برز عدد من الطباخين السعوديين المتميزين في الآونة الأخيرة في مجال تجهيز جميع الأصناف والطبخات العالمية، بل إنَّ بعضهم ابتكر أصنافًا جديدة من المأكولات الصينية والهندية والإيطالية وغيرها، فحققوا نجاحًا لافتًا، بالرغم مما واجهوه من صعوبات في دخول هذا المجال؛ كونه أمرًا جديدًا على المجتمع السعودي. مجلة “رواد الأعمال”، زارت فندق الريتز كارلتون بالرياض؛ لتحاور بعض هؤلاء الشباب كطباخين وموظفين بالخدمات الفندقية….
يقول الشيف جابر العبسي؛ كبير الطباخين بمطعم الأرجوان في الفندق: كانت بدايتي كعامل نظافة في فندق كبير، عملتُ فيه 18 شهرًا، واجهت خلالها صعوبات في بداية الأمر، فلم يكن هناك سعوديون يعملون في هذا المجال؛ إذ كان المجتمع يرفض هذه المهنة. وبالرغم من ذلك، حصلت على لقب الموظف المثالي؛ إذ كنت أجتهد لأترك بصمة في عملي. بعدها، عرض علي مدير المطعم العمل في المطبخ فوافقت، رغم عدم إلمامي بفنونه، خاصة وأنني كنت أعجب من طبخ الأرز بألوان مختلفة، ولكن قررت أن أثبت ذاتي، فتعلمت الطبخ واللغة الإنجليزية؛ من أجل التواصل مع زملائي الطباخين والزبائن، فأتقنتهما بفضل الله تعالى. والآن، هناك إقبال كبير من السعوديين على الالتحاق بهذه المهنة.
وتابع: يفاجأ كثير من زوار المطعم عند معرفتهم أنني سعودي، لكنهم يغمرونني بكلمات الدعم والتشجيع. وأنصح الشباب السعوديين الذّين يرغبون في تحقيق مكانة ووضع بصمتهم في المجتمع، أن يغامروا ويعملوا في المجال الذي يشعرون بأنهم يبدعون من خلاله، وأن يصبروا ولا يستسلموا لليأس، فبالعزيمة والإصرار يحقق المرء ما يريده.
وأضاف: إن أسرتي تشعر بالفخر عندما تستضيفني وسائل الإعلام؛ ما يدفعني إلى بذل مزيد من الجهد، كما كان لوالداي الفضل- بعد الله عز وجل- فيما وصلت إليه.
إتقان الطبخ
يقول الشيف صلاح الدين عبد الملك: كانت بدايتي مع الطبخ من خلال المناسبات العائلية وزيارات الأهل. وعندما التحقت بمطبخ الفندق، توسعت مداركي ومعرفتي في الطبخ واكتسبت خبرات أكبر؛ حيث بدأت بالعمل في فندق “الريتز كارلتون” قبل عامين كمتعاون، ثم توظفت بدوام كامل، فأخذني الشغف لتعلم إتقان الطبخات العالمية؛ إذ لكل طبخة أسس ومعايير مختلفة. وعند بداية عملي بالفندق، كان الطباخون الأجانب، يقولون لي وزملائي السعوديين: “إننا منبهرون من تمكن الشاب السعودي من احتراف الطبخ”.
نظرة المجتمع
وعن نظرة المجتمع إلى المهنة يقول صلاح: لقد كان رد فعل الأسرة إيجابيًا، ولكنَّ المقربين كانوا يقترحون أن أعمل بوظيفة إدارية؛ كونها أكثر أمانًا بنظرهم، إلا أنهم لم يكونوا يعلمون أن مهنة الطبخ واعدة لكل من يأخذها بشغف وجدية.
وأضاف: إننا نقدم وجبات سعودية بشكل يومي كجزء من البوفيه، منها: “الجريش والقرصان والكبسة”، كما قدمنا في اليوم الوطني مأكولات ومشروبات سعودية نالت إعجاب الكثيرين من نزلاء وزوار الفندق.
دراسة وعمل
ويقول فيصل السبكي؛ مدير ردهة كوريسيا في الفندق: أعمل في مجال الضيافة منذ حوالي خمس سنوات؛ حيث كنت أدرس وأعمل في آنٍ واحد؛ إذ كنت أعشق هذا المجال منذ الصغر من دافع فطرتنا العربية التي تحث على الكرم وحسن الضيافة. وكانت والدتي تلاحظ مدى حماسي للتنسيق والترتيب أثناء مناسباتنا العائلية، فكانت تشجعني على العمل في هذا المجال.
وأضاف: وعندما تخرجت في الثانوية، كان أقاربي يعترضون على دخولي مجال الفندقة والضيافة، لكنني قررت أن أسلك هذا المجال؛ ليقيني بأن رغبتي سوف تجعلني أتفوق وأثبت نفسي؛ حتى إنني التحقت ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث؛ لدراسة الضيافة في جامعة عالمية مميزة في هذا المجال.
وبعد عودتي، انضممت إلى برنامج “مدير تحت التدريب”، تم بعدها تعييني مديرًا لصالة البولينج بالفندق، إلى أن اصبحت مديرًا لردهة كوريسيا. وأنصح الشباب الذين يرغبون في العمل بهذا المجال،أن يتحلوا بالابتسامة دائمًا
مدير تحت التدريب
ويقول محمد العتيبي؛ خريج الجامعة السويسرية للفندقة: أعمل بالفندق نائبًا لمدير المبيعات الحكومية، بعد إنهائي برنامج مدير تحت التدريب؛ إذ تعلمت من خلاله الخبرات اللازمة للعمل في هذا المجال.
وأضاف: عندما تخرجت في الثانوية العامة، لم تكن الرؤية واضحة لي؛ إذ كان لدي شغف بإدارة الأعمال والسياحة، ولكن لم أكن أعلم أنها بهذا العمق والتميز، فقد بدأت الدراسة بجامعة الملك سعود، ثم ابتعثت للدراسة ببريطانيا في مجال الإدارة، فدرست المواد الاختيارية المتعلقة بالسياحة أثناء الدراسة. وبعد حصولي على البكالوريوس، اتضحت لدي الرؤية في مجال السياحة، فالتحقت- للدراسة- بجامعة سويسرية متخصصة في السياحة والفندقة؛ حيث كانت الدراسة تعتمد على الأسلوب العملي بشكل أكبر.
كفاءات مهارات الموظفين
وبحكم أنني أمثل الفندق لدى الجهات الحكومية، فكان عملي يتطلب السرعة والإلمام ومعرفة جميع التفاصيل والخدمات التي يقدمها الفندق، كما أن الفندق يعتمد بشكل كبير على كفاءات ومهارات الموظفين الذين عليهم مراعاة معايير خصوصية النزلاء وعدم التدخل في شؤونه أو الحديث عنها، والحرص على الوفاء بمتطلباتهم.
وأضاف: أنصح من يرغب في العمل في هذا المجال بما يلي:
- الصبر: يجب أن يكون لديك صبر في كيفية التعامل مع جميع العملاء، مهما بدر منهم.
- التطوير: يتطلب العمل الفندقي التطور؛ نظرًا للاحتكاك بثقافات وأجناس مختلفة، تتيح لك تبادل الخبرات والمهارات.
- الابتسام: حيث يقول المثل الصيني:” لا تفتح محلًا، وأنت لا تستطيع أن تبتسم”.