من واقع تجربتي، قد يقتصر استخدام الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال العربي اليوم على مجرد كونه “أداة مساعدة” لتسهيل إتمام المهام، أو تحليل البيانات الضخمة واستخدامها في اتخاذ القرارات، أو التسويق وكتابة المحتوى بطريقة أكثر ذكاءً، وغيرها من الاستخدامات الأخرى، ولكن مالا يعلمه كثيرون أنَّ الذكاء الاصطناعي أصبح أساسًا لإقامة مشروع ناجح.
أمثلة عملية
على سبيل المثال؛ تستخدم شركة Tesla في سياراتها الكهربائية، رقائق FSD، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي؛ لتعزيز قدرتها على تقديم خدمة “القيادة الذاتية”، والتي تُعد من أبرز المزايا التنافسية الفعالة التي تساهم في نجاحها.
وهناك أيضًا، شركة Lemonade للتأمين، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي؛ بهدف تحليل البيانات الخاصة بالعملاء، وتقدير المخاطر بشكل دقيق؛ الأمر الذي ساهم في تمكنها من تحسين نسبة خسارتها “Loss Ratio” بصورة كبيرة خلال عام 2024؛ ما يعني أن للذكاء الاصطناعي تأثيرًا مباشرًا في نجاحها.
نادي المليارديرات
وهناك قصة ألهمتني كثيرًا، أرغب في مشاركتها معكم لرائد أعمال ياباني شاب، يُدعى شونساكو ساجامي، وجد في الذكاء الاصطناعي ضالته ليصبح في نادي المليارديرات.
بعد تخرجه من الجامعة، أراد “ساجامي” إفادة عالم الأعمال بطريقة مبتكرة؛ فأسس شركة M&A Research Institute Holdings المتخصصة في الوساطة بعمليات الدمج والاستحواذ، ولكن ما يميزها عن مثيلاتها؛ هو استخدامها للذكاء الاصطناعي؛ إذ تيسر صفقات الدمج والاستحواذ، وتعمل على زيادة نسبة نجاحها بشكل فعال؛ باستخدام نظام يعمل اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي (AI)؛ للربط بين المشترين وأصحاب الشركات الراغبين في البيع.
إنَّ استخدام الشركة اليابانية للذكاء الاصطناعي، جعلها طوق نجاة للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تسعى لتحويل ملكيتها بشكل سهل يضمن استمرار أعمالها بكفاءة في المستقبل.
ومن أبرز الخدمات التي تقدمها الشركة أيضًا، أنها لا تتقاضى أي رسوم من عملائها، إلا بعد نجاح عمليات الدمج والاستحواذ؛ ما عزز من ثقة عملائها فيها.
فكرة ابتكارية
الفكرة الابتكارية التي تعتمد عليها M&A Research Institute Holdings جعلها تحقق نموًا سريعًا،؛ فمع بداية 2023، كانت الشركة قد شاركت في 33 صفقة استحواذ ناجحة، بالإضافة إلى عملها في 400 صفقة أخرى، تبلغ قيمتها السوقية حاليًا 2 مليار دولار، كما أضافت الشركة خدمة إدارة الأصول؛ لتوسيع نطاق خدماتها بفاعلية.
لم يستغل شونساكو ساجامي الذكاء الاصطناعي بشكل إبداعي فقط في مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ ما جعل دوره مؤثرًا في عالم الأعمال الياباني، بل تمكن أيضًا، وهو في عمر الـ33، من أن يصبح مليارديرًا، بعد أن بلغ صافي ثروته 1.2 مليار دولار؛ بفضل ذكائه في استخدام إمكانات الذكاء الاصطناعي في تطوير مشروع ناجح.
وقد أظهر لنا “شونساكو” بوضوح، أنَّ الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة، وإنما أصبح موردًا جوهريًا لتطوير مشروع ناجح، خاصة إذا ما استُغِل بشكل صحيح، وقائم على فكرة رائدة ومطلوبة في السوق.