ربما يرى البعض أن مميزات المشاريع البيئية أشهر من أن تُذكر، أو أن الأمر لا يتعلق بسرد هذه المميزات أكثر مما يتعلق بكيفية إطلاق مشروع صديق للبيئة.
لكن الأمر أبعد في الحقيقة من مجرد سرد مميزات المشاريع البيئية؛ إذ إننا نرى أن هناك أرضية فكرية يجب أن نرسيها أولًا قبل أن نتطرق إلى هذه المزايا.
وتتمثل هذه الخلفية الفكرية في الذهنية الحاكمة الآن، خاصة لدى الأجيال الشابة؛ إذ بات واضحًا أن الأجيال الجديدة من المستهلكين أصبحت أكثر قلقًا بشأن التأثير البيئي للمنتجات التي يشترونها والشركات التي يشترون منها.
ولذلك بات العديد من الشركات يتخذ الخطوات اللازمة نحو التحول إلى كونها أكثر استدامة بيئيًا، لا سيما أن الأعمال الصديقة للبيئة تقلل من تأثيرك في البيئة وتحافظ على الموارد الطبيعية.
اقرأ أيضًا: برنامج “ديوان الابتكار” وتأمين الحلول للتحديات الاجتماعية
بدء مسار الاستدامة
قلنا إنه من المنطقي قبل أن نتحدث عن مميزات المشاريع البيئية أن نشير إلى الكيفية التي نحوّل بها مشروعًا قائمًا بالفعل إلى مشروع صديق للبيئة؛ وذلك لأنه ليس من المنطقي أن نقتصر فقط على إطلاق مشروعات جديدة تلتزم بالمسؤولية البيئية، وإنما يجب أيضًا أن نساعد المشروعات القائمة في التحول ذاك.
والحق أنه لا أحد يمكنه إنكار أهمية الاستدامة وضرورة الحفاظ عليها، لكن رغم ذلك فهذا التحول _أي صوب الاستدامة_ ليس بتلك الصعوبة التي يتصورها كثيرون؛ إذ يمكنك جعل مشروعك صديقًا للبيئة من خلال استخدام المنتجات التي تقلل من اعتمادك على الموارد الطبيعية (مثل خزانات مياه الأمطار وأنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية).
بالإضافة إلى استخدام المنتجات المصنوعة من مواد معاد تدويرها (على سبيل المثال: اللوازم المكتبية المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره، والأثاث المصنوع من المطاط المعاد تدويره)، ناهيك عن التفكير في كل شيء تفعله إذا كان يمكن تحويله إلى فعل مستدام، على سبيل المثال: تقليل السفر الجوي؛ من خلال عقد مكالمات جماعية بدلًا من الاجتماعات بين الدول.
اقرأ أيضًا: المبادرات البيئية في السعودية 2021.. نموذج مختلف
مميزات المشاريع البيئية
ويرصد «رواد الأعمال» طائفة من مميزات المشاريع البيئية، وذلك على النحو التالي..
-
سمعة العلامة التجارية والميزة التنافسية
اكتشف معهد التسويق الطبيعي، من خلال مسح أكثر من 53000 مستهلك في الولايات المتحدة، أن 58% من المستهلكين يضعون في الاعتبار تأثير الشركة في البيئة عند التفكير في مكان شراء السلع والخدمات.
ومن المرجح، وفقًا للمسح ذاته، أن يشتروا من الشركات التي تمارس عادات مستدامة، ويُترجم ذلك إلى قاعدة عملاء تضم 68 مليون أمريكي ممن لديهم استعداد إيجابي للشركات التي تظهر سجلات إنجازات إيجابية في القيم الشخصية والاجتماعية والبيئية، كما أفاد منتدى Cause Marketing أن المستهلكين يفضلون أيضًا الشركات التي تدعم مجتمعاتهم بنشاط: الشركات تعمل بشكل جيد من خلال فعل الخير.
ولا تقتصر مميزات المشاريع البيئية على تحسين الوعي بالعلامة التجارية فحسب، بل تصل أيضًا إلى مستوى أعمق للموظفين وعائلاتهم وغيرهم.
اقرأ أيضًا: جهود المملكة في المسؤولية الاجتماعية 2021
-
زيادة الإنتاجية وخفض التكاليف
وبالإضافة إلى ما سبق فإن إحدى مميزات المشاريع البيئية هي أنها تحافظ على الموارد؛ ما يعزز إنتاجية الموظف ويقلل من التكلفة.
ويشمل خفض التكلفة أيضًا استراتيجيات الحفاظ على الطاقة التي يمكن أن تكون بسيطة، مثل إطفاء الأنوار غير الضرورية وعزل الجدران، إلى جهود أكثر تعقيدًا مثل تركيب أنظمة التدفئة والتبريد الحرارية الأرضية.
ومن المرجح أن تكون تلك الجهود التي يكون لها تأثير إجمالي أكبر أكثر تكلفة في التنفيذ، ولكن النتائج طويلة الأجل تبرر الاستثمار.
اقرأ أيضًا: تفعيل دور المسؤولية الاجتماعية.. خطوات عملية
-
استقطاب المواهب وجذب المستثمرين
ومن ضمن مميزات المشاريع البيئية الخفية، والتي قد لا يأبه إليها كثير من الناس، أن هذه المشاريع _الاستدامة كفعل وممارسة بشكل عام_ تساعد الشركة/ المشروع في استقطاب المواهب وجذب المستثمرين؛ إذ يحب الناس أن يكونوا مرتبطين بالإيجابية، خاصة الأجيال الشابة التي تربت على نظام ثابت لرسائل حماية البيئة، فهم لا يريدون الارتباط بشركات متورطة في الكوارث البيئية أو غيرها من القضايا على المستوى الاجتماعي.
وكلما أظهرت شركتك احترامها للبيئة وموظفيها جذبت الأشخاص الذين تريد توظيفهم والأموال التي يحتاجها عملك للتوسع.
اقرأ أيضًا: المشاريع غير الربحية.. الواقع والأهمية
-
زيادة الأرباح
الأمر الجدير بالتنويه والإشارة أن إحدى مميزات المشاريع البيئية هي أن هذا الالتزام يمكن أن يؤدي إلى زيادة الأرباح.
وفي تقريرها لعام 2014 «الأرباح ذات الغرض: كيف يمكن للتنظيم من أجل الاستدامة أن يفيد المحصلة النهائية»، أجرت شركة “ماكنزي” أبحاثًا حول 40 شركة لفهم تحديات الاستدامة والسعي للحصول على توصيات عملية “للحصول على قيمة من الاستدامة”.
وأشارت “ماكنزي” إلى أن دراسة أجراها “بنك دويتشه” كشفت عن أن الشركات ذات التصنيف العالي في العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة تفوقت في السوق على المديين المتوسط والطويل.
وأبلغت McKinsey عن نتائج مماثلة للدراسات التي أجراها مشروع الكشف عن الكربون، ومن المقطوع به أن هذه التأكيدات مدعومة بالحسابات المتعلقة بسعر السهم: «كان من الممكن أن ينمو استثمار بقيمة دولار واحد في بداية عام 1993 في محفظة مرجحة القيمة للشركات عالية الاستدامة إلى 22.60 دولار بنهاية عام 2010، مقارنة بـ 15.40 دولار أمريكي لمحفظة شركات ذات استدامة منخفضة».
اقرأ أيضًا:
تحفيز المسؤولية الاجتماعية.. منظور جديد للشركات
7 عوامل فعالة لتبني المسؤولية الاجتماعية كصاحب شركة صغيرة
تحديات المسؤولية البيئية للشركات
أمور يغفل عنها رائد الأعمال بشأن المسؤولية الاجتماعية
المسؤولية الاجتماعية الداخلية.. ترتيب البيت من الداخل أولًا