رجل صاحب رؤية ثاقبة ومنهج متكامل، مخلص لعمله ومتفانٍ فيه، سيرته الذاتية إمتداد لمشوار طويل لعطاء ممتد، فهو من أعلام العمل العام بالمملكة العربية السعودية، حاورناه بكل سهولة وبساطة حول هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي عين مؤخًرا محافظًا لها، فإلى ما خرجنا به من إفادات.
بدايًة ما هو الإطار المحدد لمسمى المنشآت الصغيرة والمتوسطة من حيث الحجم والتكلفة؟
المعايير التي تحدد من هم المنشآت الصغيرة والمتوسطة عالميًا تعتمد في الأغلب على حجم العمالة وعددها وحجم المبيعات. نحن في المملكة العربية السعودية لم يكن لدينا معايير محدده متفق عليها، ولا تعريف متناسق مع الأطراف المتعددة، مثلًا بعض القطاعات كان لها معيار خاص بها والبنوك كان لها معيار، كذلك الغرف التجارية لها معاييرها. ونحن حتى الوقت الراهن لم نفرغ من وضع المعايير الخاصة بالهيئة ونعمل عليها، ووجدنا ضمن إطار رؤية 2030 أن هنالك معايير عالمية متبعة، وقلنا علينا أن نتبع التجارب العالمية الكبرى ونطبق نظام الكتل الاقتصادية العالمية، ونعتمد أفضل المعايير المتبعة دوليًا، وستكون هذه هي توصياتنا في وضع الإطار المحدد لتعريف المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
تهدف الهيئة إلى تنظيم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد داخل المملكة ويجيء هذا تزامنًا مع التحول الاقتصادي الذي تضعه المملكة، ما هي الآلية التي من خلالها تحققون هذا العمل الضخم؟
أهم شيء أن تكون لنا نظرة شمولية حتى لا نغفل جانب وننظر لجانب آخر، قد تكون لنا مبادرات تحتاج وقت حتى نرى ثمارها وبعضها تتحقق اليوم وغدًا، لدينا اليوم أكثر من 100 مبادرة قيد التنفيذ، ومن الضروري أن يكون هنالك تواصل ما بيننا وأصحاب المشاريع.
ومن آليات تطوير العمل بالهيئة، أن نتعرف على مشاكلهم ومعوقات الاستثمار التي تواجههم، ونريد أن نتواصل مع كل مدن المملكة للتعرف على المشاكل الخاصة بكل مدينة وكذلك نريد أن نفهم ما هي احتياجات أصحاب المشروعات ونفهم ما هي مشاكل الجهات الحكومية حتى نتمكن من القيام بدور التنسيق. نريد الوصول للدول الرائدة على مستوى العالم في المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدراسة تجاربهم. وما زالت الهيئة في بدايات التكوين ولم تمض سنة على إنشائها، ونحن ننظر اليوم للنماذج الناجحة عالميًا وهنالك دول سبقتنا بـ 70 سنة في المجال ولكننا هل سننتظر “70” سنة لنصل لما هم عليه الآن؟ لا بل سنبدأ من حيث انتهى الآخرون، ولذلك ننظر للنماذج الناجحة ونقوم بتوليف النماذج التي نختارها لتتناسب مع متطلبات المجتمع وبحسب حاجتنا لها، وسندرس كل التجارب ونقوم بتطبيقها إن شاء الله.
ومن المهم أن نقول إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا تصب فقط في دعم المحور الاقتصادي، بل أيضًا هي تعمل على محاربة الفقر وتوفير الفرص الوظيفية ودعم المحور الاجتماعي.
رعاية المنشآت الصغيرة والمتوسطة هي التي تعطي مثل هذا القطاع الاستمرارية في السوق، ما هو أبرز ما تقدمه الهيئة لهذه المنشآت من رعاية ودعم، وهل تشمل الرعاية التمويل؟
لدينا مبادرات تصب في اتجاه دعم أفكار المشروعات وهنالك أدوار متعددة من كل المجتمع. على أصحاب المشاريع أن يرتبطوا بأصحاب الفكر، بمعنى أن أصحاب الفكر لديهم دور وأصحاب المال لهم دور، البنوك لهم دور وهكذا، ودورنا الرئيس هو صنع آلية التواصل بين أصحاب المنشآت وكل الأطراف ذات الصلة ومد الشباب بكل الجهات المعنية وتقديم الخدمات كافة من أجل إنجاح المشروعات والرعاية المستمرة.
وجود وزارة التجارة كـ “رئيس لمجلس إدارة الهيئة” متمثلة في شخص الوزير، ما الذي يضيفه لهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟
الوزير هو حامل ملف الاستثمار والجهات التي تتبع لوزارة التجارة والهيئات التي تدور حول الوزارة هي متصلة بهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وبيننا وبينهم اجتماعات مستمرة وأعمال مشتركة، نحن جهة مهمة جدًا في منظومة الاستثمار.
ملف الاستثمار يشمل المشروعات الكبيرة وأيضًا المشروعات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار الخارجي. ونحن جزء من منظومة الاستثمار. وفي الكثير من الدول مثل كوريا مثلًا 70% من الأيدي العاملة تعتمد على الشركات الصغيرة والمتوسطة ،وكذلك الصين معظم صادراتها هي نتاج المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكلها منظومة استثمار. ووجود الوزير على رأس الهيئة يجعلنا جميًعا نتعاون بشكل أفضل، ويدعم كثيرًا أعمال الهيئة. ولدينا اجتماع دوري كل أحد نناقش فيه مثل هذه الأمور، والتنسيق بيننا وبين بقية الأطراف موجود ويصب في مصلحة العمل.
الشباب في المملكة تدور الكثير من مشروعاتهم حول مجالات تقليدية.. كيف يمكن تطوير أفكارهم؟
نعم هنالك مشروعات تقليدية، والذين يقومون بمشروعات تقليدية سيتعرضون للمنافسة الكبيرة وهذا يقلص من فرص نموهم؛ لذلك نتمنى أن يلجأوا للابتكار وهو تطوير حتى التقليدي؛ مثل إدخال أفكار حديثة مثلًا على المطاعم وكيفية تطوير هذه الفكرة التقليدية وإدخال الجديد عليها وهكذا، أو أن يأتوا بأفكار جديدة يشاركهم فيها المستثمرون.
ما رؤيتكم المتكاملة للهيئة لتغطي جميع المنشآت الصغيرة والمتوسطة اليوم ومستقبلاً؟
نتوقع نقله نوعية كبيرة إذا تضافرت الجهود، ليس على مستوى المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع وزارة التجارة وحسب، بل جهود الدولة مع القطاعات المختلفة. وعملنا يتداخل مع كل القطاعات من وزارات وجامعات وغيرها؛ لأن المنشآت الصغيرة والمتوسطة موجودة بكل القطاعات. واليوم لكل دول العالم خطط واستراتيجيات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكان طموحنا في يوم من الأيام أن ننفذ حلمنا بعمل هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. واليوم تحقق حلمنا وأصبح واقعًا.
نحاول أن نحدد أدوارنا داخل هذه القطاعات ونفكر في كيفية تطوير ما يلينا فيها. فلهذه القطاعات دور ونحن لدينا دور ويجب تنسيق هذه الأدوار؛ حتى يعرف كل قطاع كيف يمكن أن يخدم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لأهمية هذه المنشآت ودورها في الدعم الاقتصادي والاجتماعي.
النساء في المملكة بعضهن عازفات عن العمل والبعض الآخر مقيدات بالبيئة العامة والتي لا تساعدهن على الخروج والتواجد مع الرجال في مكان واحد، كيف يمكن دعم قطاع المرأة لدخول سوق العمل؟
نعم جزء من النساء عازفات عن العمل، والبعض الآخر يرغب في الدخول لعالم العمل. ويجب علينا أن نمضي في مساعدة النموذجين. وبالنسبة للّاتي لا يرغبن في الخروج للعمل نحاول خلق فرص وظيفية لهن من المنزل، وهذا يساعدهن على الدخول في العمل ونحن نعمل على ذلك، ولكن للمرأة دور مهم جدًا ونحن نسعى لمعالجة الأمر وتوفير سبل البيئة المناسبة باستخدام التقنية التي تساعد على اللقاءات من بعد والمكاتب الجاهزة.
تقلدت منصب محافظ الهيئة مؤخرًا رغم انشغالك بالتزامات ضخمة منها عضويتك بعدد من الشركات بجانب شركاتك الخاصة، حدثنا كرجل أعمال عن كيفية توظيف الوقت ما بين الشركات والمسؤوليات العامة والبيت؟
هذا سهل جدًا، أنا من يوم أن كلفت بهذه المهمة تنازلت عن جميع المناصب الخاصة بي وتفرغت للعمل، وحتى العضويات الخاصة تنازلت عنها عدا بعض العضويات التي لها علاقة بالهيئة. وصراحة كنت أعتقد أن العمل الحكومي سهل وفيه وقت كثير، لكنني فوجئت بعد تفرغي للهيئة بأنني أعمل لأول مرة لساعات طويلة أطول من التي عملت بها في حياتي.
أما بالنسبة لموضوع العائلة مثل كل شخص، كلنا نعاني من هذه المشاكل.