًا وأبدًا.
اقرأ أيضًا:
«كاوست» والتدريب على مغامرات ريادة الأعمال
في المؤتمر العلمي الدولي.. «بدران»: الوطن العربي يحتاج إلى سلالات نحل تُواكب التغير المناخي
في المؤتمر العلمي الدولي.. «السريحي»: نهدف إلى تعزيز ثقافة الإبداع لدى الشعب العربي
المؤسسات السعودية وتحقيق الريادة في الابتكار بالشرق الأوسط
كيف يمهد تعاون “جرين هاوس” وإنستجرام الطريق أمام الشركات الناشئة في مجال الأزياء؟