يُعد الاحتراق الوظيفي أحد أهم التحديات المهنية الشائعة التي يُواجهها الأفراد في بيئة العمل، ويتمثل الاحتراق أو الإنهاك الوظيفي في الشعور بالإرهاق المستمر، وعدم الرضا عن العمل، وفقدان الحماس والشعور بالتحفيز، والتوتر النفسي المستمر.
بحسب الدراسات التي أجريت في جامعة “هارفارد” الأمريكية فإن الإنهاك الوظيفي يسبب العديد من المشاكل في العمل، بما في ذلك: انخفاض الإنتاجية والجودة، زيادة نسبة الغياب، ارتفاع الأخطاء في العمل، فقدان الموظفين الأكفاء والمؤهلين.
ويعزى انتشار الإنهاك الوظيفي إلى عدة عوامل؛ منها: زيادة الضغط النفسي والعاطفي على الموظفين، عدم الاعتراف بالإنجازات والجهود التي يبذلها الموظف، عدم الشعور بالتحكم في الوظيفة، عدم الشعور بالحماس والرضا عن العمل، كما قد يكون نتيجة عدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية وعدم القدرة على التحكم في الوقت والموارد بشكلٍ فعال.
الاحتراق الوظيفي
علميًا يُمكن وصف الاحتراق الوظيفي بأنه حالة نفسية يشعر بها الفرد في مكان العمل، ومن علامات هذه الحالة الشعور بالإحباط والتعب والاكتئاب وفقدان الشغف في العمل، ويُمكن أن يؤثر الإنهاك الوظيفي بشكلٍ كبير في العديد من جوانب الحياة الشخصية والمهنية، مثل: الصحة العامة وتراجع الإنتاجية وجودة العمل.
ويمكن تجنب هذا الشعور عن طريق اتباع العديد من الإجراءات الوقائية، مثل: تحديد الأولويات في العمل والاستراحة بشكلٍ منتظم والبحث عن الدعم النفسي وتحسين البيئة الوظيفية والعمل على تحقيق الرضا عن العمل.
وقد أظهرت بعض الدراسات الأوروبية أن انتشار الاحتراق الوظيفي في العالم يتزايد بشكل ملحوظ، ففي عام 2020 أظهرت دراسة أجراها باحثون في جامعة “ستانفورد” الأمريكية أن 72% من العاملين يشعرون بالإرهاق النفسي، بينما شعر 64% بالضغط النفسي المستمر، و52% بالإحباط، و43% بالاكتئاب، و28% بالتعب الشديد، و24% بالتوتر العصبي المستمر.
علامات الاحتراق الوظيفي
هناك العديد من العلامات الشائعة التي تدل على الاحتراق الوظيفي، وتشير إلى أن الفرد يُعاني بشكلٍ كبير جدًا من الإرهاق النفسي والعاطفي في بيئة العمل، ومن أهم هذه العلامات:
اقرأ أيضًا: الالتزام بتحقيق الأهداف في الحياة.. كيف تواجه التحديات؟
-
الشعور بالتعب المستمر
إذا كان الموظف يشعر بالتعب والإرهاق الشديد فهذا قد يكون علامة على الاحتراق الوظيفي، وبطبيعة الحال يؤدي العمل المستمر والإجهاد إلى انخفاض مستوى الطاقة والحماسة والإنتاجية، وهو ما يؤثر في جودة العمل الذي يؤديه الموظف.
-
عدم الرضا عن العمل
بالطبع عدم الرضا عن العمل يمكن أن يكون علامة على الإنهاك الوظيفي؛ حيث يميل الموظف الذي يشعر بالإحباط وعدم الرضا عن العمل إلى التذمر والشكوى بشكل مستمر، وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى تراجع الجودة والإنتاجية.
-
فقدان الهدف والاتجاه
يُعتبر فقدان الهدف والاتجاه من العلامات الشائعة التي تدل على الإنهاك الوظيفي، فإذا كان الموظف يفتقد الشعور بالاتجاه والرؤية الواضحة لمستقبله المهني فهذا علامة على الاحتراق الوظيفي، في تلك الحالة يشعر بعدم القدرة على تحديد الأهداف والتركيز على تحقيقها، وهذا قد يؤدي إلى تراجع في الإنتاجية والأداء.
-
الانعزال الاجتماعي
إذ كان يوجد لديك موظف يميل دائمًا إلى الانعزال عن الزملاء في العمل، ويفقد الرغبة في التواصل والتفاعل مع الآخرين بشكلٍ عام، فهذا قد يكون علامة على الإنهاك الوظيفي، وبالطبع يُمكن أن يؤدي الانعزال إلى تراجع في الروح المعنوية والإنتاجية، ويؤثر في جودة العمل بشكلٍ كبير.
-
التعرض للإجهاد النفسي
في كثير من الأحيان يتعرض بعض الموظفين للإجهاد النفسي بشكلٍ مستمر، وذلك دليل على الإنهاك الوظيفي، ولتعلم أن هذا الشعور قد يؤدي إلى ظهور علامات جسدية مثل: الصداع والأرق والتعب الشديد، ويُمكن أن يؤثر في صحة الموظف بشكلٍ عام.
-
نقص الإنتاجية
ربما يُعاني أحد الموظفين في عملك من نقص في الإنتاجية والأداء، وهذا علامة على الإنهاك الوظيفي، وقد يؤدي إلى تراجع في جودة العمل والخدمة التي يقدمها الموظف، وبالتالي يؤثر في الأرباح والنتائج الإيجابية التي يعمل الموظف على تحقيقها.
كيفية تجنب الاحتراق الوظيفي؟
ما من شكٍ في أن الإنهاك الوظيفي هو حالة نفسية خطيرة يجب تجنبها بشكلٍ فعال في بيئة العمل، ويُمكن تجنب هذه الحالة عن طريق اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية الأساسية، وهي كالتالي:
اقرأ أيضًا: التأني في العمل.. أفضل طريق للإبداع
-
تحديد الأولويات
من أهم الإجراءات الوقائية التي يجب تطبيقها لتجنب الإنهاك الوظيفي هو تحديد الأولويات في بيئة العمل؛ حيث يجب على الموظفين تحديد المهام والمسؤوليات الأساسية والتركيز عليها بشكل منتظم؛ ما يُساعد في تجنب الضغط الوظيفي وحالة الاحتراق.
-
الاستراحة والاستجمام
من الإجراءات الوقائية الأساسية لتجنب الإنهاك الوظيفي الاستراحة بشكلٍ منتظم والاستجمام؛ إذ ينبغي على الموظفين الاستراحة وتناول الطعام بشكلٍ منتظم وممارسة الأنشطة التي تساعد في تخفيف الضغط النفسي والتوتر، مثل: اليوجا أو التمارين الرياضية الخفيفة.
-
الحصول على الدعم النفسي
هناك إجراء وقائي آخر يُمكن تطبيقه لتجنب الإنهاك الوظيفي وهو الحصول على الدعم النفسي من الآخرين؛ إذ يُمكن للموظفين التحدث مع أصدقائهم وعائلاتهم وزملائهم في العمل حول مشاكلهم الوظيفية والشخصية، وأيضًا من خلال الاستشارة مع الإخصائيين النفسيين أو المستشارين المهنيين.
-
تحسين البيئة الوظيفية
يُمكن للموظفين العمل بشكلٍ كبير على تحسين البيئة الوظيفية لتجنب الإنهاك الوظيفي عن طريق تحسين العلاقات بين الزملاء والمديرين والاتصال والتواصل في العمل، وكذلك من خلال تحسين بيئة العمل وتوفير الأدوات والموارد اللازمة للعمل بكفاءة.
-
تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية
ينبغي على الموظفين العمل بشكلٍ دائم على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية لتجنب الإنهاك الوظيفي، وذلك عن طريق تحديد الأولويات والوقت المخصص للعمل والوقت المخصص للأنشطة الشخصية والعائلية، كما يُمكن أيضًا تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية من خلال تخفيف الضغط الوظيفي وتحسين بيئة العمل وتعزيز العلاقات في العمل.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
التواصل الرسمي ونقيضه.. مزايا وعيوب
مفهوم الإقالة الصامتة.. إجراء قاسٍ يجب تجنبه
العمل الجماعي.. الطريق إلى الفريق المتناغم
الاستفادة من الخبرات.. ضرورة لا بد منها
ترك الوظيفة.. متى تتخذ قرارك النهائي؟