الموهوبة مروة عبيد:
دخلت ريادة الأعمال بصنع مشغولات يدوية مبتكرة في المرحلة الثانوية
شاركت في تصميم وتنفيذ برامج ريادة أعمال تابعة لجامعة أم القرى
لم أستسلم لعائلتي ومارست العمل التجاري بنجاح
هناك قصورفي برامج تدريب رواد الأعمال بمنطقة الخليج
أسست “كمت” كأول شركة في مجال الإدراة الإبداعية والاستشارات
أهوى الكتابة عن الحياة الاجتماعية وفنون العلاقات والفلسفة
حوار: محمد فتحي
يطلقون عليها في الوسط الريادي: الموهوبة،وبيت الإبداع والابتكار ، وألقابًا أخرى حصدتها مستشارة الإبداع والتطوير الإداري وريادة الأعمال بالمملكة والخليج، منذ انطلاقها في عالم ريادة الأعمال عندما كانت على عتبات المرحلة الثانوية في صيف 1988م .
شقت الدكتورة مروة عبيد طريقها نحو هذا العالم ببيع بعض المشغولات اليدوية التي ابتكرتها سرًا قبل 28 عامًا, في وقت كان من العار على فتاة من عائلة مرموقة، العمل بالتجارة، وخاصة في تلك السن الصغيرة. ورغم ماواجهها من قيود مجتمعية ،لكنها نجحت في تأسيس شركة “كمت”..كيف كانت مسيرتها، وكيف نجحت في مواجهة التحديات ؟ الإجابة في هذا الحوار.
من مروةعبيد في سطور؟
– مستشارة الابتكار و التطوير الإداري وريادة الأعمال وشريكة مؤسسة في كل من “كمت للإدارة الإبداعية والاستشارات” بجدة ، وشركة “محرك الابتكار” للاستشارات الإدارية بتركيا.
– مدربة معتمدة في التصميم الابتكاري من شركة EP و IDEO في كندا.
– مستشارة تطوير برنامج ريادة الأعمال الانسيابية بحاضنة قطر للأعمال وموجهة (coach) للمشروعات الريادية الشبابية.
– مستشارة التدريب والتطوير بالمركز الطبي الدولي بجدة (IMC) .
– مستشارة تطوير برامج ريادة الأعمال بجامعة أم القرى وموجهة (coach) للمشروعات الريادية الشبابية.
– مصممة برامج ومقدمة ورش عمل في مجال الابتكار والقيادة وفرق العمل.
كيف كانت بداياتك في عالم الأعمال ؟
كانت بدايتي عام 1988 في المرحلة الثانوية، حينما قررت ابتكار بعض المشغولات اليدوية المبتكرة وبيعها سرًا بواسطة إحدى زميلاتي؛ لأنه كان من العار في ذلك الوقت على فتاة من عائلة مرموقة العمل بالتجارة، وخاصة في تلك السن الصغيرة. لاقت مشغولاتي رواجًا كبيرًا فاضطرني حجم الطلبات إلى إضافة فردين إلى فريق عملي. وحينما انكشف أمرى ، رفض أهلي فكرة عملي السري وطالبوني بالتركيز في دراستي،بالرغم من أنني كنت من الأوائل حينذاك.
وهل استسلمتِ؟
بالطبع، لم أستسلم، ففي عام 1990 وعند دخولي الجامعة، اتجهت إلى الأعمال الفنية وقمت بتصنيع الألواح الزجاجية ذات الزخارف الإسلامية باستخدام فن الخط العربي.وللمرة الثانية قمت ببيعها سرًا وعند زيادة الطلب عليها، فكرت أنا وزميلة لي في تأسيس شركة صغيرة ، لكن تم إرغامي مرة أخرى من الأهل على التوقف عن العمل التجاري؛ لأن ذلك كان مرفوضًا في الوسط الاجتماعي الذي أنتمي إليه.
لم أتنازل عن حلمي
وكيف كان تصرفك؟
وفي عام 1992، أسس والدى مركزًا طبيًا، ولم يكن يعلم أنني لم أتنازل عن حلمي في إنشاء شركة تجارية، وأنني قد دخلت بالفعل كشريك مؤسس لشركة متخصصة في تجارة وتوزيع المستلزمات الطبية. ولكن نظرًا لنقص الخبرة والقيود المفروضة على المرأة في هذا المجال لم يحالفنا الحظ ؛ فكانت ثالث تجارب الفشل التي مررت بها.
وفي عام 1994 تخرجت من الجامعة في تخصص إدارة الأعمال لأصطدم بالواقع الذي يحرم المرأة من العمل التجاري الحر حينئذ ؛ فكان خياري الوحيد هو العمل في القطاع الصحي الذي تنتمي إليه عائلتي. وبناءً عليه، حصلت على ماجيستير الصحة العامة تخصص إدارة المستشفيات؛ فعملت في هذا التخصص، ولاسيما في التخطيط الاسترتيجي حتى عام 2004. وعندها قررت التوجه للعمل الحر كمستشار للتطوير الإداري لبعض الجهات الصحية والبنكية؛ لأنهما فقط القطاعان المتاحان أمامي وقتئذٍ كامرأة.
حتى عام 2010، حينما تزايد دور المرأة في العمل التجاري، قررت مع شريكتى فاطمة مصلي تأسيس أول شركة في مجال الإدراة الإبداعية والاستشارات باسم “كمت” والتي توجه خدماتها للقطاع التجاري والقطاع الصحي على حد سواء. قدمت العديد من الاستشارات وعقدت ورش عمل متخصصة في المجال الإداري ومجال الابتكار، بعدما حصلنا على شهادة معتمدة في ذلك التخصص. وكان لنا دور بفضل الله، ثم أسامة نتو في المشاركة في تصميم وتنفيذ بعض برامج ريادة الأعمال التابعة لجامعة أم القرى.
وفي عام 2014 ، أسست مع مجموعة من الشركاء من السعودية ومصر والكويت وعلى رأسهم المهندس هاني المنيعي ، شركة “محرك الابتكار” لتقديم الاستشارات والبرامج التدريبية في مجالات الابتكار وريادة الأعمال والقيادة. وقد عانت هذه الشركة من بعض مشكلات التسجيل والتأسيس في الوطن العربي ؛ حتى تم إشهارها مؤخرًا في تركيا، بعد تنفيذ مجموعة مشروعات في مجال الابتكار وريادة الأعمال للشركات الناشئة، وتقديم استشارات وبرامج تطويرية للقطاع الخدمي في كل من الكويت وقطر والبحرين.
وفي عام 2015، شاركت في تأسيس شركة فرعية متخصصة في تقديم الحلول الابتكارية في القطاع الصحي في دبي، تابعة للشركة الأم “إيديوميد” المتخصصة في إدارة وتقديم الخدمات الصحية في دولة الإمارات.
متعددة النشاطات
رائدة أعمال ، استشارية، كاتبة، مصممة برامج ، ابتكار وتطوير إداري، أين تجدين نفسك ولماذا؟ وهل أثرت تلك الأنشطة في شخصيتك الريادية؟
أجد نفسي في كل ما يتعلق بتصميم وتنفيذ برامج الابتكار، ولاسيما في مجال ريادة الأعمال والقيام بعملية التوجيه (coaching & mentoring) لشباب الأعمال في الوطن العربي. إنني أؤمن بضرورة تفعيل ما يسمي بالتصميم الابتكاري أو الابتكار المبني على حاجات الإنسان؛ لأنه يمكِّن رائد الأعمال من الخروج بمشروعات تجارية مبتكرة يوجد عليها طلب فعلي في السوق؛ ما يزيد من جدواها التسويقية والمالية على حد سواء.
وعليه، فإن أهمية تطبيق الابتكار المبني على حاجات الإنسان لا تقتصر فقط على قطاع الشركات الناشئة وإنما تمتد إلى الشركات والمنظمات بكل أنواعها، سواء كانت ربحية أو غير ربحية؛ لأن الابتكار أصبح ضرورة ملحة؛ لضمان الاستدامة في السوق في ظل التنافسية و التغيرات الاقتصادية المتلاحقة. لذا، كان لنا دور في تقديم الاستشارات لتلك القطاعات أيضًا.
أما عن كوني كاتبة، فلا أعتبر نفسي كاتبة محترفة، بل هواية أمارسها من عمر 12 سنة. وأغلب ما يخطه قلمي هو عن الحياة الاجتماعية وفنون العلاقات وبعض الأمور الفلسفية.
مؤسسات داعمة للإبداع
هل لدينا مؤسسات داعمة للإبداع بالمملكة؟
يوجد بالمملكة مؤسسات عديدة تدعم المبدعين و المبتكرين، منها “صندوق دعم الابتكار” التابع لجامعة الملك عبد الله، وبرنامج “موهبة” التابع لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وشركة “وادى مكة للتقنية”، ونادي الابتكار وريادة الأعمال بجامعات أم القرى وجازان والأميرة نورا وغيرها.
وما المعوقات التي تحد من دعم المبدعين؟
تتمثل أكثر المعوقات لدعم المبدعين في ضعف التمويل وعدم توافر معامل ابتكار مجهزة كافية، وكذلك بطء الإجراءات وتعقيدها أحيانا. وكذلك هناك حاجة ماسة لتأهيل وتوفير الكوادر الريادية القادرة على القيام بعملية التوجيه و المتابعة للمشاريع الابتكارية.
و كذلك، لا نغفل وجود قصور في دعم الابتكار في المؤسسات التعليمية كالمدارس وبعض الجامعات. ولا أعنى بذلك ضرورة وجود مناهج للابتكار لكي لا يصل الحال به لكونه مادة يتم حفظها ومذاكرتها من أجل دخول الاختبار وحسب، بل أعني هنا مجموعة من برامج التدريب العملي التطبيقي تبدأ من المراحل الدراسية الأولى في عمر الطفل؛ لتنمية الفكر الابتكاري، بالإضافة إلى العمل على تطوير المناهج التعليمية لكي تدرس بطرق مبتكرة.
تقول نتائج تحليل دائرة القيادة بتحليل الاستثمارات في مجلس التعاون الخليجي أن المؤسسات في المنطقة لا تواكب المعايير القياسية العالمية لتدريب رواد الأعمال، مارأيك؟
هناك بعض القصور في برامج تدريب رواد الأعمال في منطقة الخليج؛ وذلك لوجود خلط كبير بين التدريب الإداري أو الريادي، وبين ما يعرف بتدريب التنمية البشرية. والسؤال هو: ماهي المعايير القياسية العالمية التي استندت إليها تلك الدراسة؟ وهل هذه المعايير مناسبة لبيئة السوق في منطقة الخليج العربي؟
لا يمكن بالفعل إنكار ذلك القصور، رغم وجود برامج تدريبية موجهة لدعم وتأهيل رواد الأعمال والتى تتميز بجودتها مقارنة بمثيلاتها؛ لكونها مصممة بناءً على حاجة السوق، ويدخل الابتكار كجزء أساسي منها، ولاسيما الابتكار المبني على حاجات الإنسان.
كلمة اخيرة؟
أحلم بيوم أجد فيه شبابنا تتوج أسماؤهم مثل بيل جيتس وستيف جوبز، ليس لأنهم أصحاب ملايين فحسب، بل لأن لديهم ابتكارات متميزة لها رواج تسويقي وتخدم مجتمعاتهم بصورة إيجابية.
أحلم بيوم نرى فيه بلادنا وقد استغنت عن عوائد الذهب الأسود لتستبدله بعوائد المشروعات الريادية التجارية المبتكرة التي قامت على سواعد أبناء الوطن.