ميلتون هيرشي بعد مضي 6 سنوات من فشل مشروعه الأول، كان الشغف بمجال صناعة الحلوى، سر نجاح رائد الأعمال الأمريكي”ميلتون هيرشي” الذي لم يستسلم”، بل أعاد المحاولة تلو الأخرى؛ حتى حقق حلمه بتأسيس أحد أشهر شركات تصنيع الشوكولاتة على صعيد الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، فكيف كانت قصة نجاحه؟
البداية
ولد ميلتون هيرشي عام 1857 في مزرعة صغيرة بمدينة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقل ليعيش مع والدته في ولاية لانكستر بعد انفصالها عن والده، تاركًا دراسته من اجل العمل.
متجر حلوى
في البداية، عمل “ميلتون” في مجال الصحافة، لكنه لم يكن شغوفًا به، فانتقل للعمل في متجر حلوى، فوجد نفسه مشدودًا لتلك الصناعة؛ حيث استطاع تعلم فنون صناعة الحلوى في وقت وجيز.
مشروع خاص
رفض “ميلتون” الاستمرار في وظيفته التقليديه، وتوجه –وهو ابن الـ 19 ربيعًا- لاقتراض مبلغ من المال لتأسيس شركة في مجال صناعة الحلوى بمدينة”فيلادلفيا” بولاية “بنسلفانيا”.
تصفية المشروع
وعلى مدار 6 سنوات من عمل الشركة، لم يستطع تحقيق أرباح تٌذكر؛ ما دفعه إلى تصفيتها، والانتقال إلى نيويورك، ثم شيكاغو، ثم نيو أورليانز، باحثًا عن سبيل آخر لتحقيق حلمه.
البحث عن التميز
لم يُهزم “ميلتون” بعد فشل مشروعه الأول، بل تجددت لديه العزيمة والإصرار، فظل يتنقل بين متاجر الحلوى فاقترب من أسرار تلك الصناعة؛ حتى توصل في النهاية إلى أكثر العوامل المؤثرة في المذاق الطيب للحلوى، وهي عدم استخدام أي نوع من أنواع الحليب سوى الحليب الطازج فقط.
حلوى جديدة
عاد “ميلتون” إلى بلدته “بنسلفانيا” -وبدعم من أسرته وأحد المستثمرين- عزم على تصنيع حلوى جديدة بانتهاج طريقة مختلفة وهي: “الحليب الطازج”؛ إذ أطلق على وصفته الجديدة اسم “كريستال هيرشي”، والتي كانت عبارة عن حلوى الكراميل المصنوعة بالحليب الطازج.
بداية النجاح
لم يمضِ وقت طويل، حتى نالت الحلوى الجديدة إعجاب الكثيرين، ومن بينهم مستورد بريطاني، تعاقد لاحقًا مع “ميلتون” لجلب كميات وفيرة من حلوى الكراميل اللذيذة، فكانت تلك أولى خطوات “ميلتون” على طريق النجاح؛ إذ مكنه ذلك من الحصول على مبلغ مالي ضخم، خصصه لتأسيس شركته الثانية؛ “لانكستر كراميل”، التي باتت -في غضون 4 سنوات- من أكبر شركات الحلوى في الولايات المتحدة الأمريكية.
تصنيع الشوكولاتة
على الرغم من النجاح الباهر لشركة “لانكستر كراميل”، إلا أن “ميلتون” أدرك أن حب الشوكولاتة يفوق حب الكراميل لدى غالبية الناس؛ فقرر الانتقال للمرحلة التالية وهي تصنيع “الشوكولاتة”.
باع “ميلتون” شركة “لانكستر كراميل” بمليون دولار، وجلب الآلات والمعدات اللازمة لتصنيع الشوكولاتة.
الشركة الثالثة
بعد اكتساب خبرة كبيرة في مجال تصنيع الحلوى، أسس ميلتون شركة “هيرشي للشوكولاتة” في مزرعة عائلتة في بنسلفانيا، وهي الشركة الثالثة في مسيرة ميلتون العملية، إلا أنها كانت الأنجح والأكبر على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى العالمية بفضل ما تنتجه من شوكولاتة ذات مذاق مميز.
مدينة “هيرشي”
وبفضل ما جلب “ميلتون” من أرباح خيالية خلال فترة قصيرة، تمكن عام 1905 من تأسيس مدينة متكاملة تضم منازل لعمال شركته، ومتنزهات، وساحات لعب، ومدارس، ومستشفيات، والعديد من الخدمات الأخرى.
ولا تزال مدينة “هيرشي” مزدهرة حتى يومنا هذا كمدينة صناعية وكوجهة سياحية بارزة في “بنسلفانيا”.
مسؤولية اجتماعية
كان لـ”ميلتون” باع طويل في العمل الخيري؛ فبعد أن حقق ثروة كبرى، أسس ملجأ أيتام، كما أنشأ صندوق “هيرشي” لتمويل المدارس الصناعية.
وفاة ميلتون هيرشي
بعد 88 عامًا من النجاح والعطاء، توفى “ميلتون” عام 1945، مُخلفًا بصمته الفريدة في تأسيس أحد أكبر الشركات العالمية في صناعة الشوكولاتة، بالإضافة إلى ترك معانٍ ثمينة ودروس ملهمة للكثيرين ممن ذاقوا مرارة الفشل في بداية طريقهم.
الدروس المستفادة
الفشل الأول ليس النهاية: يتعرض كثير من رواد الأعمال للفشل عند تأسيس مشروعاتهم الأولى؛ فيدب في نفوسهم اليأس، بالرغم من أنه أمر وارد جدًا؛ لقلة الخبرة في التعامل مع فرص وتحديات أي مجال جديد؛ لذا فإن فشل مشروعك الأول ليس نهاية المطاف، بل هو بمثابة إشارة لبذل مزيد من الجهد، وسلوك طرق مختلفة للوصول إلى الهدف نفسه.
الإصرار: بعد مضي 6 سنوات على المشروع الأول لـ”ميلتون” دون تحقيق أرباح، لم ييأس، بل سلك طريق المعرفة وتعمق في أسرار صناعة الحلوى؛ حتى وصل إلى مراده وحقق حلمه.
خدمة المجتمع: العظماء فقط هم من يسعون جاهدين لخدمة مجتمعهم ومساعدة غيرهم، هكذا فعل “ميلتون”، بعد نمو ثروتهم ووصولهم إلى القمة.
اكتشاف الذات: نتعلم من “ميلتون” حاجتنا الماسة نحو اكتشاف ذاتنا وتحديد شغفنا بعيدًا عن معطيات الواقع، فلو أن “ميلتون” رضخ واستمر في وظيفته الأولى في مجال الصحافة لما أصبح مؤسسًا لكبرى الشركات العالمية.