تخطى عدد المصابين بفيروس كورونا، ووفقًا لمركز Johns Hopkins CSSE الـ 287,239، فيما تم تسجيل 11,921 حالة وفاة بهذا الفيروس، وذلك منذ ظهوره في مدينة ووهان الصينية ديمسبر الماضي، وهو الأمر الذي يعني أن ثمة علاقة بين كورونا والاقتصاد العالمي من ناحية، وأن العالم برمته (الإنسان والاقتصاد على حد سواء) مهدد في بنيته.
بل ليس هذا فحسب، وإنما يمكننا التجاسر على القول إن هذه الأزمة الراهنة من أخطر الأزمات التي تهدد العالم إن لم تكن أخطرها؛ فالأمر هنا ليس متعلقًا بكساد اقتصادي كما حدث في العالم 2008، وإنما انتقل التهديد من الاقتصاد إلى الإنسان، ومن هنا كل ما يتعلق بالإنسان بات في خطر محدّق.
ليس بوسعنا، والحال كذلك، أن نستقصي أثر هذا الوباء على الإنسان والمجتمع على حد سواء؛ إذ هذا استقصاء يخرج عن سياق اهتمامنا الراهن؛ لذا سنحاول أن نشير هنا إلى التأثير الذي خلّفة هذا على الاقتصاد، وعلى استقصاء تلك العلاقة بين كورونا والاقتصاد العالمي .
اقرأ أيضًا: انتهاء عقد الفرنشايز.. الحالات والأسباب
تدمير النمو أو الاقتصاد على المحك
تتحدد الآثار السلبية لفيروس كورونا بقدرة العالم على مواجهته، وطالما أن العالم إلى الآن لم يمتلك علاجًا فاعلًا، ولم يُطور مصلًا له، فهذا يعني أن العواقب ستكون وخيمة، ناهيك عن أنه كلما طالت مدة عدم امتلاك المصل ستتعاظم هذه الخسائر الاقتصادية.
صحيح أن اقتصاد الصين _ موطن هذا الوباء_ قد تمكن من التعافي بعد تعرضه، في وقت سابق، لفيروس سارس، إلا أن مساهمة هذا الاقتصاد في إجمالي الاقتصاد العالمي لم تكن كما هي الآن؛ إذ تمثل الصين حاليًا 19% من الاقتصاد العالمي، أما في بداية الألفية _خلال وباء سارس_ فكان هذا الاقتصاد يمثّل حوالي 8% من الاقتصاد العالمي.
ولذلك هناك مخاوف جمة ليس على اقتصاد الصين بصفته ثاني اقتصاد في العالم فحسب، وإنما على الاقتصاد العالمي بشكل عام، لاسيما في ظل استمرار إغلاق الكثير من المصانع والمراكز المالية في مدن الصين الكبرى، وهو ما يعني العجز عن تسليم الطلبيات إلى الخارج.
اقرأ أيضًا: مجتمع المعرفة.. المعلومات كرأسمال!
ملامح تأثير الفيروس
ومن الملامح التي يظهر فيها أثر فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، تعثر المصانع الصينية في العودة إلى سابق عهدها؛ وذلك نظرًا لعدم إمكانية عودة العمال المهاجرين، أو نظرًا لصعوبة الحصول على المواد الخام التي يتطلبها الإنتاج، ناهيك عن إجراءات الحجر الصحي، وإغلاق المجال الجوي، وكلها أمور تلقي بآثار كارثية على الاقتصادين الصيني والعالمي على حد سواء.
والكارثي في الأمر أن هناك الكثير من الشركات العالمية تعتمد على سلاسل الإنتاج الصينية، ومن ثم فإن عدم تعافي ثاني اقتصاد في العالم، يعني أن الأزمة لن تكون حبيسة الحدود الصينية بل ستتجاوزها إلى الخارج وهو الأمر الذي نراه واضحًا جليًا في اقتصادات الكثير من الدول، وفي تأثر الكثير من القطاعات الحيوية الفاعلة كالسياحة والسفر والنقل والمواصلات وغيرها.
اقرأ أيضًا: فريق العمل الحكيم.. رؤى متنوعة وقرارات صائبة
فالاقتصاد الأميركي، كما يشير الباحث الاقتصادي في جامعة كورنيل، إيسوار بلاساد، لم يتأثر بشكل كبير حتى الآن، لكن هذا الوباء العالمي قد يؤدي إلى كبح النمو الاقتصادي للولايات المتحدة، خلال العام الحالي، في حال لم تتحسن الأوضاع.
اقرأ أيضًا: إنترنت الأشياء.. نحو أتمتة الحياة
هل الاقتصاد العربي في مأمن؟
أعلنت الإمارات، منذ مدة، عن وجود حالات إصابة مؤكدة لديها بهذا الفيروس، وقد وصل عدد هذه الحالات اليوم إلى 140 حالات، ثم لحقتها مصر، وأعلنت عن وجود إصابات مؤكدة، وهو الأمر الذي يعني أن شرار الأزمة/ الكارثة قد طالنا بل وطال العالم برمته.
لقد أضحت الصين، خلال السنوات القليلة الماضية، أهم شريك تجاري لكل الدول العربية، باستثناء دول المغرب العربي؛ فحجم التبادل التجاري بين الطرفين، خلال العامين الماضيين، زاد عن الـ 240 مليار دولار سنويًا، مقابل 190 مليار دولار عام 2011 و40 مليار دولار عام 2004.
ونمت حصة الصين في فاتورة الواردات العربية لتصبح بين 9 و10 % في دول مثل: تونس، والمغرب، و15 إلى 18 % في كل من: السعودية، والإمارات، ومصر، والجزائر، والعراق.
اقرأ أيضًا: التمويل السلوكي.. كيف تؤثر نفسية المستثمرين في قراراتهم؟
أما عن الصادرات العربية إلى الصين فهي، وللأسف، لا تتصف بالتنوع؛ نظرًا لكونها تعتمد على تصدير النفط والغاز ومنتجاتهما من دول خليجية في مقدمتها السعودية التي وصلت صادراتها النفطية إلى السوق الصينية إلى مليون برميل يوميًا أو أكثر. وبدوره يصدر العراق إلى هذه السوق نحو 700 ألف برميل يوميًا في الوقت الحاضر.
وهو الأمر الذي يعني أن اقتصاد هذه البلدان العربية يتكبد، وبشكل يومي، خسائر تُقّدر بمئات ملايين الدولارات. وإن كان لهذا من دلالة فهي أن الكارثة باتت عامة، والأزمة أمست عالمية.
اقرأ أيضًا:
فيروس كورونا وعولمة المرض.. كوكب الأرض في خطر
اقتصاد الكوارث.. من أزمة الكمامات إلى معركة ورق المراحيض!
أزمة العالم الرأسمالي.. لماذا لا تأخذ الشركات خطوة إلى الأمام؟