لم تفتأ المملكة العربية السعودية تطور من أدواتها، وتستفيد من التجارب العالمية في شتى المجالات، وما صناديق رأس المال الجريء إلا خير مثال على ذلك. فلم يكن لهذه الصناديق من وجود في السعودية قبل عشرة أعوام على الأقل، في حين أن هناك نقلة نوعية تحدث حاليًا في هذا الصدد.
وأطلقت المملكة العديد من المبادرات الهادفة إلى جذب رأس المال الأجنبي، وكان من أبرز هذه المساعي: مبادرة الاستثمار الجريء التي أطلقتها هيئة “منشآت”؛ بهدف تنمية القطاع الخاص، وتوفير التمويل اللازم لدعم وتمكين المنشآت الناشئة والصغيرة والمتوسطة، بما يساهم في تحسين جودتها، وتحسين بيئة ممارسة الأعمال بشكلٍ عام في المملكة.
اقرأ أيضًا: الاستثمار المغامر والملائكي.. فرص واعدة بالمملكة
إنجازات سعودية
وعلى الرغم من حداثة مفاهيم الاستثمار المغامر/ الجريء، وما يتعلق به مثل صناديق رأس المال الجريء وخلافه، إلا أن المملكة العربية السعودية تمكنت من تحقيق إنجازات نوعية في هذا الصدد؛ حيث جاءت في المرتبة 12 بمؤشر توافر رأس المال الجريء ضمن أبرز المؤشرات الفرعية في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن مركز التنافسية العالمي.
ويمكن اعتبار هذا الإنجاز انعكاسًا لحرص الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت» على إيجاد بيئة تنافسية تشجع دخول منشآت جديدة إلى السوق، وتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من النمو والتوسع، وإيجاد الحلول التمويلية المناسبة والفرص الاستثمارية؛ وذلك لرفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35% في 2030م.
وأسست «منشآت» في عام 2018 الشركة السعودية للاستثمار الجريء برأس مال يصل إلى 2.8 مليار ريال؛ بهدف المساهمة في نمو وتنويع اقتصاد المملكة، بالإضافة إلى تمكين ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتشجيعهم على استكشاف مجالات جديدة بعدة طرق مثل: تقديم الدعم اللازم والاستثمار الجريء في الشركات الناشئة، الاستثمار في صناديق الاستثمار الجريء بهدف سد فجوات التمويل الحالية.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أسست «منشآت»، أيضًا، جمعية رأس المال الجريء؛ بهدف رفع مستوى المهنية والاحترافية في قطاع رأس المال الجريء والملكية الخاصة، تعزيزًا لدور هذا القطاع في دعم النمو الاقتصادي في المملكة، واقتراح وتحسين الأنظمة والسياسات المتعلقة به، والعمل على زيادة الوعي به، إضافة إلى تحقيق الالتزام بأفضل المعايير المهنية المحفزة للاستثمار في قطاع رأس المال الجريء والداعمة لرواد الأعمال.
اقرأ أيضًا: المملكة تحقق المرتبة 12 في مؤشر توافر رأس المال الجريء
رأس المال الجريء في المملكة
قبل أن نشرع في تبيان واقع رأس المال المغامر في المملكة من المهم الإشارة إلى أن المستثمرين المغامرين قوم محترفون، يتمتعون بملاءة مالية عالية، ويرغبون في الحصول على أكبر قدر من الربح مقابل استثمار أموالهم.
وعادة ما يكون مجموعة من هؤلاء صناديق تسمى صناديق رأس المال الجريء وغالبًا ما يستثمرون هذه الأموال في المشاريع التقنية (الذائعة في المملكة والتي تستحوذ على نصيب الأسد من هذه الأموال)، ثم يعقدون لقاءات مكثفة مع بعضهم، ومقابلة المستثمرين المحتملين وهكذا حتى يعثروا على المستثمر المناسب أو بالأحرى المشروع المناسب.
ولأن المملكة رائدة في هذا المجال؛ جاءت في المركز الثالث من حيث قيمة الاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقيمة بلغت نحو 67 مليون دولار في عام 2019 مقارنةً بنحو 49 مليون دولار في عام 2018، بنسبة زيادة بلغت نحو 37%.
وتبوأت أيضًا المركز الثالث على مستوى الدول العربية من حيث عدد الصفقات التي تم تنفيذها بنحو 71 صفقة خلال عام 2019 مقارنةً بنحو 37 صفقة تم تنفيذها في عام 2018، محققة نسبة زيادة وصلت إلى حوالي 90% خلال عام 2019.
اقرأ أيضًا: خدمات تقدمها المملكة لرواد الأعمال
قطاعات جاذبة
غالبًا ما يكون المستثمرون المغامرون من ذوي الخبرة الطويلة في السوق، وبالتالي لديهم القدرة على اكتشاف واقتناص الفرص التي قد تلوح في المستقبل؛ لذلك ليس بمستغرب أن يكون تركيزهم الأول _في السوق السعودي_ منصبًا على شركات التجارة الإلكترونية، والتي تُعد أكبر القطاعات الجاذبة للاستثمار الجريء في المملكة بنسبة بلغت نحو 27% من إجمالي عدد صفقات الاستثمار الجريء المنفذة في المملكة خلال عام 2019.
وحلت شركات النقل والتوصيل في المرتبة الثانية بنسبة بلغت نحو 9%، وشركات تحليل البيانات وحلول تكنولوجيا المعلومات في المركز الثالث بنسبة بلغت 7% من إجمالي عدد صفقات الاستثمار الجريء في عام 2019.
وجاء قطاع التوصيل والنقل في المرتبة الأولى من حيث قيمة الاستثمار؛ إذ حصل على 26% من إجمالي التمويل المقدم للقطاعات الأخرى، وكان المركز الثاني من نصيب قطاع التجارة الإلكترونية بنسبة بلغت نحو 25%، وحل قطاع التعليم في المرتبة الثالثة بنسبة 13% في عام 2019.
اقرأ أيضًا:
كيف تستقطب المستثمرين ورأس المال الجريء لدعم مشروعك الريادي؟
علي أحمد أبو السعود: الاستثمار الجريء بالمملكة شهد نموًا تجاوز 900%
ما الذي يجب معرفته عن رأس المال الجريء؟