تزخر الأدبيات النظرية في الاقتصاد والاجتماع بالإشارة إلى الفوائد التي يمكن أن تحققها الشركات من جراء ممارسة المسؤولية الاجتماعية، لكن أحدًا لم يسأل: كيف يستفيد الموظفون من المسؤولية الاجتماعية؟
وهناك أسباب لذلك؛ من بينها أن الأثر في الموظفين لم يُلاحظ إلا لاحقًا، فضلًا عن أن الاهتمام الأكبر كان منصبًا على معرفة كيفية إفادة المجتمع من أدوار ومبادرات الشركة، وكيفية استفادة الشركة من تلك الأنشطة والمبادرات.
كيف يستفيد الموظفون من المسؤولية الاجتماعية؟
وفي الحقيقة، يرجع الفضل في إثارة سؤال: كيف يستفيد الموظفون من المسؤولية الاجتماعية للشركات؟ إلى عالمي النفس التنظيمي والصناعي هيرمان أجوينيس وأنتي جلافاس؛ اللذين قدما في عام 2012 ورقة بحثية طرحا من خلالها مراجعة شاملة لكيفية تأثير المسؤولية الاجتماعية للشركات في الموظفين داخل المؤسسة.
ويحاول «رواد الأعمال» مسترشدًا بآراء هيرمان أجوينيس وأنتي جلافاس معرفة كيف يستفيد الموظفون من المسؤولية الاجتماعية للشركات، وذلك على النحو التالي:
اقرأ أيضًا: عناصر المسؤولية الاجتماعية للشركات
تقليل الدوران الوظيفي
إن قيام المؤسسة بأدوار ومبادرات اجتماعية يزيد من نوايا الموظفين للبقاء مع صاحب العمل الحالي، وهو الأمر الذي يوفر على الشركة الكثير من النفقات، والبحث عن الموظفين الأكفاء، ناهيك عن أن الموظف الماهر محل منافسة شرسة بين الشركات، وبالتالي فإن الاحتفاظ به مكسب كبير.
وتزيد ممارسة المسؤولية الاجتماعية كذلك من التزام الموظفين العام تجاه المنظمة، ذاك الالتزام الذي يشمل مجموعة كبيرة من المواقف الإيجابية، بما في ذلك مقدار إعجاب الموظفين بمنظمتهم، وتقديم تضحيات شخصية من أجل نجاحها، ورؤية مستقبلهم ونجاحهم المرتبط بنجاح هذه المؤسسة.
بيئة عمل جاذبة
إلى جانب زيادة التزام الموظفين الحاليين تجاه المنظمة، يمكن أيضًا أن تجعل المسؤولية الاجتماعية الشركة تبدو أكثر جاذبية للمتقدمين والموظفين المحتملين، لا سيما في العصر الذي يتطلع فيه جيل الألفية إلى العمل في مؤسسات “عالية التأثير”، وقد يساعد الانخراط في المسؤولية الاجتماعية الشركات في جذب أفضل المواهب.
ووجدت دراسة استقصائية أجرتها مؤسسة Net Impact غير الربحية أن 72% من الطلاب الذين هم على وشك الالتحاق بسوق العمل ذكروا أن الوظيفة التي يمكنهم فيها “إحداث تأثير” مهمة من أجل سعادتهم.
اقرأ أيضًا: 4 أخطاء شائعة في المسؤولية الاجتماعية للشركات
تحسين الأداء
ثبت أيضًا أن الموظفين يكونون أكثر تفاعلًا وأداءً أفضل عندما يشعرون بالرضا عن ممارسة الشركة للمسؤولية الاجتماعية، وعندما يكونون هم أنفسهم راضين عن مبادرات الشركة وأنشطتها التطوعية.
ويمكن من خلال توعية الموظفين بجهود الشركة في رد الجميل والاحتفاء بهذه الجهود، مساعدة الموظفين في المشاركة بنشاط أكبر في عملهم، والقيام بعمل أفضل بشكل عام.
تعزيز الإبداع
يمكن أن تزيد المسؤولية الاجتماعية للشركات من المشاركة الإبداعية للموظفين، بما في ذلك توليد أفكار جديدة وعملية، وحل المشكلات بطريقة إبداعية… إلخ.
فعندما تُعبر المؤسسات عن قيمها وشغفها من خلال المسؤولية الاجتماعية للشركات، قد يتم إلهام الموظفين لتطوير طرق جديدة وأفضل للقيام بعملهم.
اقرأ أيضًا: النظرية الأخلاقية وراء المسؤولية الاجتماعية
تحسين علاقات الموظفين
إذا اعتقد الموظفون أن صاحب العمل “يفعل الشيء الصحيح”، فسيكونون هم أنفسهم أكثر قابلية “لفعل الشيء الصحيح”.
فضلًا عن أنه عندما تطبق المؤسسات أفضل الممارسات في المسؤولية الاجتماعية للشركات، فمن المرجح أن يشارك الموظفون في سلوكيات تعاونية تجاه زملائهم في العمل، وبالتالي ستغلب روح الفريق والعمل الجماعي على المنظمة بشكل عام، وهذا يعني أن المسؤولية الاجتماعية تعمل على صنع علاقات عالية وثيقة بين الموظفين وبعضهم.
الرضا الوظيفي
إذا كنا نحاول معرفة كيف يستفيد الموظفون من المسؤولية الاجتماعية فلا يمكن أن نغفل الرضا الوظيفي؛ إذ يشعر الموظفون الذين يعملون لصالح منظمة ملتزمة اجتماعيًا بأنهم متماهون تمامًا معها، ويرون أن نجاحهم مرهون بنجاحها، وبالتالي يمكن أن تكون المسؤولية الاجتماعية أكثر أهمية من النجاح المالي في تحديد مدى ارتباط الموظفين بمكان عملهم.
وحين نمعن النظر في هذه الفوائد فسنجد أنها ذات وجهين؛ فهي تفيد الموظفين والشركة على حد سواء، وهذا جوهر المسؤولية الاجتماعية؛ إذ لا مجال هنا للمنفعة أحادية الجانب، وإنما الهدف الأساسي هو مشاركة الخير العام، وعمل الجميع لصالح الجميع.
اقرأ أيضًا:
لماذا يجب أن تأخذ المسؤولية الاجتماعية على محمل الجد؟
جوهر المسؤولية الاجتماعية وسبل إنقاذ الرأسمالية