ربما تذهب في طريق مشروع بلا تمويل طوعًا أو كرهًا، فقد لا توفق في الحصول على الدعم المالي اللازم من الممولين،أو لا تروقهم فكرتك، وقد لا يثقون في جدواها الاقتصادية أو يشككون في فرص نجاحها بالسوق.. إلى آخر أسباب الرفض التي يتعين عليك أخذها بعين الاعتبار، وإعادة تقييم فكرتك وسبكها وصياغتها من جديد.
والحق أن أغلب الساعين إلى التمويل لا يحصلون عليه _هذا يجعل من فلسفة مشروع بلا تمويل هي الحال المناسب_ فقد ذكرت بعض الإحصائيات أن حوالي 3% فقط من الأشخاص الذين يبحثون عن أموال خارجية كبيرة لإطلاق مشروع جديد يجمعون رأس المال الذي يحتاجون إليه.
أما إذا اخترت السير في طريق مشروع بلا تمويل ذاك فهنا الأمور ستكون مختلفة تمامًا، فقد يكون لديك من المال ما يكفي لإطلاق مشروعك وتوفير كل النفقات والتدفق النقدي اللازم، والاحتمال الآخر هو أنك قررت اتباع فلسفة مشروع بلا تمويل مع علمك بضآلة الموارد المالية التي تتوفر لديك، لأنك تعلم، على سبيل المثال، مخاطر التمويل _وقد تطرقنا إليها في مقالات عدة من قبل_ أو لأنك لا تريد أي تدخل من الممولين.
وهذا لا يحدث إلا مع رواد أعمال آمنوا حقًا بأفكارهم، وأمسوا شغوفين بها، ويريدون أن يضعوا بصمتهم في كل خطوة من خطوات تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع.
اقرأ أيضًا: إدارة التمويل.. المسار الحرج للشركات
قطع الطريق على الفشل
لماذا تفشل أغلب المشروعات؟ هناك عوامل جمة _يتخللها طبعًا إغفال فكرة مشروع بلا تمويل تلك_ لكن من بينها اعتماد أصحاب هذه المشروعات على الممولين، فحين يرفض هؤلاء تقديم الدعم المالي يخر المشروع صريعًا.
ففي معظم الأوقات يجد الناس صعوبة في جمع الموارد التي يحتاجونها؛ ما يتسبب في سقوط المشروع بأكمله وانهياره، وأحد البدائل لذلك هو فلسفة مشروع بلا تمويل التي نتحدث عنها.
تلك الفلسفة التي لو اتبعتها فسوف تتمكن من الاعتماد على نفسك ومواردك الخاصة، ولن تكون لقمة سائغة في أفواه الممولين، ولا رهن إشارتهم، ولا دمية بين أيديهم، وإنما ستكون رائد أعمال عصامي يعتمد على نفسه أولًا وأخيرًا.
فمن خلال انتهاج نهج مشروع بلا تمويل ستغلق بابًا كبيرًا للفشل، وهو ذاك المتعلق برفض الممولين إمدادك بالمال؛ إذ إنك قد أعددت العدة بالفعل للاعتماد على نفسك.
لكن قد تختار طواعية، في مرحلة من مراحل المشروع، اللجوء إلى التمويل؛ لكي تتوسع مثلًا أو تقتنص فرصة في السوق لا مال لديك لاقتناصها، وحتى إن لم تتمكن من الحصول على التمويل اللازم فلا خوف على مشروعك أيضًا، فقد استعددت أنت للرفض حتى قبل أن يقع.
ناهيك عن أنك لا تحصل على التمويل من أجل إطلاق المشروع وإنما لكي تتوسع وتضاعف معدلات نجاحك، فالمشروع ناجح بالفعل ويدر دخلًا ويحقق ربحًا، ولكنك تريد المزيد، فحين يرفض الممولون _ولن يرفضوا في الحالات التي ذكرناها لتونا_ لن يفشل المشروع، ولن يتحطم، وإنما سيظل قائمًا ومنافسًا في السوق.
اقرأ أيضًا: أهمية التمويل للمشاريع الناشئة
مشروع بلا تمويل وفعالية استخدام الموارد
الحق أنك لن تنتهج نهج مشروع بلا تمويل من دون أموال؛ أي أنك ستكون بحاجة للمال لإطلاق المشروع، وإن كان هناك من يقول بإمكانية الاستدانة من الأسرة أو الأصدقاء فإننا لا نرى هذا حلًا ملائمًا؛ إذ يجمل برائد الأعمال _طالما هو قرر اتباع فلسفة مشروع بلا تمويل_ أن يعتمد على أمواله ومدخراته الخاصة، فمهما كان قرب الأطراف التي يستعين بأموالها فإن هذه الاستدانة ذاتها ستثقل كاهل المشروع، وتكون من عوامل الضغط عليه.
ولهذا يجب على رائد الأعمال أن يعتمد على أمواله هو الشخصية، وقد يدفعه هذا إلى تأخير إطلاق المشروع؛ كيما يتمكن من توفير الأموال التي يريدها، ولا بأس في هذا طالما أنه قرر إطلاق مشروع بلا تمويل.
ومن ضمن مكاسب إطلاق مشروع بلا تمويل أنه سيعلمك، كرائد أعمال، فعالية استخدام الموارد المتاحة لديك؛ فلن تنفق أموالًا فيما لا طائل منه ولا جدوى، وإنما ستضع كل دولارًا في مكانه المناسب.
ومن شأن هذا أن يدخر لك الكثير من الأموال ويوفرها لك، كما أنك لن تثقل كاهل المشروع بالأعباء الإضافية، فالبساطة، والترشيد، والاقتصاد في الإنفاق كلها متطلبات محورية لإطلاق مشروع بلا تمويل.
اقرأ أيضًا:
إدارة التمويل متناهي الصغر والحد من الفقر
الاستثمار الهجين.. اعتبارات يجب أن توضع في الحسبان
التمويل طويل الأجل.. متى يكون الخيار المناسب للشركات؟
التمويل التكميلي.. خيار منتصف الطريق
أنواع التمويل وأهمية تمويل الأسهم