لقد جلبت ثروات المملكة النفطية الهائلة، امتيازات تجاريّة (مشروعات فرنشايز) عالمية معروفة وراسخة منذ تأسيسها في موطنها الأصلي، أثبتت فاعليتها بعد دخولها السوق السعودي؛ ما انعكس انفتاحًا هائلًا من حيث سرعة واستمرار نموّها وتطوّرها؛ الأمر الذي أكسبها تجربة فريدة من نوعها، مع ثقة واعتراف عالمي جديرين بالذكر.
وإذا كانت فوضى الفرنشايز تسود بعض الدول العربية؛ لغياب نظم ولوائح تنظم قطاع الفرنشايز، فإنَّ سياسات القيادة السعودية التي تدعم المواهب والابتكارات المحلية، أفضت إلى ظهور عشرات العلامات التجارية المحلية المعروفة والمحترمة، بواقعية العارف بغياهب السوق المحلّي بشكل خاص، والعربي بشكل عام في بداياته، ولنفس الأسباب التي أدّت بكثير من المجموعات الاقتصادية المرموقة (روّاد الأعمال حاليًا، والأشخاص العاديون) إلى اللحاق بركب العلامات التجارية العالمية؛ لضمان النجاح والاستمرار، مع التوسّع القائم على التجربة والخبرة والتخطيط السليم.
وبالرغم مما تقدّم، لكن سقط البعض في براثن عدم الفهم العميق لهذا النظام التجاري الحديث عليهم في وقتها؛ إذ يمكن– للأسف – القول: ” ما زال البعض منهم حتى أيامنا هذه عرضة للجهات الاستشارية غير العارفة بكنه وظيفتها ومسؤولياتها”، ولست بصدد إصدار الأحكام المبرمة، ولكن الواقع مرير ومعروف للجميع!
وهكذا تكبد كثير من المتهافتين على الفرنشايز إخفاقات صادمة، فيما حصد آخرون نجاحات مالية وتجارية منقطعة النظير؛ إذ يجمع الكل – وحتى الخاسر منهم- على أنهم اكتسبوا خبرات وتجارب غنيّة، جعلتهم إما يتعافون بمرور الزمن، أو يعودون للعمل متفادين أخطاء الماضي. لذلك، نثمّن قيام الجهات المعنيّة والمختصّة بإصدار نظام الامتياز التجاري ليحكم علاقة الفرنشايز في المملكة العربية السعودية، ويحل محل نظام الوكالات التجارية القائم منذ عام 1962، والذي دُرِس وطُرِح على المعنيين بقطاع الفرنشايز؛ من خبراء ومستشارين ورجال أعمال ومانحين وممنوحين.
لقد كانت نية الجهات الحكومية المختصة قوية من حيث إصدار مسودة القانون، وقبل صدور لائحته لاعتمادها نهائيًا، بدليل التصديق عليه بالشكل الذي أُصدِر به، ثم لائحته التنفيذية، ربما مع اختلافات طفيفة بناءً على التعليقات العامة.
هذا البلد المترامي الأطراف، المتعطّش لكل جديد وعلمي وعملي مشهود له بالتوسّع والتطور المذهل، متذكرين الدروس المستقاة بعد كل معضلة تواجه القائمين على قطاع الامتياز التجاري فيه، مع التأكيد لحظيًا على حتمية وجود المظلّة القانونية المشرّعة للائحته التنفيذية ولقانونه.
الآن- وعلى وجه الخصوص وبأسرع وقت ممكن- مطلوب من المانحين، والممنوحين، وجميع المستثمرين، والخبراء والاستشاريين، حتّميْة فهم أحكام القانون ولائحته التنفيذية؛ من أجل سهولة التحضير لتطبيقه بالطريقة المُثّلى، مع مراعاة أن القانون واللّائحة وجهان لعملة فرنشايزية واحدة؛ وهنا بيت القصيد.
إن العصف الذهني، ووضع الخطط، وتوليد الأفكار حول كيفية تطبيق اللائحة التنفيذية لقانون الامتياز التجاري(الفرنشايز) ليس أمرًا سيئًا، بل ضرورة ملحّة، ولا يجب أن يقلق أطراف الفرنشايز (المانح والممنوح والمستثمرون) بشأن الخطوات التي عليهم فهمها واتخاذها، بل عليهم فقط القيام بالخطوة الأولى، ثم مع كل خطوة، يصبحون متفهّمين ومدّركين أكثر، ومستعدّين بشكل أفضل لتطبيق القانون ولائحته التنفيذية.
ختامًا، يجب أن يكون المانح والممنوح مستعدين للامتثال لأحكام القانون ولائحته التنفيذية، وأن يزن جميع الأطراف ذات الصلة مزايا وعيوب القيام بذلك في ضوء اللوائح التنفيذية والقوانين المُقرّة مؤخرًا.
هنيئا للفرنشايز العربي والسعودي بهذه الإنجازات التشريعية والقانونية، ومن تشريع لآخر بإذن الله.
اقرأ أيضًا:
أخطار الهواتف الذكية في زمن كورونا
الأجهزة الطبية.. وآلية تسعيرها بألمانيا
محمد بن سلمان.. قائد التغيير وروح الشباب في السعودية الجديدة