أصبح العالم يواجه وباءً قاتلًا وهو «فيروس كورونا»، الذي أودى بحياة أكثر من 5 آلاف شخص حول العالم حتى الآن، الأمر الذي أدى إلى لفت أنظار معظم المؤسسات العالمية وكُبرى العلامات التجارية إلى تطبيق استراتيجية العمل عن بعد للحفاظ على سير العمل وسلامة الموظفين في آن واحد.
وفي هذا الصدد، ناشدت منظمة الصحة العالمية كل المؤسسات والشركات وجميع المنظمات الدولية ضرورة تطبيق العمل عن بعد إذا كان نظام العمل يسمح بذلك، قائلة: “في حال تفشي فيروس كورونا «كوفيد 19» في مجتمعك، تنصح السلطات الصحية الموظفين والعاملين بتجنب المواصلات العامة والأماكن المزدحة واللجوء إلى العمل عن بُعد لضمان سير العمل».
العالم يلجأ لاستراتيجية العمل عن بعد
ربما يُعطي هذا الوباء درسًا قويًا للمؤسسات والعلامات التجارية في ترسيخ مفاهيم العمل عن بعد وإظهار خيارات العمل المرن كمحرك للتغيير الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي في مجالات التوظيف، فبلا أدنى شك أن العمل عن بعد يُسهِم في توفير التكاليف وتحسين الإنتاجية والمرونة، ويزيد قدرة الشركات على توظيف المواهب، ويُقلل من نسب مغادرة العاملين، كما تُساعد هذه الاستراتيجية في تخفيف ازدحام الطرق والمرور والآثار البيئية الناتجة عن استخدام وسائل المواصلات، وتحسين الاستعداد لحالات الكوارث والطوارئ، مثلما يحدث في الوقت الحالي.
في هذا الشأن، أفاد تقرير أصدرته شركة “جلوبال ووركبليس أنالتيكس”، مؤخرًا، أن أكثر من 80% من العاملين عن بُعد لديهم القدرة على مواصلة العمل في حالات الكوارث مقارنةً بـ 28% من الموظفين العاديين في مقار الشركات أو المؤسسات التجارية المختلفة.
اقرأ أيضًا: 7 أفكار مشاريع صغيرة مربحة.. اغتنم الفرصة
يُعد العمل عن بعد مثاليًا للأشخاص الذين ينتابهم شغف السفر ممن يُطلق عليهم “الرحالة الرقميون”، ففي ظل التطور الكبير الذي تشهده التكنولوجيا الحديثة والانتشار الكبير والمتسارع لشبكة الإنترنت، أدركت المؤسسات والعلامات التجارية أهمية العمل عن بُعد والقدرة على الوصول إلى المواهب المطلوبة حتى وإن كانت في بلاد أخرى.
وذكرت بعض التقارير الصادرة مؤخرًا عن منظمة العمل الدولية أن 75% من الشركات الأمريكية لديها موظفون يعملون خارج مقارها، ولتقريب النسب أكثر يعمل ما يقرب من 14.6 مليون شخص في الولايات المتحدة عن بُعد في أواخر منتصف عام 2018؛ بزيادة 146% عن عددهم في عام 2005.
خفض النفقات للشركات
يُسهم العمل عن بُعد في خفض النفقات للشركات والمؤسسات، مثل: فواتير الكهرباء، الإنترنت، المياه، والتأثيث المكتبي، وكثير من الخدمات الأخرى التي توفرها تلك الشركات، وفي هذا الصدد، أفادت شركة “سيسكو”، التي توظف فريق عمل عن بُعد، بأنها حققت وفورات سنوية تقدر بـ277 مليون دولار في الإنتاجية من خلال السماح للموظفين بالعمل من الخارج، كما كشفت «مجلة فوربس الأمريكية» عن أن هناك أكثر من 140 ألف موظف في شركة «زيروكس» من 180 دولة حول العالم، 70 ألف موظف منهم في أمريكا، و8 آلاف ممن يعملون عن بُعد طوال الوقت، بينما يبلغ موظفو شركة «إيتنا» 48 ألفًا، 43% منهم يعملون عن بُعد.
اقرأ أيضًا: «سوق الهواتف الذكية».. خسائر بالجملة و«سامسونج» في أمان
وظائف العمل عن بُعد
– البرمجة
تُعد البرمجة واحدة من أكثر الأعمال التي لا تحتاج للتنقل أو الحضور المكتبي؛ حيث تتضمن برمجة المواقع أو التطبيقات أو البرامج أو واجهات المستخدم أو أنظمة الإدارة أو اختبار البرامج أو البنية التحتية التشغيلية وغير ذلكمن الأدوات الأخرى التي تتعلق بنظام البرمجة.
– التسويق الإلكتروني
لا يحتاج العاملون في وظيفة التسويق الإلكتروني إلى الذهاب لمقر العمل، فهم يحتاجون فقط إلى توفير شبكة إنترنت عالية السرعة، فهي من الوظائف التي يُمكن العمل عليها عن بُعد، ويشمل التسويق الإلكتروني: تحسين نتائج البحث SEO، وإعلانات الدفع.
– التحرير والكتابة
هذا العمل كبير ومتشعب، يعتمد في الأساس على كتابة المحتوى باختلاف أنواعه، العلمي والاقتصادي والرياضي والسياسي؛ حيث يشمل الصحافة والإعلام والدروس والاستشارات والمراسلة والمراجعة اللغوية والمواد التعليمية وتصميم الدورات التدريبية، ولا يحتاج هذا العمل سوى التركيز وتوفير أجهزة حاسوب.
– التصميم
لا شك في أن التصميم يلعب دورًا كبيرًا في أغلب المؤسسات والشركات؛ حيث يُساهم في صنع علاقة تعريف بين العميل المحتمل والخدمات أو المنتجات التي تُقدمها الشركات، فهو يؤثر مباشرة في قرار الشراء، إذن يُمكننا القول إن التصميم هو أمر جوهري لتوفير حوار مع الجمهور وتوليد معرفة وعلاقة شخصيّة مع المنتجات.
إن هذا العمل لا يحتاج إلى مغادرة المنزل والتوجه إلى مقر الشركة، فكل أدواته شبكة إنترنت ذات سرعة عالية، وأجهزة حاسوب بإمكانيات فائقة السرعة وبرامج متخصصة في التصميم.
ولا يقتصر العمل عن بُعد على الوظائف التي ذكرناها فحسب، بل هناك عشرات الوظائف التي تسمح لممارسيها بالعمل من خارج مقر الشركة أو المكتب، وبطبيعة الحال هناك الكثير من الشركات التي لا تقبل هذه الطريقة؛ ما يجعل الكثير من الموظفين وأصحاب الخبرة يبحثون عن بدائل أخرى لكي يكون باستطاعتهم العمل من خارج المكاتب.
اقرأ أيضًا: