لم تكن مصادفة أن تتصدر المملكة مجموعة دول العشرين في تحسينات الأمن الإلكتروني، واحتلالها المركز الثالث عشر بين دول العالم، والأول عربيًا في الأمن السيبراني، بحسب التقرير الأخير لمنظمة الاتصالات الدولية.
جاء هذا الإنجاز تتويجًا للجهود والدعم الكبير الذي يحظى به قطاع الأمن السيبراني من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ وهو ما ظهر بدايةً من قرار إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني لتتولي إصدار التشريعات، وتتأكد من مطابقة معايير الأمن الإلكتروني في المملكة مع المعايير العالمية، وتعزيز حماية الفضاء الإلكتروني للمملكة.
لقد أنفقت المملكة أكثر من 1.5 مليار على تحسين أمنها السيبراني من أصل 123 مليار دولار تمثل مجموع إنفاق العالم على المجال؛ ما يعكس اهتمام حكومة المملكة؛ إذ مازالت المملكة مستهدفة كدولة استراتيجية وصناعية وتجارية.
ومن الصدف العجيبة، أن تكون المملكة في مقدمة الدول المهتمة بالأمن السيبراني، وفي الوقت نفسه هي الأكثر استهدافًا في العالم، وما هجمات العام 2012م ببعيدة عن الأذهان، ولكنَّ المعالجات التي وضعت لحماية أمن المملكة الإلكتروني جاءت بنتائج مبهرة؛ حيث صارت المملكة في مقدمة الدول في هذا المجال؛ ما يعكس جهودَ المملكة في تنفيذ الإصلاحات في بيئة الأعمال، والمبادرات الحكومية، والبرامج التابعة لرؤية 2030؛ الهادفة إلى رفع تنافسية المملكة وجاذبيتها.
ويوضح هذا التقدم، الدعم الكبير مِن القيادة الرشيدة لمسيرة الأمن السيبراني في المملكة والهيئة الوطنية للأمن السيبراني؛ ما مكنها من القيام بدورها في دعم الجهات الحكومية والقطاع الخاص في إيجاد فضاء سيبراني آمن وموثوق، يتيح تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحسين جودة الحياة في المملكة.
لقد تجاوزت المملكة هذه المعطيات، واتجهت إلى دعم الاستثمار في مجال الأمن السيبراني، ودعم الابتكارات والمشاريع التي تؤسس لقيام صناعة متكاملة لمنتجات الأمن السيبراني؛ إذ تشير الأرقام إلى أنها حاليًا أكبر سوق في الشرق الأوسط في هذا المجال، وأنها في الطريق لتصبح دولة رائدة، بعد أن تخطت نسبة نموها 5 % سنويًا.
إن التقدم الذي حققته المملكة في كل المجالات، ولاسيما في مجال الأمن السيبراني، انطلق من رؤية مؤسسية، اعتمدت العلمية في تنفيذ الخطط والبرامج وتحقيق الأهداف؛ إذ انصب الاهتمام على تطوير الإطار التنظيمي للقدرات عبر تطوير الإطار السعودي للأمن السيبراني؛ بوضع أهداف استراتيجية لتحقيق أمن فضائي يضع المملكة في إطار الحماية الكاملة لكل المنشآت والمؤسسات والمنظمات الحكومية والخاصة في توازٍ مع تعزيز البنية الرقمية خلال السنوات الأخيرة.
ويأتي ذلك تماشيًا مع مستهدفات خططها للتحول الرقمي المُحققة لرؤيتها 2030؛ ما أسهم في صنع منظومة متكاملة من “الاقتصاد الرقمي”، فضلًا عن أن رؤية 2030 كانت محركًا مهمًا للنهوض بالكفاءة الرقمية للمملكة كوسيلة لتعزيز مرونتها الإلكترونية على المستوى الوطني، وصولًا إلى التحول الكامل لتنفيذ كل المعاملات رقميًا بعد أن أنجزت المملكة تركيزها على بناء البنية التحتية الرقمية، واهتمامها بالتقنية، وتنويع اقتصادها الرقمي؛ كمعطيات تسهم في سرعة تحول الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد المعرفة.
اقرأ أيضًا:
الابتكار والإبداع.. ودعم الاقتصاد