هناك العديد من الحيل التي يمكنها أن تضمن لك الوصول إلى أهدافك بنجاح، ولعل أهمها “اختيار التوقيت المناسب”، وهو فن من الطراز الرفيع لا يفقهه الكثيرون.
إن كان هناك بعض الأسرار التي يمكنها أن تساعدك في النجاح بالمقابلة الوظيفية التي تجريها معك إدارة الموارد البشرية، أو بعض النصائح التي يمكنها أن تساهم في تعزيز ثقافتك الريادية لاستعراض نقاط القوة الكامنة بمشروعك الناشئ أو عرض شركتك على المستثمرين والممولين؛ فإن اختيار التوقيت المناسب هو أفضل ما يمكننا تقديمه إليك.
قرارات مهمة
ويحتار العديدون بين من يقول إن الإنسان يمتلك خياراته الخاصة، والرأي القائل إنه يسير وفقًا لما مخطط له في هذه الدنيا. وبالطبع فإنني على يقين تام بأن توقيت الله العلي القدير هو الأفضل على الإطلاق؛ فما يمنعه عنك الآن قد يكون شرًا لك، وما يخفيه لك بالكثير من السعي والاجتهاد سيكون بالضرورة خيرًا لك.
“وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم”
ومع الكثير من البحث حول أهمية اختيار التوقيت المناسب لكل شيء في الحياة؛ وجدنا أن الشباب يربطون ذلك بحياتهم الشخصية بما في ذلك التعليم، سن التقاعد، الزواج، وغيرها من القرارات الحيوية التي يريدون الترتيب لها مسبقًا.
المقصود باختيار التوقيت المناسب
لكن المقصود من اختيار التوقيت المناسب يتعلق غالبًا بتلك اللحظة التي تقرر فيها الصمت أو العكس؛ بمعنى أن تفضل السكوت عن الكلام في موقف بعينه، أو الحديث والبوح بالكثير رغم هدوئك على سبيل المثال.
والأمثلة على ذلك لا حصر لها، إلا أن الأمر يتطلب معرفة جيدة بالمحيطين بك، ودقة في التعامل معهم، بل الوصول بفراستك لأبعد قدر ممكن من التخمين؛ حتى تعرف الحقائق التي يخفونها عنك –فكل إنسان يعيش معركته الخاصة دون أن يبوح بها للآخرين– وبالتالي يمكنك استغلال الفرصة المثالية للحصول على مرادك.
قد يبدو هذا الواقع مؤلمًا؛ إذ يمكن أن يستغل صاحب القدر الكبير من الدهاء قلة حيلة وضعف الآخرين، لكننا في واقع الأمر لا نتحدث عن النفوس غير السوية التي تعيش بشكل طفيلي على آلام الغير.
إن اختيار التوقيت المناسب يعتبر حيويًا للغاية في الكثير من الأوقات؛ خاصة بالنسبة للعمل والتطور الوظيفي، وكل ما يتعلق بالأمور المادية.
توقيت رواد الأعمال
أما بالنسبة لرواد الأعمال فإن عملية اختيار التوقيت المناسب تعتمد على عاملين أساسيين؛ وهما:
– معرفة الجدول الزمني الخاص بالمستثمرين والممولين؛ من أجل الحصول على موافقتهم لدعم المشروع ماديًا.
– العلم بالتوقيت المناسب للحديث والصمت، فرُب كلمة واحدة تساعدهم في بلوغ أهدافهم، ورُب أخرى تقضي على أحلامهم بالكامل.
وبالنسبة لهذه الفئة –أي رواد الأعمال– فهم يعلمون أهمية المجازفة، والإقدام على الخطوات غير المألوفة؛ سعيًا للتغريد في سربهم الخاص الذي يضمن نجاحهم الباهر، لكنهم في الوقت ذاته، يعرفون أهمية اختيار التوقيت المناسب لكل شيء، بداية من دراسة السوق جيدًا لمعرفة توقيت إطلاق مشروعهم، أو معرفة الوقت الصحيح للتقدم نحو دروب فريدة يمكنها إضافة الخبرة إلى حياتهم.
مهارة تحقيق الأحلام
وفي هذا السياق يُعد اختيار التوقيت المناسب أهم مهارة يمكنك أن تتمتع بها لتساعدك في تطوير ذاتك على الأصعدة كافة.
يمكنك أن تنشر الطاقة الإيجابية باختيار التوقيت المناسب لتبادل الابتسامات الصادقة، ويمكنك أن تحد من الطاقة السلبية بمجرد صمتك وتجنبك للحديث، وغيرها من المواقف التي يجب أن تعلمها أنت وفقًا لمعرفة المحيطين بك، سواء في العمل أو المنزل.
لن يكون الأمر هينًا على الإطلاق؛ فأنت عندما تتعامل مع أهلك وأقاربك –ممن يشكلون البيئة الأقرب إليك– قد تخطئ في استخدام كلمة بعينها، في حين أن الكلمة نفسها يمكنها أن تكون سببًا لنشر السعادة في مواقف أخرى.
الطبيعة البشرية
إذًا فاختيار التوقيت المناسب يعتمد في المقام الأول على طبيعة الشخص الذي تتعامل معه، ثم على الموقف نفسه، ما يستهلك الكثير من التفكير والتدقيق خلال أقل من دقائق لمعرفة كيفية التصرف الصحيح؛ حتى لا تفوتك الفرص.
والدقيقة التي تعقب التوقيت المناسب لا تعتبر مناسبة إطلاقًا سواء لنفس الحديث، أو اختيار الصمت.
يبدو الأمر معقدًا بشكل كبير؛ لكن هل يمكن أن يكون التعامل مع الآخرين سهلًا في يوم من الأيام؟ أعتقد أن الرد الصحيح على السؤال وبدون تردد هو: “لا”.
الطبيعة الإنسانية التي تتحكم في البشر تخضع للكثير من الجوانب النفسية، والعوامل التي تؤثر في كل شخص على حدة، فعلى الرغم من وقوع نفس الأحداث في توقيت بعينه مع عدد من الأفراد، فإن ردود أفعالهم تأتي متباينة ومتغيرة وفقًا لكل شخص.
يقول تشارلز بوكافسكي: “في بعض الأحيان تتسلق من السرير في الصباح وتعتقد: لن أقوم بذلك، لكنك تضحك في الداخل، وتتذكر كل الأوقات التي شعرت فيها بهذه الطريقة”.
تلك الرحلة التي يعيش تفاصيلها الإنسان يوميًا قد تنسيه فلسفة اختيار التوقيت المناسب للكثير من القرارات المهمة، ومعرفة كيفية استغلال الفرص وقراءة ما بين السطور، ورغم تعقيد الأمر، إلا أنه بالتعامل مع العديد من الأشخاص المختلفين سيجري كل شيء وفقًا لما تراه صحيحًا.
أخلاق وإنسانية
وفي النهاية: يجب تأكيد أن اختيار التوقيت المناسب يمكن أن يدلك على النجاح مع اختصار للوقت والمجهود؛ حيث يتطلب الذكاء لمعرفة ودراسة كل شيء، واختيار اللغة المناسبة –للأسف الأمر يعتبر منسيًا إلى حد كبير، فالبعض يوحد اللغة الرسمية وغير الرسمية في التعامل مع جميع الفئات العمرية دون تفرقة وهو خطأ كبير بالطبع– إضافة إلى لغة الجسد الصحيحة؛ حتى لا تخدع من يتعامل معك بأكاذيب لا جدوى منها، ولا تغفل أسس اللباقة وأناقة الحديث.
ويأتي كل ما سبق إضافة إلى مراعاة الإنسانيات والأخلاقيات، فلا وجود لتوقيت مناسب على حساب الآخرين، ولا يمكن استغلال ضعفهم من أجل تحقيق مصالح شخصية، بل إن اختيار التوقيت المناسب قد يجعلك تتخلى عن كل شيء لصالح الغير، في محاولتك المستمرة لتكون إنسانًا أفضل، ولا تنسَ أن السعادة معدية، فكن ناشرًا للعدوى كما قال الأديب المصري نجيب محفوظ.
اقرأ أيضًا:
نظم غدك اليوم.. طرق الحفاظ على تركيزك وأدائك
تنظيم الوقت اليومي.. حالة تعوّد أم أسلوب حياة؟
الإفراط في تنظيم الوقت.. جرس إنذار