يمكن استشراف مستقبل السياحة بعد كورونا بالنظر إلى أزمتين كبيرتين اجتاحتا العالم من قبل، وكان لهما بالغ الأثر في قطاع السياحة والسفر بشكل عام، الأزمة الأولى هي الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، والثانية هي تلك المتعلقة بوباء سارس في عام 2003.
وعلى الرغم من الفارق الكبير بين هاتين الأزمتين إلا أن ما يجمع بينهما هو آثارهما السلبية في قطاع السياحة وغيره من القطاعات، فما بين الخوف من الإصابة بمرض أو الموت ضحية تفجير إرهابي ما تمحورت كل الآثار السلبية لهذه الأزمات.
والأمر مع كورونا ليس مختلفًا عن هذا كثيرًا؛ فالخوف من الإصابة بالمرض هو السبب الرئيسي وراء إغلاق الحدود، وإلغاء الرحلات الجوية، ووضع قيود مشددة على إجراءات السفر والتنقل المختلفة.
سوى أن المؤكد أن كل هذه التأثيرات، وإن طالت، لن تكون إلا مؤقتة، بل إن أثر الهجمات الإرهابية خلال 2001 في السياحة كان أشد خطورة؛ إذ إن طمأنة الناس لم تكن بالأمر الهين، كما أنه ليست هناك ضمانة، حتى الآن، من أن هذه الهجمات لن تتكرر مرة أخرى.
اقرأ أيضًا: محافظة العرضيات.. مقصد عشاق الترحال البري
سيناريوهات العودة
وفيما يتعلق بسيناريوهات مستقبل السياحة بعد الأزمة، فهناك من يرى أنه من المحتمل أن تُستأنف السياحة بين سبتمبر وديسمبر 2020، وأن تكون سياسات السلامة والصحة والتأمين، وكذلك، إمكانية الإلغاء وطرق السداد هي معايير الاختيار المهمة للمسافرين في المستقبل، تليها خيارات المرونة القصوى في الحجز والسفر.
وسيتم خفض ميزانية السفر لعام 2020/2021 بحوالي 10 إلى 30% مقارنة بإنفاق 2019، وذلك وفقًا لمسح حديث أجرته مجموعة Interface Tourism.
وعلى الرغم من أن هناك تزايدًا في معدلات البحث عن وجهات السفر في الصين، حتى وإن كانت أقل مما كان عليه الحال في عام 2019، فإن هناك إحصائيات إيطالية تشير إلى أن 57% من الإيطاليين لن يكونوا مهتمين بالسفر خلال الصيف، بينما سيكون لدى 32% إجازات قصيرة جدًا.
وبعيدًا عن كل هذا، فإن هناك أمرًا واحدًا مؤكدًا على الأقل حتى الآن وهو أن السيناريوهات القديمة التي كانت تحكم العمل السياحي تغيرت إلى الأبد، ليس هذا فقط، بل إن هذا التغير سوف يستمر فترة طويلة، وسيحدث بشكل دائم كي يتناسب مع السلوكيات التي يتبعها الناس بعد الأزمة.
اقرأ أيضًا: السياحة في السعودية.. أجمل 5 أماكن
إعادة هيكلة الخطط السياحية
يتوقف مستقبل السياحة على نوعية السلوكيات التي يظهرها الناس بعد الأزمة، خاصة التي ستكون دائمة، ومن هنا يجب على المخططين السياحيين دراسة ومعرفة هذه السلوكيات، من جهة، ثم إعادة هيكلة الخطط السياحية وفقًا لها، من جهة أخرى.
فعلى سبيل المثال، يجب أن تأخذ الحملات الدعائية مخاوف الناس بعين الاعتبار، وكذلك حاجتهم إلى الراحة والاستجمام بعد هذه الفترة التي كانت مرهقة إلى أبعد حد؛ أي أن التسويق السياحي يجب أن يُعاد النظر فيه من جديد.
ومن المهم أن يلبي العرض السياحي الجديد اتجاهات الحاجة إلى الاستدامة، والاستجمام المتجدد الذي سيظهره الجمهور بقوة أكبر. ومن المتوقع أن تنمو بين الجمهور بشكل كبير الاحتياجات المتعلقة بالبيئة، والرفاه الاجتماعي والاقتصادي، والسلامة، وسيكون هناك أيضًا ميل للبحث عن مكان مناسب بدلًا من مناطق جذب جماعية.
كل هذه الاحتياجات هي التي تحدد مستقبل السياحة، وبالتالي فإن الواجب الآن هو دراسة سلوكيات العملاء المحتملين، ومحاولة معرفة السلوكيات التي يتوقع أن يلتزم بها الناس بعد الأزمة، ثم العمل على تلبيتها في الخطط السياحية المختلفة.
اقرأ أيضًا:
لعشاق السفر.. أهم التطبيقات الخاصة بالسياحة
السياحة الزراعية في عسير.. تعزيز للهوية الريفية
أشهر المتاحف البريطانية تفتح أبوابها للزوّار مجددًا