قالت لينا الشعيفاني؛ خبيرة الوعي الذاتي في منصة عصر السلام، في حديثها الحصري لموقع «رواد الأعمال»، إن الوعي الذاتي هو مدى إحاطتنا وإدراكنا لذواتنا، لمشاعرنا، أفكارنا، معتقداتنا وقناعاتنا، الخفي منها والظاهر، والخفي هو ما لم نعلمه، أي لم نعه، ولم يدخل ضمن مستوى حضورنا لذواتنا، وبالتالي يختفي عنّا، مثال: أب يُقيّد ابنه ويُلزمه بالجديّة في الدراسة، وهو أمر يراه الوعي الجمعي شيئًا جيدًا ومثاليًا، لكن هذا الأب لِمَ يتصرف هكذا؟ قد يكون لديه دافع خفي لا يعلمه وهو شعوره بالحزن لأنه لم يُكمل تعليمه، أو يُريد أن يفتخر بابنه أمام الآخرين.
وأضافت أن هذه الدوافع الخفية إن لم تكن طيبة فنتيجتها سلبية على الجميع، لذلك، يمكن القول إن القلق ينحسر بتمدد الوعي، باتساعه، بمعرفتنا لذواتنا أكثر، فلِمَ أنا الآن قلق؟ هذا سؤال واعٍ، قد تكون الإجابة: خوف من ندرة المال، إذن؛ هنا خوف من مستقبل، أما الآن، فلا يوجد شيء في اللحظة نخشاه، وندعو كما يدعو «إيكارت تول» وجميع دُعاة الوعي، كُن هنا والآن.
اقرأ أيضًا: العقلية القوية أساس الفكر الريادي
تقنيات التواصل مع الذات
وبسؤالها عن كيفية إدراك المرء لذاته الحقة، أجابت «الشعيفاني» قائلة: بداية كل شخص يُريد الانسحاب من صخب الحياة إلى هدوئها، وهدوؤها يقع فقط في داخله؛ فلا شيء في الخارج سيصنع لنا داخلنا. إذن الخطوة الأولى، هي العودة للداخل، تعلّم تقنيات التواصل مع الذات وهي كثيرة، على سبيل المثال: ممارسة الحضور، التعرّف على المشاعر، تحرير المشاعر، مناقشة الأفكار الضاغطة، التنفس بعمق، ممارسة السلوكيات التي نحبها.. وغيرها الكثير.
مستويات الوعي
ورأت خبيرة الوعي الذاتي أن الحصول على السكينة والهدوء يكون عبر التحول من ورقة في مهب الريح إلى شجرة ثابتة جذورها في الأرض مهما هبّت الرياح لا تقتلعها، ليس المقصود هنا المقاومة والوقوف في وجه الأزمات، بل الوعي وسؤال: لماذا مررت بهذه الأزمة؟ هذا السؤال سيفتح بوابات داخلية، قد تكون الإجابة: شعور مزعج خفي، فكرة مبرمجة، قناعة أن من يقاوم هو الأفضل، وغيرها، وكل شخص وتركيبته الداخلية وظروفه وبيئته تختلف عن غيره.
وأكدت أن كل شخص قادر على التغيير إذا أراده حقًا، فالإرادة الصادقة هي أول خطوة في التحقيق، يتبعها الصبر واليقين للإكمال، ثالثها تعلّم التقنية المناسبة للمرحلة الحالية، وبمناسبة الحديث عن المرحلة والمراحل، فللوعي مستويات ويُمكن أن يُقاس مستوى وعي الشخص سواء بنفسه أو من خبير قياس، ومن أشهر المقاييس مقياس “هاوكينز للوعي”.
اقرأ أيضًا: كيف تساهم الدورات التدريبية في تطوير الفكر ؟
سبل تطوير الذات
وعند سؤالها عن الكيفية التي يطور بها المرء ذاته، وأن يدرك أنه يسير في المسار الصحيح، أجابت لينا الشعيفاني: من الجيد أن يبدأ بما يزعجه الآن، فإذا كانت المشاعر هي المرهقة بالنسبة له فليتعلم كيفية تحريرها، وإذا كان جانب العلاقات متدهورًا فليبدأ به ويُصلحه، وإذا كان حاله جيدًا ويرغب بالتطور من جيّد إلى أجود _وهذا حال الوعي لا ينتهي ودومًا هناك حال أفضل_ فليبدأ بتطوير الجانب الذي يُحبه، وقد يكون أن يعرف شغفه ورسالته الروحية.
وأفادت بأن المرء يعرف أنه يسير في المسار الصحيح حين يرى ثمرات عمله “من ثمارها تعرفونها”، فهل التقنية التي تعلّمها مثلًا أضفت بظلالها على حياته فعلًا، وأصبح حاضرًا وهادئًا في الداخل؟ هل تحسّنت علاقاته؟ هل زادت وفرته المالية؟ وهكذا.
وفي سياق مقارب، أشارت «الشعيفاني» إلى أن احتقار الذات وتضخيمها كلاهما زيف ووهم، وكلاهما يُبعد عن السير في طريق الوعي بذاته، وكلاهما ينبعان من عدم محبة الذات محبة حقيقية، المُحب لذاته يرى نفسه كما هو، إن كان يُعاني من سوء معاملة الآخرين لأنه ضعيف فالصادق يراها بلا زيادة ولا نقصان؛ لأن الرؤية الصحيحة أول طريق الوعي، أما إذا كان لدينا رؤية مشوشة فكيف سنعرف الحل؟ والمضخّم لنفسه يرى أنه لا يحتاج لعلوم تطويرية فيقع فريسة غروره، وكما ذكرنا سابقًا، العلم لا ينتهي لا في الوعي الذاتي ولا في أي مجال آخر.
اقرأ أيضًا:
كيف تتجنب التحيز في اتخاذ القرارات المهمة؟
تجنب نظرية المؤامرة.. جدوى الانشغال بالذات
تخطي أعداء النجاح.. ما السبيل؟