هل تعمل كثيرًا دون أن يكون ثمة حافز ما؟ هل تضع الكثير من الأهداف دون أن تنجز أي منها؟ وربما أنت أيضًا من أولئك الذين يتعثرون في منتصف الطريق، إذا كنت كذلك فإن كتاب Finish لمؤلفه Jon Acuff موجه إليك.
لكن، وقبل أن نشير زاوية النظر التي غالبًا ما يتم تناول كتاب Finish من خلالها، علينا أن نقول إن القيمة الكبرى التي ينطوي عليها هذا الكتاب تلك التي تتمثل في كونه يقول إن العمل الجاد والشاق محفز في ذات نفسه.
كتاب Finish
ربما تعمل كثيرًا، ولا تجد من حافز يدعوك إلى العمل، ولا يسوقك إليه، لكن المجد الكبير، كما قد نلحظ من خلال قراءة كتاب Finish، يدركون أن الإنجاز ذاته حافز.
صحيح أن الجميع ليس قادرًا على الوصول إلى هذا الشعور، وهذا طبيعي؛ إذ أنه لن تصل إلى اعتبار العمل الجاد محفزًا وممتعًا إلا بعد رحلة طويلة من الشقاء والتعب، لكن تذكر، أنه لا شيء يجلب لك السعادة أكثر من العمل الشاق.
ويتقاطع كتاب Finish، من منظور ما، مع كتاب آخر في نفس بابه وهو كتاب Getting Things Done لـ David Allen.
اقرأ أيضًا: كتاب Secrets of the millionaire mind.. الثراء تفكير والتزام
الكمال قتّال
إننا على مشارف عام جديد، وأغلب الناس يضعون خططًا كبيرة وطموحة لهذا العام المقبل، لكن الحقيقة المؤسفة أن أغلب هذه الأهداف تذهب أدراج الرياح.
أين الخلل إذًا؟ إنه السعي إلى الكمال، ووضع أهداف وطموحات عالية _ لا مانع في هذا وسيخبرك المؤلف بطريقة التعامل مع هذه الأهداف الطموحة _ تفوق قدراتهم وطاقاتهم، ثم يسقطون، بعد الفشل في إنجاز هذه الأهداف، فريسة الفشل وتأنيب الضمير.
يقول مؤلف كتاب Finish:
«على الأرجح، لقد قضيت معظم حياتك في اختيار أن تفعل أكثر مما هو ممكن، ثم تعاقب نفسك، في النهاية، لعدم قدرتك على الإنجاز».
دعك من السعي إلى الكمال؛ فالكمال لا يدرك، وإنما، بدلًا من ذلك، كن واقعيًا، وانخرط في العمل فحسب، وستصل إلى أكبر قدر من الكفاءة، وتذكر أن أغلب الذين لا يفكرون في الكمال هم أكثر إنتاجًا من غيرهم الساعين إلى الكمال التام.
اقرأ أيضًا: كتاب Rich Dad Poor Dad.. خفايا لعبة المال
اليوم التالي للكمال
حسنًا، لعلك، على سبيل المثال، تريد اتباع نظام غذائي ما، أو تمارس رياضة معينة، فإن التصرف الشائع أن تغرق نفسك، دفعة واحدة، في هذا النظام الغذائي أو ترهق نفسك في ممارسة هذه الرياضة أو تلك.
ثم، ما الذي يحدث بعد ذلك؟ ستستمر على هذا النظام لبضعة أيام، ثم يأتي يوم تتخلف عن هذه الممارسة، ومن هنا لن تعود إلى النظام مرة أخرى؛ لقد أُرهقت بما يكفي يا رجل.
انظر إلى مؤلف كتاب Finish وهو يجلّي المسألة قائلًا:
«السعي إلى الكمال سيبذل قصارى جهده لإسقاطك عندما تعمل على هدف».
غالبًا ما يستخدم الناس لغة تعكس هذه المشاعر لشرح سبب توقفهم عن السعي وراء هدف: “تخلفت عن الركب ولم أستطع العودة إلى المسار الصحيح”، أو “الحياة أعاقت الطريق وخرجت خططي عن مسارها”. هذه الأعذار تمويه للكمالية.
لا يكلف الكثير من الناس عناء المحاولة، ويعتقدون أنهم إذا كانوا لن يتمكنوا من تحقيق الكمال، فلماذا يبذلون الجهد؟ لإنهاء أهدافك، ما عليك سوى البدء والاستمرار. حتى لو ارتكبت أخطاء، استمر.
إن البدء نحو هدفك في اليوم الأول ليس هو الخطوة الأكثر أهمية. هذا هو وضع اليوم الثاني، اليوم الذي يلي الكمال.
اقرأ أيضًا: كتاب Deep Work.. سبل الخلاص من المشتتات
تقسيم الأهداف
إذا كان لديك هدف كبير، لا يجب عليك أن تتخلف عنه، الشجعان والمجتهدون لا يتخلفون عن الركب، ولكنهم يعملوان بذكاء، فماذا عليك أن تفعل؟
ينصحك صاحب كتاب Finish بأن تقسّم هذا الهدف الكبير إلى هدفين صغيرين، وأن تركز، في المقام الأول، على إنجاز 50 % منه فقط، ثم تتوجه إلى الـ 50 % الأخرى.
إنها طريقة منطقية وسهلة، لا تنظر إلى عظم الهدف، ولا مشقة العمل، ولكن تلمّح لذة الإنجاز التي ستظفر بها حال الانتهاء منه.
اقرأ أيضًا: كتاب Rework.. التخطيط محض تخمين
أهداف واقعية
تقول الأبحاث إن تحديد أهداف واقعية يؤدي إلى أداء أفضل بكثير من تحديد أهداف مفرطة في الكمال والمثالية.
فقد استغرقت شركة واحدة، كما يقول مؤلف كتاب Finish، 20 عامًا لتحقيق إيرادات بقيمة 5 ملايين دولار على أحد المنتجات، وعندما اقترح الرئيس التنفيذي هدفًا بقيمة 5 ملايين دولار في السنوات الخمس المقبلة على منتج جديد لم يتم اختباره، لم يكن الموظفون سعداء.
بعد عام من الإحباط، قامت الشركة بتغيير الهدف عدة مرات ثم تجاهلته في النهاية. إن الهدف غير الواقعي، غير المتناغم من القدرات والموارد الحالية، لن يعمل سوى على إحباطك، ناهيك عن الإرهاق الكبير الذي ستمنى به نظرًا لأنك تحاول في المكان الخطأ أصلًا.
اقرأ أيضًا: كتاب The Five Dysfunctions of a Team.. لماذا لا تنجح فرق العمل؟
فلسفة الفشل الطوعي والتخلي
المجتهدون، الذين لمسوا بالفعل متعة إنجاز الأهداف الكبرى، يختارون ما يتخلون عنه، ما يفشلون فيه، أو بالأحرى ما لن يحاولوا فيه، فالمرء لا يستطيع أن ينجز الأهم من الأشياء وينجح فيها من دون التخلي عما لا فائدة منه.
وقد قصد ميلان كونديرا هذا المعنى حين قال في «غراميات مرحة»:
«هناك لحظات في الحياة ينبغي على المرء فيها أن ينسحب ويتخلى عن المواقع الأقل أهمية للحفاظ على مواقعه الحيوية».
حسنًا، أنت تريد إنجاز الكثير من الأشياء، لكن هذا قد يكون فوق قدرة البشر، ما الحل إذًا؟ اختر فقط ما ستتخلى عنه، تخلى عن الأقل أهمية بالنسبة لك، وانكب، في الناحية المقابلة، على ما هو ذو فائدة وأكثر نفعًا.
تلك هي إذًا بعض أفكار كتاب Finish وفي الكتاب الكثير غيرها، كما أنك قد تظفر بالعديد من زوايا النظر الخاصة بك حال قراءته، فهو كتاب حري بالقراءة والتأمل، خاصة مع قرب قدوم عام جديد؛ حتى تتمكن من إنجاز وإنهاء ما تضعه لنفسك فيه من أهداف.
اقرأ أيضًا:
كتاب The Power of Now.. التنوير الروحي والمساعدة الذاتية
كتاب «أغنى رجل في بابل».. الثراء على طريقة «أركاد»
كتاب «قواعد السطوة».. أسس السيطرة الناعمة