يُقال إن قادة الحروب عبر التاريخ كانوا يحرقون جسور العبور أمام جنودهم حتى لا يفكروا في خيار العودة أبدًا، فإما الانتصار وإما الموت، وهذا ما يجعلهم يقاتلون بشراسة حتى النّهاية. هذا تمامًا ما نعنيه بالابتعاد عن الخطة البديلة أو الحل الآخر، وهو ما يعرف اقتصاديًا بـ “Plan B”، فعندما ينصب مجهودك على تأمين موارد تلك الخطة البديلة تجد نفسك أهملت بشكل غير مباشر الخطة الأساسية “Plan A”، وبالتالي أفشلتها بنفسك!
قد يبدو الطرح غريبًا، خاصة بالنسبة للمستثمرين الذين يقوم عملهم على التنبؤ بأوقات الاستقرار والأزمات، وبالتالي تعتبر الخطة البديلة أساسًا في استراتيجياتهم، لكنها ليست دائمًا فكرة جيدة، فمثلًا إن كنت ستُدشن مشروعك وأطلعت فريقك على تفاصيل خطة الاحتياط فهم على الأغلب سيتراجعون عن بذل أقصى جهودهم لإنجاح المشروع.
إذًا هل نضع خطة واحدة فقط؟
لا، ما ذُكر لا ينطبق على كل الحالات، ومن الضروري التفكير المسبق في حلول للاحتمالات السيئة والتقلبات، وهنا يجب الانتباه إلى أن هذا يندرج تحت مفهوم “خطة الطوارئ” وليس الخطة البديلة، فالطارئ هو كل عارض خلال تنفيذ “الخطة A”، وكمختص في بناء الاستراتيجية يجب أن تمتلك حلًا لهذا العارض ولو كان احتمال وقوعه 1%، لكن “الخطة B” تعني “اللجوء إلى تغيير منحنى الخطة الأساسية بشكل كامل بعد استنفاذ كل الجهود لإنقاذها”.
بمعنى أبسط: عندما تقرر الدخول إلى الجامعة “تخصص كيمياء” لكنك تشك في قدراتك وتقنع نفسك بأنك لو فشلت ستلجأ إلى كلية الآداب لسهولتها وقلة كلفتها، ستتوانى تلقائيًا عن بذل أعلى درجات الالتزام الشخصي لتحقيق هدفك، وبدلًا من مضاعفة مجهودك ستلجأ عند أول عقبة إلى الحل الأسهل المسيطر على تفكيرك، فالخطة البديلة ليست خاملة، وبينما قد تزيد ثقتك بنفسك فإنها قد تدمرك؛ لأن تطويرها سوف يشتتك.
إحدى الدّراسات المشهورة في هذا المجال أُجريت في جامعة “ويسكنسن – ماديسون”؛ حيث طُلب من المجموعة الأولى أداء مهمة معينة بينما طُلب من المجموعة الثانية التفكير في خطة بديلة قبل بدء تنفيذ المهمة ذاتها، فكانت النتائج “3.4/ 3.5 للمجموعة الأولى و2.4/ 3.5 للمجموعة الثانية التي اعتمدت “الضمان النفسي”؛ ما دفع الباحثين إلى استخلاص نتيجة مفادها “وضع خطة بديلة يؤثر سلبًا في إنجاز المهام وبلوغ الأهداف”.
المسألة “مسألة التوّقيت”
ربما ليس عليك الاختيار بين وضع خطة بديلة أو عدم وضعها مطلقًا؛ إذ قد يكون السؤال عن التوقيت فقط، قبل أم أثناء أم بعد انتهائك من كل المطلوب لتحقيق الهدف؟ فطبيعة الهدف والمعطيات الثابتة والمتحركة تحدّد ذلك، والأهمّ إرادتك.
اقرأ أيضًا:
ماذا يمكن أن تتعلم من إدارة مارك زوكربيرج؟.. استراتيجية ناجحة
التخطيط المالي طويل الأجل.. استشراف المستقبل وتحدياته
سمات المدير الناجح.. خصائص النجاح