ترك فيلم “بلا حدود” Limitless”، بطولة ” برادلي كوبر”، الذي عرض في دار السينما عام 2011، صدى كبيرًا في ذهني مذ شاهدته وحتى يومنا هذا؛ حيث كانت تدور أحداث الفيلم حول اكتشاف البطل “كوبر” لدواء ثوري جديد يُدعى NZT يفتح قوى العقل الكاملة، وهو مثال على فرص تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومستقبل إمكانيات العمل، والتكنولوجيا التي يمكن أن تساعد المجتمع في الوصول إلى آفاق جديدة، ولكنها أيضًا تصنع اختلالًا في توازن القوى إذا أسيء التعامل معها.
وفي حين يتطلب هذا الدواء البصيرة كما صور الفيلم ويدعو إلى المشاركة الفعالة في تطور الذكاء الاصطناعي، وتشجيع الابتكار الشامل له بطرق تفيد المجتمع، ولكن على بطل الفيلم أن يمضي قدمًا بشكل مدروس وحذر حتى يتمكن من تحقيق ذلك بشكل صحيح.
بالطبع إن اكتساب الطلاقة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي واستخدامه كأداة، إلى جانب اعتماده كطريقة تفكير، هما المفتاح لتسخيره من أجل الخير، ولا شك أن هذه المهارات قد تساعدنا في وضع حواجز الحماية وتجنب المشكلات الأخلاقية، والتأكد من أن الذكاء الاصطناعي يفيدنا دون التسبب في عواقب غير مقصودة أو غير حميدة.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفتح أمامنا إمكانيات جديدة للمجتمع، ولكننا بحاجة إلى حواجز حماية؛ لذا اكتسب الطلاقة من الذكاء الاصطناعي الآن حتى تمهد طريقه ليساعدك في أعمالك ولكن بمسؤولية وبحذر.
الذكاء الاصطناعي كأداة
سواء كانت الأداة مطرقة، أو مفك براغي، أو الذكاء الاصطناعي فكلها مجرد أدوات، ولكنها تكون أكثر فعالية إذا أتقنت كيفية استخدامها، وهو يشبه إلى حد كبير شخصية ” كوبر” في فيلم “بلا حدود”، الذي كان قادرًا على الاستفادة من قدراته الكاملة التي لم يكن من الممكن الوصول إليها من قبل؛ باستخدام الدواء الثوري الذي اكتشفه كأداة.
هذا هو الذكاء الاصطناعي؛ إنه مجرد أداة تساعدنا في الانتقال مما كان يبدو مستحيلًا إلى ما هو ممكن الآن، ولكن الإتقان لا يحدث إلا إذا تعلم المرء كيفية إتقان وتسخير الأداة.
وعلى نفس خُطى الذكاء الاصطناعي؛ كلما كنت أفضل في التواصل كنت أكثر ذكاءً في كيفية استخدام الأداة، وأصبحت النتائج أفضل، فقد كان “كوبر” في الفيلم ذكيًا بالفعل، ونتيجة لذلك حسّن الدواء قدراته وتأثيره.
لذا فكر في تنفيذ برامج تجريبية لاختبار حلول الذكاء الاصطناعي في أقسام أو مشاريع محددة؛ لأن ذلك يسمح بإدخال تحسينات على العملية بناءً على التعليقات والنتائج.
الذكاء الاصطناعي كعقلية
أشارت الفنانة الأمريكية “دوللي بارتون” في إحدى المرات قائلة: “إذا لم يعجبك الطريق الذي تسير فيه فابدأ في تمهيد طريق آخر”، فهناك الكثير من الأشخاص الذين يخشون إمكانات الذكاء الاصطناعي ويتجنبونه، ويشعرون بالقلق بشأن تدمير الوظائف والتقادم، والخوف العام من المجهول، ورغم أن الخوف غريزة بشرية وهو أمر طبيعي، فإنه يمكن أن يتسبب أيضًا في عقلية مقيدة منهكة؛ لذلك ربما يكون الذكاء الاصطناعي بمثابة فرصة لتمهيد طريق جديد من الإمكانيات.
ولهذا السبب يعد تحسين مهارات الذكاء الاصطناعي واعتماده أمرًا ضروريًا بدلًا من تجنبه؛ فعليك أن تتفاعل معه بنفسك وتجربه وجهًا لوجه، وتشجع فريقك على ذلك، وتستخدمه في شركتك، فكلما زاد عدد أعضاء فريقك الذين يتفاعلون مع الأداة أصبحوا أكثر دراية وثقة، وهو ما يعني تجربة ChatGPT & Gemini & Dall-E وغيرها من التطبيقات.
وكنتيجة نهائية يمكن أن يؤدي تعلم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال إلى زيادة الإنتاجية، وتوفر فرص لتبسيط العمليات، وفتح طُرق إبداعية جديدة.
التواصل بوضوح
يعد استخدام الذكاء الاصطناعي في الأساس بمثابة وسيلة تواصل جيدة؛ فهو ينقل المعلومات بشكل فعال وواضح، مع تكييف أسلوب الاتصال ليناسب احتياجات وتفضيلات جمهورك، ويُترجم ذلك بدوره إلى كيفية توصيل مطالباتك.
وكما هو الحال وعلى خُطى المحادثات العادية تتطلب صياغة تطبيقات الذكاء الاصطناعي الاهتمام بالتفاصيل، فلا يختلف الأمر عن تقديم تعليمات محددة لشخص ما، وصياغة مستندات المهمة المُسندة إليه؛ لأنها ببساطة الأساسيات التي تتمثل في “من، وماذا، ومتى، ولماذا، وأين، وكيف؟”، وكل مطالبة هي بمثابة خريطة طريق لتوجيه نماذج الذكاء الاصطناعي إلى الإجابات الصحيحة.
لذلك من الضروري ضبط المتطلبات الخاصة بأعمالك من خلال الاهتمام بالسياق وتحسينها بمرور الوقت، كما تفعل عند تحرير اتصال نموذجي مثل البريد الإلكتروني، وبهذه الطريقة تستطيع إنشاء استجابات أكثر دقة وملاءمة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
لا تتخلف عن الركب
سبق وأكدت الكاتبة الأمريكية “مارلين فيرجسون” قائلة: “ماضيك ليس هو إمكاناتك، لأنك وفي أي ساعة يمكنك أن تختار تحرير مستقبلك”، وهذا يجسد الإمكانات المذهلة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن.
نحن نعيش في عصر يستطيع فيه الذكاء الاصطناعي تحليل كمية مذهلة من البيانات، وأتمتة المهام الروتينية، وتوليد الأفكار بشكل أسرع من أي وقت مضى، ويمكنه الانسحاب في الوقت الذي حددته مُسبقًا لذلك، ومن ثم الأمر متروك لك للانضمام إليه واتخاذ بعض الخطوات الصغيرة لإتقان لغته التيبلا شك ستؤتي ثمارها بشكل كبير مستقبلًا.
إذًا يجب أن يكون لدى الشركات قادة يدعمون اعتماد الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى ضمان الدعم المستمر والموارد للموظفين أثناء تعاملهم مع اعتماد الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الوصول إلى المواد التدريبية والسياسات التي تملي على الجميع كيفية استخدامه.
خلاصة القول: الآن فرصتك الحقيقية لاختيار ما إذا كُنت تريد دورًا في صياغة المستقبل، أو المشاهدة من وراء نافذة شركتك على العالم وهو يتغير.