جاء إعلان الموازنة العامة للمملكة للعام /1443 1444هجرية (2022) م، بعد أن شهد الاقتصاد السعودي استقرارًا جيدًا ونموًا كبيرًا، عقب تجاوز المملكة الآثار الاقتصادية والمراحل الاستثنائية لجائحة كورونا، وتقلبات أسواق النفط عالميًا، ووسط تحديات كبيرة تواجهها المملكة محليًا وإقليميًا ودوليًا.
تحمل الموازنة مؤشرات تؤكد استمرار قوة الاقتصاد السعودي؛ بمواصلة الحكومة دعمها للاقتصاد بتضمين مستوى جيد من المصروفات في تاريخ ميزانيات المملكة؛ إذ جاء ارتفاع المبلغ المخصص للإنفاق الرأسمالي دليلًا على الجهود المبذولة لرفع نسب الإنفاق الحكومي المرتبط بالنمو؛ بتوجيه جزء من الموازنة للبرامج والخطط المرتبطة برؤية 2030؛ التي تسهم مباشرة في النمو الاقتصادي، وتوفر الوظائف في جميع القطاعات، مع استمرار الاهتمام بأمن وصحة المواطنين والمقيمين، والتنمية البشرية، واستمرار النمو والتنويع الاقتصادي، والاستدامة المالية.
لقد شملت الميزانية جميع المتطلبات؛ ما يجعلنا نطلق عليها “موازنة تنفيذ الأهداف وتحقيق الطموحات”؛ إذ حظيت قطاعات التعليم والصحة والبنود العامة- التي تضمنت حصة الحكومة في معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية وغيرها- بنسب مقدّرة من الإنفاق؛ الأمر الذي يدعم تطوير المواطن علميًا، وتوسيع مداركه وإمكانياته كأفضل استثمار في الموارد البشرية.
وفي مقابل ذلك، شهدت الموازنة ارتفاع مخصصات قطاعات أخرى ترتبط بالمواطن والتنمية المستدامة؛ وهو اتجاه مكمل يسهم في تكامل الخدمات المقدمة للمواطن- كمًّا وجودةً- مع استمرار معدلات مصروفات الدعم في المصروفات الجارية، خاصة مصروفات الدعم الاجتماعي؛ ما يعني أنَّ المواطن سيحظى بدعم غير مسبوق في المجالات المرتبطة بصحته وتعليمه، وتوفير حلول للعديد من المشكلات الاجتماعية.
وتبدو ملامح الموازنة واضحة في تحقيق المطلوبات التي وضعت للنهوض باقتصاد المملكة؛ إذ تشير توقعات وزارة المالية إلى إمكانية تحقيق المملكة فائضًا يبلغ 90 مليار ريال، مع ارتفاع أسعار النفط، مقارنة بنحو85 مليار ريال عجزًا في موازنة العام الماضي، وهي معطيات تفوق التوقعات التي وضعت من قبل، والتي تشير إلى أن المملكة ستبدأ في تحقيق فائض في الموازنة ابتداءً من العام 2023م.
وعلى المدى المتوسط، هدفت الحكومة من خلال الموازنة إلى تقليل الاعتماد بشكل رئيس على الإيرادات النفطية، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 بتنويع مصادر الدخل، وتعزيز الإيرادات غير النفطية، وضمان استدامتها.
والشاهد أن هذه الموازنة تمثّل رؤية جديدة تدعم اتجاهات رؤية2030 ، بعد تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – أن قيادة المملكة الرشيدة عازمة على الاستمرار في تنفيذ المبادرات والإصلاحات الاقتصادية؛ لتحقيق أهداف رؤية 2030، والمضي في التحسين المستمر في جودة الحياة، والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، ورفع مستوى شفافية وكفاءة وجودة الإنفاق الحكومي؛ لتعزيز معدّلات النمو والتنمية، وتطوير المرافق والخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين، وتطوير البيئة التعليمية، ودعم خطط الإسكان؛ ما يعني تطورًا اقتصاديًا واجتماعيًا، ينقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، ويحمل كل البشارات للوطن.
اقرأ أيضًا:
سواحل الجزيرة الإعلامية.. والأسبوع العالمي لريادة الأعمال
الاستراتيجية الوطنية للاستثمار
المرأة السعودية.. والحراك الاقتصادي
الخطة ستصبح مشروعًا والحلم حقيقة