أصبحت ريادة الأعمال اليوم ثقافة للأعمال في العالم كله، وبات تأثيرها قويًا على المؤشرات الاقتصادية للدول؛ حيث تسعى معظم الدول إلى تطوير سوق العمل، وخلق بيئة عمل واستثمار مناسبة، في ظل مفهوم ريادة الأعمال.
ورائد الأعمال هو من رأس ماله الأساسي الموهبة والمهارة التي تتيح له اكتشاف الفرصة التي تصلح لأن تكون مشروعًا مربحًا، ويدبر الموارد اللازمة لها لتحويلها إلى واقع عملي؛ إذ أصبحت المشروعات الصغيرة أساسًا تعتمد عليه الدول في اقتصادياتها ،خاصة وأنها أداة هامة جدًا لحل مشكلة البطالة.
وفي سبيل تذليل عقبة التمويل أمام رواد الأعمال، لجأت الدول إلى تأسيس حضانات أعمال Business incubator ، وهي مجموعة خدمات تقدمها للشركات الناشئة التي تقدم أفكارًا جديدة في سوق العمل.
وتستوعب مشروعات رواد الأعمال فئات مختلفة في المجتمع؛ مثل ذوى الاحتياجات الخاصة والأرامل وغيرهما؛ لتصبح قوة اجتماعية منتجة ومحفزة؛ وبالتالي رفع الضغط عن الحكومات في توفير فرص عمل في الأجهزة الحكومية، كما أن لتلك المشروعات عوائد اقتصادية بزيادة حصيلة الضرائب في الموازنة العامة، وعوائد اجتماعية بتقليل نسبة البطالة، وخفض معدلات الجريمة وتقليل نسب الهجرة.
وقد كان للمجتمع المدني في العالم العربي، دور في تطبيق علمي لريادة الأعمال وخصوصًا مع طلاب المدارس؛ وذلك من خلال مؤسسة إنجاز العرب، والتي كانت قبل 10 سنوات المنظمة الوحيدة غير الربحية في العالم العربي في تمكين وتدريب الشباب على مهارات الريادة والقيادة؛ من خلال برامج تعليمية عملية تُطبق في المدارس والجامعات، بالتعاون مع متطوعي القطاع الخاص في المنطقة؛ حيث استطاعت المؤسسة خلال هذه الفترة من تمكين أكثر من 1.5 مليون طالب وطالبة في العالم العربي من خلال تواجدها في 15 دولة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان.
تقوم “إنجاز العرب” بإعداد شباب المنطقة للنهوض بسوية الاقتصاد العربي من خلال برامج تدريبية تحث الشباب على روح المبادرة لديهم، والسعي إلى تحقيق طموحاتهم بإنشاء مشاريع ريادية أو الدخول في سوق العمل؛ وذلك من خلال شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص في المنطقة.
وتكمن أهمية مؤسسة إنجاز في العالم العربي في نشر ثقافة ريادة الأعمال وثقافة العمل الحر وأثر ذلك في التنمية الاقتصادية، فهناك أسباب عديدة للاتجاه إلى ريادة الأعمال في العالم العربي؛ منها الغموض الوظيفي، وضعف الرواتب، والبطالة، والبطالة المقنعة وبُعد مجالات الدراسة الأكاديمية عن الربط بسوق العمل، وعدم تحقيق الشباب ذواتهم من خلال الوظائف التقليدية.
في مصر تم إنشاء مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال “TIEC”؛ لتعزيز الإبداع وريادة الأعمال في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وإقامة اقتصاد قائم على الإبداع عبر وضع الاستراتيجيات، وإرساء مفهوم الملكية الفكرية في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها، والعمل كمحفز بين الحكومة والقطاع الخاص والجامعات وإدارة المكونات المختلفة لبيئة العمل.
نتج عن مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال في مصر، إطلاق منصة إبداع مصر وهي منصة إلكترونية للابتكار، توفر مصدرًا للإلهام والتعليم والتواصل للمبتكرين ورواد الأعمال، وتهدف إلى إسقاط الضوء على المبتكرين المصريين محليًا وعالميًا، وخلق نقاط التقاء فيما بينهم، وبناء مجتمعات تعاونية بين ممثلي بيئة الابتكار وريادة الأعمال المصرية.
وتتجلى أهمية ريادة الأعمال في أنها تبحث دائمًا عن حلول للمشكلات المجتمعية، فعلى سبيل المثال ابتكر مهندسون مصريون تطبيقًا هاتفيًا بمسمَّى “بيقولك” لمعرفة حالة الطرق في القاهرة وباقي المحافظات المختلفة؛ وذلك لحل مشكلة الزحام المروري في مصر.
ول تشجيع ريادة الأعمال في الإمارات ، تم إنشاء “مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة”، بهدف تأسيس الأعمال الجديدة، عبر توفير منصة للأفكار والدعم المادي لبث روح ريادة الأعمال لدى المواطنين، ورفع الوعي لديهم بفرص العمل، ودعم المشروعات التي يتولون إدارتها.
وقد أسست المؤسسة صندوقًا لهذا الغرض برأسمال 700 مليون درهم، يعمل وفق مبادئ الصيرفة الإسلامية، لتقديم المال بشروط تفضيلية لرواد الأعمال الجدد ولأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة القائمة، كما تقدم المؤسسة نصائح حول أساسيات بدء المشروع، وحماية أفكارك، والتخطيط للعمل، والتمويل، والتسويق، والنواحي القانونية.
وفي تونس اجتمع أكثر من 50 مبتكرًا تونسيًا، للخروج بطرق جديدة لمكافحة الإرهاب، بعد الاعتداء الإرهابي الذي حصل في يونيو 2015 ؛ حيث شاركت 8 فرق في فعالية “ريادة الأعمال ضد الإرهاب” فتم طرح عدة مبادرات؛ مثل مركز لإعادة التأهيل يُسمّى “الفرصة الثانية”، وسلسلة فيديوهات بعنوان “أخبرني عن الإسلام” لإظهار القيم الحقيقية لشريعة الإسلام الخاتمة، و”ثورة العقل” ؛ وهي لعبة مصمّمة لمحاكاة المجتمع التونسي وإيجاد بديلٍ للعقلية الإرهابية.
إنًّ ريادة الأعمال من أهم الحلول الاقتصادية والاجتماعية الابتكارية، وهي خطوة، البداية فيها هي الفكرة، فالأفكار الصغيرة من الممكن الآن أن تكون أعمالًا عظيمة في المستقبل، فإن كنت بدأت تفكر في ريادة الأعمال، فإن هدف المقال قد وصل إليك.